ليس الجمال بأثوابٍ تزينُنا … إِن الجمالَ جمالُ العقلِ والأدبِ
الأخلاق جمعت كل أنواع الحسن والجمال والروعة والأناقة والفخامة والأبهة؛ ولهذا أحبها كل الناس، وأُمرنا بالتعامل بها مع كل الناس مع الصغير والكبير والرجل والمرأة والغني والفقير والصالح والطالح , فقال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83], وقال صلى الله عليه وسلم: "وخالق الناس بخلق حسن", أي كل الناس على اختلاف أجناسهم وألوانهم وأديانهم وأوطانهم.
والأخلاق هي أقصر طريق يوصلك إلى محبة الله, كما في الحديث: " إن الله يحب معالي الأخلاق ويكره سَفْسَافَهَا", فهذه المعالي قد فُطر الناس على محبتها, وبها يوضع القبول للعبد في الأرض وفي الحديث: " إذا أحب الله تعالى العبد نادى جبريل إن الله تعالى يحب فلانا فأحببه, فيحبه جبريل, فينادي في أهل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه, فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض".
والأخلاق أيضاً هي أقصر طريق للوصول إلى محبة رسول الأخلاق صلى الله عليه وسلم, ومن هذا الطريق المختصر وصل أسامة بن زيد إلى محبة الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ, رغم أنه كان دميم الخِلقة حتى تخيل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن أسامة جاريةٌ غيرُ مرغوبٍ فيها؛ فبالغ في تزينها؛ ليتنافس عليها الخُطاب, ولكن دمامة زيد لم تمنعه أنْ يكون حِبَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؛ بأخلاقه وكريم شيمه وصفاته.
هذا في الدنيا أما في الآخرة, فقال صلى الله عليه وسلم: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً", وقال صلى الله عليه وسلم -: "ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق"
والأخلاق هي أقصر طريق للوصول إلى محبة الناس فإذا حسنت أخلاق الإنسان كثر مصافوه، وقل معادوه، فتسهلت عليه الأمور الصعاب، ولانت له القلوب الغضاب, وقبل الناس بمصاهرته, ورحبوا بتزيج بناتهم له, قال صلى الله عليه وسلم: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد عريض".
وإذا حسنت أخلاق التجار كثر زبائنهم وعملاؤهم وزادت أرزاقهم, ففي قصة تاجرين متجاورين أحدهما يبيع عسلاً والآخر يبيع خلاً, وبائع الخل عليه زحام شديد, وبائع العسل لا يشترِي منه أحد, فسأل بائع العسل بائعَ الخل عن اقبال الناس عليه وإعراض الزبائنِ عنه, فقال بائع الخل أنا أبيع الخل بلسان عسل وأنت تبيع العسل بلسان خل, فكنوز الأرزاق في سعة الأخلاق, فالمال والجمال وصلاح الحال يكمن في جمال الأخلاق ومعالى الآداب.
إني شممت من العطور جميعِها وعرفت أطيبها على الإطلاق
كل العطور سينتهي مفعولها ويدوم عطر مكارم الأخلاق