رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

احمد الكنانى يكتب: "صفقة القرن" من ترامب إلى بايدن

مشروع "الممر الاقتصادي الهندي- السعودي - الإسرائيلي"، هو شكل متطور من "صفقة القرن" الأمريكية، التي طرحها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ونفذ بالفعل بعضا منها، وفي مقدمتها الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية  لإسرائيل، وأشياء أخرى تمت بيد بعض العرب.
الرئيس  الأمريكي الحالي جو بايدن، يشترك مع ترامب، ومع كل من سبقه من الرؤساء الأمريكيين، في استراتيجية واحدة، وهي إدماج إسرائيل بكامل مشروعها الصهيوني الاستعماري الاستيطاني، في المنطقة العربية، وتمكينها من من السيطرة عليها سياسيا وإقتصاديا وعسكريا، دون تقديم أي تنازلات أو حقوق للعرب.
في أمريكا، وفي الدول الكبرى، ذات المؤسسات العميقة القوية الراسخة، يتغير الرؤساء، وتظل الاستراتيجيات ثابتة، لأن الهدف الأساسي هو المصالح العليا للدولة، وهذا مايلتزم به الجميع، في إطار عام متفق عليه، ولكل رئيس تفاصيله بعد ذلك.
السياسة الأمريكية في المنطقة العربية، تضع إسرائيل في المرتبة الأولى على الدوام، وتبنى على ضوء ذلك كل مشروعاتها وتحركاتها وأهدافها الاستراتيجية الحقيقية، منذ نشأة إسرائيل، في مايو 1948، على الرغم من كل مايقال عن الصداقات العربية - الأمريكية. 
وهذا ماحدث طوال العقود الماضية، ويحدث حاليا بالفعل على أرض الواقع في مشروعات متنوعة، من بينها الآن مشروع "الممر الإقتصادي الهندي- السعودي- الإسرائيلي"،  مهما قال بعض العرب غير ذلك، ومهما قالت أمريكا أيضا غير ذلك. 
والشواهد كلها،  على مدى أكثر من 75عاما، تثبت وتؤكد أن السياسة الأمريكية لم تنصف العرب في أي يوم في مواجهة إسرائيل، والسجل الأمريكي في الحروب العربية - الإسرائيلية موجود، وكذلك مواقفها  في عديد من جولات المفاوضات العربية، منذ  مفاوضات "كامب ديفيد"، مرورا بمؤتمر مدريد عام1991، ثم مفاوضات "أوسلو".
والمواقف والسياسات  الأمريكية ذاتها  كانت ولاتزال واضحة جلية في المؤسسات الدولية ضد العرب، ومنها استخدام "الفيتو"، بمجلس الأمن الدولي، مرارا وتكرارا لصالح إسرائيل طوال 75عاما.
مواقف وسياسات أمريكا مشهودة في الضغط على النظم والدول العربية، دون استثناء، للتقارب والتطبيع مع إسرائيل، وظهر  هذا  في تسابق كل من البرهان وحميدتي، للتقرب من تل أبيب، إرضاء لواشنطن، بعيدا عن تطلعات الشعب السوداني، فقاد الاثنان  السودان إلى الجحيم، وكذلك في تقارب المغرب مع إسرائيل للفوز بقضية الصحراء على حساب أصحاب القضية أنفسهم، وعلى حساب الجزائر، فانتقلت الجارتان العربيتان  من حالة الخلاف إلى حالة العداء.
أمريكا تريد لإسرائيل، اليوم قبل الغد،  أن تتولى قيادة المنطقتين العربية والأوسطية نيابة عنها، نظرا لرغبتها في التفرغ من أجل مواجهة الصين وروسيا، لأنها الخطر الأصيل والمتجدد بالنسبة لها.
وقد نجحت أمريكا في توظيف أطماع إيران، وتركيا، وأثيوبيا، ضد المصالح العربية، من أجل تمكين إسرائيل، على حساب كل الدول العربية، وعلى حساب هذه الدول الثلاث أيضا، دون أن تقطع مع هذه الدول حبال الود والتفاهم، فدورها قائم ومستمر .
مع العلم أن إسرائيل هي صاحبة هذا المخطط برمته من الأساس، والذي بدأ في أعقاب انتصار حرب أكتوبر المجيدة  تحت مسمى"نظرية شد الأطراف"...وتلك قصة طويلة.
أمريكا وإسرائيل، ومعهما بريطانيا أيضا،  هم أصل كل البلاء في المنطقة العربية، والقادم أسوأ مالم ينتبه العرب، ويتضامنوا فيما بينهم، بعيدا عن السقوط في مخططات ومؤامرات واشنطن وتل أبيب، لانقاذ بلدانهم وشعوبهم، ورقابهم أيضا، فدروس نهايات صدام حسين، ومعمر القذافي، وعلى عبدالله صالح، يصعب أن ينساها التاريخ العربي، فكلهم وغيرهم خدموا مصالح أمريكا وإسرائيل بشكل أو آخر، بقصد أو عن جهل ورعونة.
إذا استمرت السياسات العربية على نهجها الحالي، تحت عباءة أمريكا وإسرائيل، فسوف تسقط المنطقة بالكامل في يد إسرائيل، بكل مايعنيه ذلك من تفكيك وتفتيت للدول العربية. إسرائيل تخطط وتعمل بدأب على تقسيم كل الدول العربية إلى كانتونات صغيرة هشة، على أسس طائفية وعرقية وثقافية، مثلما كان الحال في وقت الحملات والحروب الصليبية، كي تستمر  هي في البقاء، لأن إسرائيل نفسها هي إمتداد لهذه الحروب بشكل معاصر.
إن قوة إسرائيل الحقيقية تكمن في إضعاف العرب، وكلما ضعف العرب زادت هي قوة وهيمنة وغطرسة، فهدف إسرائيل كل العرب بأرضهم وتاريخهم ومقدساتهم وثرواتهم بل وحياتهم، دون استثناء.