أقيمت أمسية دينية بمسجد "مركز التنمية الشبابية بمدينة تلا، منوفية"، بتنظيم من "دار الفاروق لتحفيظ القرآن الكريم ودراسة علومه". وحاضر فيها فضيلة الأستاذ الدكتوررمضان عطا الله، رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين والدعوة بالمنوفية، وفضيلة الشيخ رجب أبو إبراهيم، كبير أئمة تلا، وفضيلة الدكتور مهاب جعفر المدرس بكلية الشريعة والقانون بطنطا ،وفضيلة الشيخ عبد الرحمن مهدي، قارئ القرآن الكريم. حول التقويم الهجري والأحكام
يقول الدكتور مهاب جعفر أن لكل أمة من الأمم تاريخ يُسجّل بطولاتها وأمجادها وأحداثها العظام، ولا يمكن تأريخ ذلك إلا عبر التقويم. وهو إما شمسي ناتج عن حركة دوران الأرض حول الشمس، أو قمري ناتج عن حركة دوران القمر حول الأرض.
فالتقويم المصري القديم (القبطي) تقويم شمسي عدد أيام السنة (365.25) ، عدد الشهور 12 ، عدد أيام الشهر 30 يوم، = 360 يوم + 5 أيام نسيء وأما اليهود فهم يعتمدون التقويم الشمسي وقد أرخو لتقويمهم بداية من خراب بيت المقدس وعند النصارى فهم يعتمدون التقويم الشمسي وقد أرخو لتقويمهم بميلاد المسيح عليه السلام.
ويضيف أما العرب فهم يعتمدون التقويم القمري وعدد أيامه (354) منذ زمن سيدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام حتى عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وجاء معه القرآن الكريم ليصحح قبح أفعال اليهود والمشركين في تبديل الشهور مكانها ببعض أو تثبيتها كالتقويم الشمسي بمعنى أن التقويم الشمسي 365.25 يومًا، والتقويم القمري 354 يومًا إذا الفارق 11 يومًا.
هذا الفارق يجعل رمضان والحج يدور مع الزمن، ليأتي في الربيع، والصيف، والخريف، والشتاء ويتم دورة كاملة عبر الزمن كل 33 سنة. والحكمة من هذا أن ينال زمن الربيع، والصيف، والخريف، والشتاء شرف الصوم والحج وسائر العبادات فيه، وهذا كان يتعارض مصالح اليهود والمشركين عندما يتناسب موسم الحج ومع موسم وفود أو حركة التجارة، فتتعطل حركة التجارة بسبب موسم الحج، مما جعلهم إما يبدلون الأشهر مكان بعضها ليغيروا زمن الحج، أو يثبتون السنة القمرية مثل السنة الشمسية، ويجعلون لل 11 يوم الفارق شهرًا يسمى النسيء، مثل: التقويم القبطي.
ولهذا قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189]، فالله عز وجل جعل منفعة الأهلة (التقويم القمري الذي يعتمد في حسابه على رؤية الهلال) تكمن في معرفة المواقيت عامة لكافة الناس، ومعرفة المواقيت الخاصة بعبادات المسلمين، وضرب مثالًا بالحج لأنهم جعلوه مختصًا بوقت واحد معين في السنة مع أنه يقع في سائر الشهور مع دوران الزمن، وفي هذا تغيير لأحكام الله عز وجل. لذا نزل قول الله تعالى: { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } [التوبة: 36].
وقوله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ." [رواه البخاري].
والمعنى: أن حساب الشهور في علم الله عز وجل منذ أن خلق السموات والأرض كتب في اللوح المحفوظ، الذي قدر فيه كل شيء أن السنة 12 شهرًا، وأن هذه الأشهر منها 4 حرم، ثلاثة أشهر متواليات ذو الحجة، وذو القعدة، وشهر مفرد وهو رجب الذي بين شهري جمادى الآخرة وشعبان، وهذا هو شهر رجب في موقعه الصحيح كما كانت تفعل قبيلة مضر، أما قبيلة ربيعة فكانوا بيدلون رمضان مكان رجب بحسب المصلحة.