مصر لن تسمح لأحد باختراق حدودها/ استراتيجية القاهرة تجاه القضية الفلسطينية ثابتة
كشف اللواء أركان حرب دكتور «سمير فرج»، المفكر والخبير الاستراتيجى والعسكري، واحد أبطال القوات المسلحة الذين شاركوا فى حرب أكتوبر المجيدة، عن تبعات المشهد الحالى لعمليات قصف غزة، واستمرار جرائم الحرب التى ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائلى ضد الشعب الفلسطيني.
وأكد فى حوار خاص لـ«الإذاعة والتليفزيون» إن مصر لها موقف ثابت وراسخ من القضية الفلسطينية، اعلنه الرئيس السيسي، ليعيد تذكير العالم بأن مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية وتهجير اشقائنا من غزة.
حدثنا عن الدور المصرى فى خدمة القضية الفلسطينية وحجم التضحيات التى قدمتها الدولة المصرية للدفاع عن الأرض المحتلة بداية من حرب 48 مرورا بالعدوان الثلاثى فى 56 انتهاء بنصر أكتوبر 1973.
إن مصر من أول وأكثر الدول التى تولت ودعمت القضية الفلسطينية منذ عهد زعيمها الراحل "ياسر عرفات" ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتحملت الكثير فى تلك القضية بمختلف مراحلها، لكنها لم ولن تقبل أن يقترب أحد من كرامتها أوحدودها، خاصة أن إسرائيل كانت رافضة دخول مصر فى بناء و أحياء مرافق فى غزة ضمن مبادرة إعادة الإعمار العام قبل الماضي، فقد سبق أن طلب الرئيس السادات حكما ذاتيا فى غزة، وكرسى فلسطين كان موجودا خلال اتفاق كامب ديفيد بمينا هاوس لكنهم لم يحضروا حينها.
ومصر رزقها الله برؤساء وزعماء بذلوا مجهودا كبيرا فى القضية الفلسطينية منذ عهد الرئيس عبدالناصر حتى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وهناك 16 مسئولا عربيا وأوروبيا تواصلوا مع الرئيس السيسى بشأن القضية الفلسطينية وهذا يأتى إعمالا لمبدأ مسئولية مصر فى القضايا المهمة بالمنطقة ومحور استقرارها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وتعليق أو تصريح الرئيس السيسى على ما يحدث واضح ويؤكد على أن مصر تعمل بتخطيط وتفكير فى تلك القضية الهامة، وتتابع الوقائع من خلال إدارة الأزمات الإستراتيجية فى تطورات الأوضاع بقطاع غزة، موجها بتكثيف الاتصالات الإستراتيجية لاحتواء الموقف ومنع التصعيد من الطرفين.
ماذا عن تفاصيل المخطط الصهيونى لطرد الفلسطينيين من أراضيهم وإجبارهم على التوجه للأراضى المصرية؟
إن الذى لا يعرفه الكثيرون أن مصر مستهدفة منذ أربعة آلاف عام، والعالم يريد إضعاف مصر، إلى جانب أنها مازالت تدفع الثمن بدفاعها عن القضية الفلسطينية منذ الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، ولكن مصر قادرة بفضل الله ثم بفضل قيادتها الحكيمة وجيشها على حماية حدودها، كما أن الشعب المصرى لن يسمح بذلك وسيقف لكل من تسوله نفسه بأن يفكر فى اختراق الحدود المصرية، والرئيس السيسى كان صريحا فى حديثه بأنه المسئول عن أمن مصر ولن يستطيع أحد أن يفعل ذلك وأن يهدد أمن مصر..
وغزة أصبحت الآن معزولة عن العالم بعد أن قامت إسرائيل بغلق المعابر الأربعة، ولم يتبق إلا معبر واحد، وتم إيصال رسالة من الجانب الإسرائيلى إلى مصر بأنها لن تسمح بدخول المساعدات المصرية إلى غزة وهو أمر مرفوض تماما.
كيف ترى ما فعلته المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر؟
ومن وجهة نظرى أن سبب قيام الفلسطينيين بتلك العملية العسكرية هو أن الحكومة الإسرائيلية قد قامت بالعديد من العمليات التى أغضبت الشعب الفلسطيني، ومنها تدنيس الأقصى ومنع الصلاة فية وقيام متطرفين بالدخول للأقصى بأحذيتهم، وتحويل غزة لأكبر سجن بالعالم والذى احتوى على مليونى فلسطيني، كما قاموا بإغلاق البوابات ومنع الفلسطينيين من العمل ومنع الصيادين من الصيد ومنعت التجمعات الفلسطينية، وقاموا بقتل ١٢٥ فلسطينيا أثناء تولى الحكومة الجديدة.
أين "القبة الحديدية" من صد صواريخ المقاومة والطائرات الشراعية، وكيف نجحت المقاومة فى تجاوزها بكل سهولة ؟
إن المقاومة الفلسطينية قامت خلال تلك العملية بضرب حوالى 5000 صاروخ، والقبة الحديدية التابعة للجيش الإسرائيلى التى بلغت صيانتها مليارات الشيكلات تصدت منها لـ 3000 صاروخ، وبذلك فقد أصبح عدد الصواريخ الصائبة بإجمالى 2000 صاروخ أصابت العديد من الأهداف بتل أبيب، ومنها مطار بن غوريون، مما أصاب الإسرائيليين بالرعب والفزع وقاموا بالجرى وراء بعضهم البعض إثر الفزع والرعب، مما ترتب عليه اعتقال عشرات من الأسرى الاسرائيليين، مما جعل إسرائيل فى كارثة حقيقية، وأصبحت متخبطة ولا تعلم ماذا ستفعل بهذا الموقف، ونلاحظ من ذلك بأن الفلسطينيين هم الذين قاموا بالبدء فى العمليات العسكرية باستخدام الطيران بدون طيار والذى كان مفاجأة للجانب الإسرائيلى بالإضافة للإجراءات العسكرية التى قام بها الفلسطينيون برا، مما كان له أثر سلبى على الحكومة الإسرائيلية المصغرة أثناء إجتماعها ولم يستطيعوا فعل أى شيء سوى تدمير البنية الأساسية فى غزة للانتقام وقطع الكهرباء عن غزة ومنع الصيادين من الصيد وغلق المعابر، متوقعا بأن الفلسطينيين قد يكونون جاهزين لكل هذه الأعمال، وأن إسرائيل تخشى من القيام باجتياح غزة أواحتلالها لأن مثل هذا الإجراء صعب تحقيقه، ولأن المدن هى مقبرة الجيوش ولو دخلت إسرائيل سوف تخسر كثيرا ولن تقوم بأية أعمال أخرى لكى لا يصيب الأسرى أى مكروه، خاصة أن عدد الأسرى هو عدد كبير.
كيف نجحت المقاومة الفلسطينية فى اختراق الجدار العازل الضخم بكل ما يمتلكه من أجهزة متطورة لكشف دبة النملة وفق تصوير دولة الاحتلال؟
نحن جميعا كعالم عربى ما يشغلنا هو الوصول للسلام وليس الاستمرار فى الحرب، واستراتيجيا أتوقع أن تلك العملية قد تكون أخذت لتجهيزها حوالى شهرين أوثلاثة أشهر على الأقل للتخطيط والتدريب والتنفيذ، دون أن يعلم عنها الموساد أى شيء وهذا يعد كارثة كبرى لإسرائيل، كما أن الإسرائيليين أقاموا حائطا بملايين الشيكلات على الحدود لا يستطيع أحد أن يتعداه، إلا أن الفلسطينيين استطاعوا أن يتخطوه بالطيران الشراعى واقتحموا هذا الخط، والذى كان يليه مستوطنات أقاموها بمليارات الشيكلات كخط دفاع أول لإسرائيل، ولكن المقاومة أيضا استطاعت اختراقه بالكامل، ودخلت ثلاث مستوطنات.
وفى المشهد الحالى أرى أن القوة لا تحقق السلام، ونضرب مثالا واقعيا لذلك وهوالدرس الذى حفره التاريخ بحروف من نور وذلك بانتصارنا فى حرب ٦ أكتوبر عام١٩٧٣، وقيام مصر بعد ذلك بالدخول فى مفاوضات لتحقيق السلام، ولكن الحكومة الإسرائيلية بتعنتها وتشددها مع غزة لن تحقق السلام، وأن التاريخ سجل أن "موشيه ديان" و"جولدا مائير" سقطا من الحكومة الإسرائيلية بعد هزيمة ١٩٧٣م.
ماذا عن تشكيل حكومة "نتنياهو" مجلس حرب وتداعيات استخدام الاسلحة المحظورة فى مواجهة الاطفال والنساء والشيوخ؟
بلا شك أن هذه الضربة الفلسطينية ستسقط "نيتانياهو" وحكومته لأن إسرائيل لا تتحمل مزيدا من الضربات التى تلقتها جراء عملية "طوفان الأقصى"، كما أن الشعب الإسرائيلى لن يقبل بقاء الحكومة الجديدة والتى جلبت لإسرائيل العار، وأن ما فعله الفلسطينيون كان ضربة قوية، وأن التاريخ سوف يسجل المشكلة الفلسطينية الإسرائيلية قبل وبعد تاريخ ٧ أكتوبر عام٢٠٢٣ وسوف يوجد شكل جديد، والمتوقع أن إسرائيل لن تنهى عملياتها هذه على قطاع غزة فى وقت قريب؛ بسبب حرج الحكومة الإسرائيلية أمام الشعب، ولكن أتمنى أن ينتشر السلام لصالح الشعب الفلسطينى والطرفين والمنطقة أجمع لكى يعيش الناس فى سلام.