رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب: احترام الطابور

من المكارم الأخلاقية النبوية الراقية احترام الطابور ومكان الغير ومجلسه فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "لا يقوم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه", ولقد مدح الشرع الحنيف حسن النظام ورغب فيه, وأنزل فيه سورتين:
السورة الأولى سورة الصافات التي تتحدث عن  الملائكة وحسن صفها وجمال نظامها عند ربها, فتقول الملائكة: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ}[الصافات: 165 - 166].
ويخبر ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن البيت المعمور الذي يصلى فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه, أي يتشوق كل مَلك لدخوله مرة ثانية ولكن ينتظر دوره, ويحترم طابوره حتى تقوم القيامة, فتأتي القيامة دون دخوله مرة ثانية, لكثرة أعداد الملائكة التي لا يعلم عدده إلا الله؛ حتى رغب ـ صلى الله عليه وسلم ـ في اصطفاف المصلين كاصطفاف الملائكة عند ربها.
أما الفوضى اليسيرة أو الخلل اليسير في تنظيم الصفوف فهو من عمل الشيطان, وفي الحديث: "وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل, ولا تذروا فرجات للشيطان"؛ لأن الصلاة شُرعت ومن أهم أهدافها: الحفاظ على النظام الزمني للخمس صلوات, والحفاظ على النظام المكاني في المساجد, والحفاظ على الصف مع الآخرين فلا يتعدى مكان غيره ولا يتجاوزه, والقدم في القدم والكتف في الكتف يستوي الصف, والشيطان الرجيم لا يرغب في شيءٍ من هذا.
ولخطورة الفوضى وأهمية النظام دعا ـ صلى الله عليه وسلم ـ  للمنتظمين, ودعا أيضا على العشوائيين, فقال "ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله"؛ لأن العشوائية في الصلاة, ينتج عنها عشوائية في الحياة كلها. 
السورة الثانية: سورة الصف, وهي التي تحدثت عن المجاهدين في سبيل الله وعن حسن صفهم وجمال نظامهم, فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}[الصف: 4], ونحن نعيش في هذه الأيام عيد تحرير سيناء, وما حرر الجنود المصريون أرض سيناء إلا بـ بحسن النظام ودقة الترتيب وبراعة التخطيط والتنفيذ. 
وتُسأل جولدا مائير متى ينتصر العرب علينا؟ فتقول: إذا علموا أن للـ (أتوبيس) باب للدخول وباب آخر للخروج. وصدقت فيما قالت.
حينما يقدر العرب النظام, ويحترمون طابور الصباح, وقواعد المرور, ويتركون الفوضى والتزاحم والتدافع في المواصلات, وأمام المخابز والأفران, في العيادات والمستشفيات, وفي الجامعات والمعاهد والمدارس يحق لهم النصر.
ولقد مدح القرآن الكريم الطير, وحسن انتظام أفواجها, وجمال صفوف جماعتها, فقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ }[الملك: 19], أما الأمة فمهما كَثُر عددها فهي مع الفوضى والعشوائية, أمة هزيلة وضعيفة, تتكالب عليها الأمم, كما في الحديث: "يوشِكُ أن تَداعَى عليكم الأُممُ كما تَداعَى الأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها" فقال قائل: ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ ‌كغثاء السَّيلِ".