رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب: التأثر بالقرآن

لماذا لا نخشع عند سماع القرآن؟ لماذا تخشع الأحجار والأشجار والجبال كما قال الله تعالي: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}[الحشر: 21] ولا نخشع نحن؟ والجواب أننا لانفهم القرآن, فأعرضنا عن القرآن, كما إذا أرسل إليك أحد رسالة على (الواتس) بلغة مجهولة, فلن تفهم الرسالة, ولن تهتم بها, وبالتالي لن تؤثر فيك؛ ولهذا كانت الحرب في الأساس على لغة القرآن, حتى لا يفهم الناس القرآن ولا يعملون به, ولا يتخلقون بأخلاقه. 
أما إذا قرأ الإنسان القرآن وفهمه وتفاعل معه, فلا شك أن يؤثر فيه القرآن رقة وخشية, كما قال تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 23].
ومن أسباب حصول التأثر بالقرآن طول مصاحبة القرآن, لا مصاحبته في رمضان وهجر تلاوته وهجر العمل به والتخلق بأخلاقه طيلة العام.
كذلك التفاعل مع آيات القرآن كما كان هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع القرآن إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوّذ تعوّذ, حتى شيب القرآن رأسه, فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ شيبتني هود والواقعة والمرسلات؛ لأنها تتحدث عن أهوال القيامة.
وهذا ملياااااااااردير الصحابة عبد الرحمن بن عوف, الذي كان يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدا ولآخرته كأنه يموت غدا, وعن تأثره بالقرآن, يقول  عبد الله بن عباس: "‌لم ‌أر ‌رجلا ‌يجد ‌من ‌القشعريرة ‌ما ‌يجد ‌عبد ‌الرحمن ‌بن ‌عوف ‌عند ‌قراءة القرآن".
بل كان هذا حال أكثر الصحابة الذين وصفهم القرآن بقوله: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ}[المائدة: 83].
وكان المشركون أنفسهم يتأثرون بالقرآن لفهمهم إياه, فلما سمعه الوليد بن المغيرة, قال فيه رغم كفره به: "والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة, وإن ‌أعلاه ‌لمثمر وإن أسفله لمُغدق, وإنه يعلو ولا يعلى عليه, وما هو بقول بشر", حتى تأثر به أبو جهل والأخنس بن شريق وأبو سفيان بن حرب, حيث كانوا يخرجون من الليل؛ حتى لا يراهم أحد ويأتون الحجرة النبوية ليستمعوا إلى القرآن من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يصلي بالليل, حتى إذا طلع الفجر تفرقوا إلى بيوتهم.
بل انظر إلى جلسة قرآنية واحدة كيف أثرت في نفر من الجن, حتى وصف القرآن تأثرهم به, فقال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنْذِرِينَ} [الأحقاف:29].
أما من لا يتأثر  بالقرآن ولا يؤثر القرآن في فكره ولا عمله ولا أخلاقه فلن تنفعه كثرة التلاوة المجردة عن التدبر والتأمل, كما وصف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخوارج الذين يكثرون من قراءة القرآن, ولكن لا يجاوز حناجرهم, فيمرقون من الدين سريعاً كما يمرق السهم من الرمية.