يااااااااااااليت قومي يعلمون ﴿بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ﴾[يس: 27], هكذا يصيح مؤمن آل يس فرحا بمغفرة الله له, وتَلَهَّفَ أن يَعلم قومه ما أصابه من كرامة الله تعالى, وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقوم من الليل حتى تَتَشقق قدماه شكراً لله على أن غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر, فمن غَفر الله له فهو عنده من المُكرمين.
هذا وقد أظلنا شهر الكرامة والمغفرة, والتي أكد عليها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ, فقال في الأحاديث: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه, ومن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه, ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".
وبعد أن غفر الله للصائمين الله تعالى يؤهلهم لعدة منازل, أهمها:
1ـ النجاة من النار, ففي الحديث: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْماً في سَبِيلِ اللهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفَا" أي مسافة سبعين سنة, وذلك حينما يشفع الصيام للصائم, ويقول: "يا رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه", فيُشَفَّع الصيامُ في أهله.
2ـ دخول الجنة من باب الريان, قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إنَّ في الجَنَّةِ بَاباً يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أحدٌ غَيْرُهُمْ", فلما عطش الصائمون لله أدخلهم الله الجنة من باب الريان, وحَرَّمَ عليهم الجوع والعطش.
3ـ الثواب العظيم الذي جاء في الحديث القدسي: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَام، فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ", فالأعمال تتضاعف إلي سبعمائة ضِعف حَسْب نية العباد, إلا الصوم فلا يَعلم ثوابه إلا الله؛ ولهذا قال الله تعالي عن ثواب الصابرين: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر: 10]؛ وذلك لأن الصوم عبادة خالصة لله وحده, فهو سر بين العبد وربه, ولا يستطيع أحد أن يرائي فيه؛ ولا يُمَيِّز أحدٌ بين صائمٍ ومفطرٍ؛ ولهذا حث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على كثرة الصيام؛ لأنه لا عِدل له ولا مَثيل له في الأجر والثواب.