رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب: نور القرآن

قال الله تعالى عن نور القرآن: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا} [النساء: 174], ومن أسماء القرآن: الفرقان، كما قال تعالى:{تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ‌ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان: 1]، وسُمي القرآن بالفرقان؛ لأنه يفرق ويميز بين الحق والباطل والحلال والحرام و‌الغثّ ‌والثمين وأهل الجنة وأهل النار.
وكل من صاحب القرآن ولازم القرآن اقتبس من صفات القرآن, كما يقتبس الصاحب من صفات صاحبه, ومن صحب القرآن أعطاه الله نورا في قلبه وبصيرة وفراسة وتمييزا في صدره, كما قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّكُمۡ ‌فُرۡقَانٗا}[الأنفال: 29], كما اصطبغ عمر بن الخطاب بصبغة القرآن وبنور القرآن، فكان عمر هو  الفاروق, وكان المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ  دائما ما يسأل ربه هذا القرقان وهذا النور القرآني ويقول: "اللهم اجعل القرآن ‌ربيع ‌قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي", وكما نوَّر القرآن قلوبهم في الدنيا القرآن يُنَوِّر قبورهم، وآخرتهم, ويُنَوِّر وجوههم عند لقاء ربهم, {يَوۡمَ ‌تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوه}[آل عمران: 106].
وهذا الإمام أبو حنيفة الذي صاحب القرآن ولازم القرآن, حيث كان يجمع القرآن كله في ركعتين من الليل حتى زاده القرآن فراسة وبصيرة, فقد سأل رجلٌ أبا حنيفة أن يشتري منه قارورة ماء، فاشتراها الإمام بمائة دينار، فلما انصرف الرجل عاتب ابن أبي حنيفة أباه, وقال يا يا أبتي: إن قارورة الماء لا تساوي نصف دينار، فكيف تشتريها بمائة دينار؟! فقال يا بني إن هذا الرجل قد احتال ببيع الماء ليحفظ ماء وجهه عن ذل السؤال, وماء وجهه عندنا أغلى من مائة دينار, وهكذا يرى  المؤمن  بنور الله، ويبصر حقائق الأمور بنور القرآن.
أما أهل الباطل الذين نبذوا القرآن وراء ظهورهم فقد انطفأ نور قلوبهم، فهم في ظلماتهم يعمهون, فلا يبصرون ولا يفرقون بين حق أوباطل ولا بين خير أوشر, وحالهم كحال الكوز المنكوس الذي لا يعرف معروفا، ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه, هذا عمى قلوبهم في الدنيا، أما عماهم في الآخرة فقد قال تعالى: {وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ‌ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ ١٢٤ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا 125 قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتۡكَ ءَايَٰتُنَا فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمَ تُنسَىٰ ١٢٦ }[طه: 124-125].