تقع قرى في حسابات المسئولين وأخرى وقعت من حساباتهم وبات الاهتمام منصبًا على بقعة بعينها ويترك الأخرى، فأصبح هناك قرى تصل إلى القمة وأخرى وصلت إلى القاع، وهو ما نحكي عنه في قرية "بهبيت الحجارة" التابعة لمركز سمنود وعزبة "الناموس" التابعة لنفس المركز بمحافظ الغربية.
ويرجع السبب في الاهتمام بقرية "بهبيت الحجارة" كونها قرية فرعونية يرجع بناؤها إلى الأسرة الثلاثين، عرفت في اللغة المصرية القديمة باسم "بر – حبيت" أي "بيت الأعياد"، وهو الاسم الذي حُرف بعد ذلك إلى "بهبيت" في اللغة العربية، وذكرها علي مبارك في كتابه الخطط التوفيقية باسم "بهبيط"، وقد نُقل عن كتاب وصف مصر أنها بلدة قديمة شمال سمنود، وأنه كان على تلولها في زمن الحملة الفرنسية سور مربع الشكل مبني من الطوب اللبن والطين له خمسة أبواب، وقد رجح علي مبارك أنه كان معبدًا للإلهة الفرعونية إيزيس، وأن القرية محل مدينة قديمة كانت تسمى "بيدوم".
وازداد الاهتمام بقربية بهبيت الحجارة عقب إنشاء الجامعة التكنولوجية بها، والتي تعتبر أول جامعة تكنولوجية في الغربية وتم رصف وتطوير الطرق في شوارع القرية وردم الترع لتوسيع المدخل المؤدي إلى تلك الجامعة فضلًا عن وجود صرف صحي ومستشفيات ومدارس، ومعاهد دينية وغيرها من خدمات أبسط ما يقال عليها قرية مدنية " قرية تكنولوجية".
وبالنظر إلى عزبة "الناموس" التي قد يكون لها حظًا من اسمها والتي منذ أن تطأ قدميك أرضها تتأكد لوأن " بهبيت" قرية الفراعنة فعزبة الناموس مصابة بلعنتهم.
وتجد اللعنة متمثلة في أزمة الخدمات من حيث المدارس والمستشفيات والطرق غير المرصوفة والمنازل الآيلة للسقوط لافتقار المنطقة للصرف الصحي وتسرب المياه أسفلها في شكل غير حضاري وغير أدمي، ما كلف الأهالي مبالغ مالية باهظة لمحاولة كسح مياه الصرف بالجرارات، فضلًا عن انتشار الأوبئة والروائح الكريهة.
ويقول أحد قاطني العزبة مناشدًا المسئولين: "لا نحتمل الروائح فمن منكم يحب أن تتعطر منازله برائحة صرف صحي أو أن يخرج من بيته يجد أمامه بركة مياه عفنة، مطالبًا المسئولين باستكمال مشروع الصرف الصحي حفاظًا على سلامتهم وصحة أطفالهم".
وتضيف الحاجة نجاة إحدى المقيمات بالعزبة: "على مدار سنوات عديدة ونحن مهدور حقنا، فالمسئول يسمعنا ولا أحد يهتم على الرغم من أنه لا يفصلنا عن مدينة سمنود سوى عشرة أمتار إلا أننا نعيش وكأننا في صحراء لا طعام فيها ولا ماء".
وتستمر أزمات عزبة الناموس لتشمل معاناة الأهالي مع أسلاك كهرباء الضغط العالي التي تمر بين بيوتهم وتشكل خطرًا كبيرًا عليهم وعلى أبنائهم، بجانب انقطاع الكهرباء باستمرار، كما أن هناك مشكلات أخرى متمثلة في غياب عربات القمامة وانتشارها بشكل كبير داخل العزبة ولا مكان لوجودها سوى المساحة المجاورة لأحد المساجد.
وعلقت إحدى السيدات التي تقطن بجانب أهرام المخلفات، قائلة: "لا خيار لدينا فنلقي القمامة هنا وننتظر عمال النظافة وعمال النظافة لم يأتوا منذ قرابة شهر لأسباب مجهولة، ولكن يقال إن مجلس المدينة منعهم من المجيء وقطع رزقهم فلم نجد سبيلًا للتخلص من تلك القمامة إلا إلقاؤها في أي مكان أو أن نلجأ إلى حرقها ".
ويضيف صاحب محل أدوات كهربائية مجاور لتجمع تلك القمامة: "الرائحة الكريهة تؤذي كل من يمر ويأتي، والمنظر غير لائق فأنا أجلس في محل عملي أبحث عن رزقي وليس من المحبوب لأي منا أن يجاور محله هذا المنظر".
ولذلك يطلق الأهالي مقولة إن عزبة الناموس لم تنل حظًا من أي شيء في الخدمات، ولكن كل ما نالته هو الحظ من اسمها.