رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

بين التاريخ الهجري والتاريخ الميلادي

يظن بعض الناس أن التاريخ الهجري تاريخ إسلامي، وأن التاريخ الميلادي تاريخ غير إسلامي، أو أن الاعتماد على التاريخ الميلادي هو إهمال للتاريخ الهجري، وكل هذا ليس بصحيح؛ لأن التاريخان صنوان لا يتناقضان ولا يختلفان، أو بمعنى أدق هما لعملة وجهان، ويؤيد هذا النظر الصحيح عدة أدلة، أهمها:
ـ أن تواريخ البشر منذ أن خلق الله البشر ترتبط بدايتها بحدث عظيم، فالتاريخ الهجري ارتبط بدايته بهجرة المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ، والتاريخ الميلادي ارتبط بدايته من قبل بميلاد السيد المسيح عيسى عليه السلام، والذي كان ميلاده وكلامه في المهد آية من آيات الله، والمسلمون أولى بعيسى عليه السلام من غيرهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا ‌أولى ‌الناس ‌بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة".
ـ أن التاريخ الميلادي قد ارتبط أيضاً من ناحية الضبط الزمني بالشمس، والتاريخ الهجري قد ارتبط بالقمر، والشمس والقمر يدوران في نسق واحد ويسيران في فَلَك واحد دون خلاف، قال الله تعالى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}[يس: 40]، وفي كثير من الآيات يُقرن القرآن الكريم بين الشمس والقمر، وأن الحكمة من خلقهما ضبط عدد السنين وحساب التاريخ، كما قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}[يونس: 5].
ـ أن حاجة المسلمين للشمس لضبط مواقيت النهار كحاجتهم للقمر لضبط مواقيت الليل، قال تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}[الإسراء: 78]، وكحاجتهم أيضاً للأهلة لضبط بدايات الشهور وما يتعلق بها من أحكام، قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}[البقرة: 189]، فظهر من خلال ذلك التكامل والتناغم بين خلق الله وشرع الله، وأنه لا اختلاف بينهما.
ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد مات ولم يأمر المسلمين أن يخصوا أنفسهم بتأريخ محدد، ولم ينههم أيضاً عن الاعتماد على تأريخ غيرهم، وكذلك مضى الأمر في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وفي هذا السكوت النبوي والبكري سعة للمسلمين، وأن الاتخاذ أو الترك يرجع إلى حاجتهم ورغبتهم، حتى جاء عهد عمر رضي الله عنه واحتاج المسلمون أن يتخذوا تأريخاً مستقلاً، واختلف الصحابة في بدايته، هل يؤرخون لأنفسهم بالميلاد النبوي أم بالبعثة النبوية أم الهجرة النبوية؟ حتى استقر رأيهم على الهجرة النبوية. 
ـ أن القرآن الكريم قد استعمل التاريخان معاً، كما قال تعالى في قصة أصحاب الكهف: {وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا}[الكهف: 25]، فقد لبث الفتية في كهفهم منذ أن دخلوه حتى عثر عليهم قومهم ثلاثمائة سنين بالحساب الشمسي، وزيادة تسع سنين بالحساب القمري.
فلا اختلاف بين التاريخ الميلادي والتاريخ الهجري، كما لا اختلاف بين قصة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الغار وقصة أصحاب الكهف في الكهف، ولا اختلاف بين الشمس والقمر، ولا اختلاف بين خلق الله وشرعه.