«السيد»: يهبط بعائد إقراض الأنشطة الصناعية القاعدية
أعاد بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى بوصلة البنوك المركزية حول العالم نحو خفض أسعار الفائدة بعد 4 سنوات من التشديد النقدى الذى استهدف مواجهة التضخم غير المسبوق فى الولايات المتحدة منذ أربعة عقود.
وبينما قرر مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأربعاء قبل الماضي، خفض أسعار الفائدة بواقع 50 نقطة أساس لتصل إلى نطاق 4.75 إلى خمسة فى المائة، بأعلى من التوقعات التى كانت تشير إلى خفض بـ25 نقطة أساس، فإن القرار يؤشر، بحسب ما يقول خبراء مصرفيون واقتصاديون، تحدثوا لـ«الإذاعة والتليفزيون» إلى تبعات اقتصادية على المستويين، الأمريكى والعالمي، فيما الأنظار متجهة صوب اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى فى 17 أكتوبر المقبل، وما إذا كانت اللجنة ستقدم على قرار مماثل أم ستبقى على سعر الكوريدور من دون تغيير، لتبقى بذلك على أسعار العائد استكمالاً لآخر 3 اجتماعات دون تغيير عند مستوى 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض.
العديد من المزايا
الخبراء الذين استطلعنا آراءهم، عددّوا المزايا الإيجابية التى خلفها قرار البنك المركزى الأمريكى على الصعيد المصري، وقالوا إنها تشمل زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبى إلى أدوات الدين، وخفض كلفة الوصول إلى أسواق التمويل الدولية، ودعم تحسن أداء الجنيه المصري، بالتزامن مع خفض أعباء الديون المقومة بالدولار الأمريكي، وهو ما من شأنه أن ينعكس إيجاباً على العديد من المؤشرات، مثل التصنيع والتصدير وكبح جماح التضخم.
فى البداية، يتحدث مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، عبدالمنعم السيد، حول تلك التبعات تفصيلاً فى تصريحات خاصة لـ«الاذاعة والتليفزيون»، إذ يقول إن القرار سيخلف آثاراً إيجابية على صعيد الاقتصاد العالمي، والأسواق الناشئة، معتبراً أن خفض أسعار الفائدة من شأنه دعم الشركات وتوسعاتها الاستثمارية، عبر خفض كلفة التمويل الائتمانى الممنوح من البنوك، وهو ما من شأنه أيضاً دعم ذلك النوع من القروض الشخصية التى تمول شراء السيارات والمنازل، ما يعنى انتقال الآثار الإيجابية إلى قطاعات أخرى.
تدفقات أجنبية ولكن
ويرى «السيد»، أن تراجع قيمة الدولار أمام عملات الأسواق الناشئة يأتى كثانى أهم المنجزات لهذا القرار، وهو ما من شأنه إضفاء جاذبية أكبر على استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومية، سواء أذون الخزانة أو سندات الخزانة، داعياً فى المقابل، إلى خفض العائد على تلك الأدوات، مع الحذر من التوسع فى استجلاب «الأموال الساخنة»، الأمر الذى يؤثر سلباً بدوره على صافى الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزى المصري.
وعلى رغم ما يحظى به قرار «الفيدرالى الأمريكي» من اعتبارات مهمة لدى المراقبين للشأن الاقتصادي، فإن الخبير المصرفى محمد عبدالعال، يرى أن القرار الأخير غير ذى تأثير على قرار لجنة السياسة النقدية، وأن قرار الأخيرة سيؤخذ بمعزل عن خفض «المركزى الأمريكي» لأسعار الفائدة.
اختلاف السياستين النقديتين
يبرر «عبد العال» وجهة نظره، بالإشارة إلى اختلاف السياسة النقدية فى مصر عن نظيرتها فى الولايات المتحدة الأمريكية، علاوة على اختلاف طبيعة الضغوط التضخمية لدى كل من البلدين، بخاصة مع إقدام الحكومة على زيادة أسعار المحروقات فى الآونة الأخيرة، وهو ما من شأنه دفع معدلات التضخم ولو بنحو طفيف.
على صعيد التبعات التى يخلفها قرار «المركزى الأمريكي» على مستوى الديون فى مصر، يشرح المحلل المصرفى ومدير قطاع التجزئة المصرفية بأحد البنوك المصرية، وليد عادل، الأهمية التى عليها قرار «الفيدرالي»، بخاصة مع دعمه خفض كلفة الديون المقومة بالدولار، فى وقت تلجأ فيه البلاد نحو أسواق التمويل الدولية، بغية خفض أعباء الموازنة العامة للدولة، وما بها من عجز.
تحسن أداء الجنيه
لم ينكر الخبير المصرفي، ما يتسبب فيه قرار خفض الفائدة الأمريكية من إضعاف متوقع لمؤشر الدولار أمام العملات الرئيسية، وبالتالى تحسن قيمة عملات الأسواق الناشئة ومن بينها مصر، متوقعاً انعكاس القرار إيجاباً على الجنيه المصرى الفترة المقبلة.
لكن محلل أسواق المال، أحمد شوقي، يزيد على ما سبق، أنه يتعين العمل من جانب الحكومة أيضاً على دعم جهود «المركزى المصري» للسيطرة على معدلات التضخم، خصوصاً مع عدم كفاية أدوات السياسة النقدية لدى صانع القرار وحدها للسيطرة على معدلات الزيادة فى الأسعار.
وينظر المحلل المصرفي، إلى قرار مجلس الاحتياطى الفيدرالى بخفض الفائدة باعتباره ذا تأثير متفاوت على الجنيه المصري، على الرغم من توقعاته باستقرار نسبى للأخير خلال الفترة المقبلة بدعم من تحسن الموارد النقدية الدولارية للبلاد، وبدء موجة التيسير النقدى لدى البنوك المركزية العالمية وفى مقدمتها «الاحتياطى الفيدرالي».
كبح جماح التضخم
النائبة السابقة لرئيس بنك مصر، الخبيرة المصرفية، سهر الدماطي، تعتقد أن خفض الفائدة الأمريكية يخدم موقف الاقتصاد المصري، وسياسات الحكومة نحو الإصلاح وكبح جماح التضخم، خاصة مع تعزيز تدفقات الاستثمارات الأجنبية إلى السوق مرة أخرى، وهو ما من شأنه دعم أداء الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكي.
وتلفت الخبيرة المصرفية، فى حديثها لـ«الإذاعة والتليفزيون» إلى ما تحظى به أدوات الدين الحكومية قصيرة وطويلة الأجل من جاذبية يفترض أن تتعزز فى ضوء قرار «الفيدرالى الأمريكي» بخفض سعر الفائدة، وهو سرعان ما سينعكس إيجاباً على صافى الاحتياطيات لدى البنك المركزى المصري، وتقوية موقف مصر الخارجي، ودعم سداد التزاماتها، الأمر الذى يقود بدوره إلى تحسن تصنيف البلاد الائتمانى لدى المؤسسات العالمية، وفى مقدمتها «ستاندرد أند بورز» و«موديز» و«فيتش»، وهو ما يخفض كلفة الاستدانة والتمويل.
الانتصار فى معركة التضخم
صوتت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة فى ختام اجتماعها على خفض أسعار الفائدة فى إطار سعى «الفيدرالي» إلى تفادى تأثر النمو الاقتصادى بأجرأ دورة تشديد نقدى منذ عقود وتجنب مزيد من التدهور فى ظروف سوق العمل.
وجاء فى بيان «الفيدرالي» الصادر بعد الاجتماع أن «المؤشرات الأخيرة تشير إلى أن النشاط الاقتصادى استمر فى التوسع بوتيرة ثابتة. فتباطأت مكاسب الوظائف وارتفع معدل البطالة ولكنه لا يزال منخفضاً، كما أحرز التضخم مزيداً من التقدم نحو هدف اللجنة الذى يبلغ اثنين فى المائة ولكنه لا يزال مرتفعاً إلى حد ما».
ووفق جدول اجتماعات «المركزى المصري»، فإن لجنة السياسة النقدية، ستعقد بعد اجتماعها فى أكتوبر المقبل اجتماعين إضافيين خلال العام الجاري، فى 21 نوفمبر و26 ديسمبر المقبلين، لمراجعة أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض.
كانت البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أشارت إلى ارتفاع معدل التضخم السنوى فى المدن المصرية، لأول مرة منذ 5 أشهر، إلى مستوى 26.2% فى أغسطس من 25.7% فى يوليو الماضي، فى حين سجل معدل التضخم السنوى لإجمالى الجمهورية 25.6% لشهر أغسطس 2024 مقابل 39.7% لنفس الشهر من العام السابق، فيما بلغ الرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين لإجمالى الجمهورية 231.1 نقطة لشهر أغسطس 2024، مسجلاً بذلك تضخماً شهرياً قدره 1.9%.
وبعد قرار «الاحتياطى الفيدرالي»، أبقى البنك المركزى البريطانى معدل الفائدة دون تغيير عند 5%، لكنه قال إنه يمكن أن يخفض كلفة الاقتراض «بشكل تدريجى مع الوقت» فى حال ظل التضخم منخفضاً، فى حين خفض «المركزى الأوروبي» سعر الفائدة على الودائع 25 نقطة أساس إلى 3.50%