رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

حسام فوزي جبر يكتب .. غزو ثقافي

يعلم الجميع ان العنصر الرئيس لسلامة ونهضة مجتمع يتمثل في الحفاظ علي كرامة المواطن وحمايته من كل صور التعسف والطغيان ماديًا نفسيًا ومعنويًا ومنح الفرصة الكاملة للشباب للظهور وتأمين فرصته في إنهاء تراث التخلف المفروض علينا منذ مئات السنين وهو ما مطلب يتوقف على تمتع المصريين الكامل بحقوق المواطنة وحقه في العيش دون قيود وبحرية كاملة غير منقوصة داخل الإطار الشرعي والديمقراطي الذي تُنميه وتوافق عليه وترعاه الدولة ومؤسساتها المختلفة فنحن المصريون أصحاب أول حضارة في التاريخ الإنساني أمة كريمة ذات ثقافة مهذبة وتقاليد انسانية رائعة تنهض على الحب والعدالة والاحترام المتبادل ونقدس الحياة ونحافظ علي المبادئ العظيمة لكل الأديان ونتطلع دائمًا للتواصل والإثراء المتبادل مع جميع الثقافات الأخرى في العالم ونستحق ان نكون في صدارة شعوب العالم لما لنا من تاريخ عريق في الماضي ومفكرين وعلماء وادباء ونوابغ في العصر الحديث نستطيع جميعًا العودة لنكون بين الصفوف الأولي في شعوب المعمورة.

ومع ظهور مواقع التواصل الإجتماعي استبشر الجميع خيرًا وتنفس العديد منا الصعداء أملًا في ان هذة المواقع ستُخرج لنا مواهب لم نكن نستطع الوصول إليها وانتظرنا حتي تُنجب لنا هذة المواقع مواهب ونوابغ تعزز فكرة اننا فقط ننتظر الفرصة ومن أنصاف الفرص خرجت نوابغ مصرية غيرت العالم ولكن بكل اسف تحولت هذا المواقع لكوارث وفضائح وأخرجت لنا أسوأ ما فينا بل خربت بيوتًا وأغلقت مشاريع كبري وإستغلها ضعاف النفوس في عمليات النصب والتدليس فتحول الحلم البعيد المنال إلي واقع يائس بائس نحاول جميعًا ان نوقفه قبل فوات الاوان فمواقع التواصل الإجتماعي تحولت في مجتمعاتنا العربية لمواقع لتصفية الحسابات والبقاء لصاحب القدرات والامكانيات علي الإقناع ولو كان كاذبًا فالتواصل السريع الذي حلمنا به أصبح نقمة علي صغارنا وعلينا قبلهم.

مواقع التواصل التي تحولت في أحيان كثيرة جدًا لمواقع تناحر تعج بذباب الكتروني باحث عن الشهرة وجمع المال او ربما مدفوع الأجر يغمرون المواقع بالأكاذيب ونظريات المؤامرة عليهم لاستعطاف الجمهور العادي فبدلًا من أن تكون ساحات لنشر الوعى والنقاش الجاد دون تجريح أصبحت ميادين حرب همجية دون اي ضوابط لتنظيمها دون المساس بحرية التعبير فقد بات تنظيم هذة المواقع تحديًا ملحًا لتعظيم فوائدها وتجنب أضرارها وما تحدثه من فتنة دون مراعة اي ابعاد إجتماعية او تأثيرات نفسية وان حتي تسببت في هدم اسر بل ومحتمعات لا مشكلة لدي هذا المدون او تلك الصفحة فالمهم هو انتزاع عددًا من الإعجابات والاشتراكات والمنافسة للحصول علي اكبر قدر من التفاعل حتي لو علي حساب الجميع حتي أقرب الناس لم يسلمون من أولئك من بائعي الكلام الفاضي وللاسف لديهم أسواق رائجة لبضائع تنال من الجميع لا تستثني أحدًا.

ولكن تعاملنا بمنتهي الاهمال واللا مبالاة مع هذة المواقع الواحد تلو الآخر حتي ان كل شبابنا أُصيب بلعنات مواقع التواصل الاجتماعي فإما مُقدم محتوي مبتذل او متلقي بمحتوي لايصلح او يصح ان يدخل بيوتنا او ربما ملازمًا للعبة ما يجبرونه فيها علي القتل والدمار ويعلمونه كيفية اقتحام المنازل وسرقة اغراض محاربيه الافتراضيين لتجد ابنك او ابنتك امام شاشات الاجهزة اكثر منها امام اي وكل شئ تنازلنا وفرطنا في حقوقنا فيهم وحقوقهم فينا حتي وجدنا اولادنا وبناتنا اصبحوا محبوسين داخل اجهزتهم هرموا وهم في عز شبابهم وفتوهم يضيعون زهرة شبابهم حبيسي هذة الالعاب بل وينفقون عليها ويفضلون شحنها بالاموال علي صرف اموالهم في طعام او شراب يعيشون تحت ضغط الحرب ويخططون للقتل والنهب واقتحام الاماكن من داخل لعبة وأصبح من العادي سماع قصة وفاة احد الاطفال نتيجة لعبة ومازلنا ننتظر ونسأل وماذا نفعل.

وعندما نتحدث مع بعضنا البعض نشتكي مر الشكوي من ما يقوم به أبنائنا تجاه انفسهم وتجاه اوقاتهم وممتلكاتهم وبعد نقاش نصل جميعًا لكلمة هامة انه الغزو الثقافي من الاعداء نعم غزوًا ثقافيًا منظمًا وقوفنا في مواجهته امر واجب بدلًا من الشكوي والبكاء وانتظار النتائج التي لن تكون في صالحنا ولا صالح اولادنا نعم انه الغز الثقافي المنظم لنهب عقول اولادنا بل ونحن من نساعد ونرعي من يحارب لسلب عقول اولادنا بدلًا من نقاومه ونقف في وجهه لا راح كلٌ منا يتحدث عن قدرات اولاده في التحكم في اجهزة لوحية بقدرة تفوق قدراته بل ويفتخر ان صغيره يجيد فتح البرامج والالعاب والتطبيقات ولو سألته كم يحفظ ابنك من كتاب الله لظهر بنفس الشكل الذي وصف نفسه به في التعامل مع الاجهزة فكونك لا تستطيع التعامل ليس ميزة علي العكس تمامًا وكون ابنك ترك كل نواحي الحياة واستسلم لمواقع التواصل والالعاب والميديا ليس ميزة وكونه لا يحفظ شيئًا من كتاب الله ولا تعاليم دينه تلك هي المصيبة الاكبر.

فالغزو الثقافي لعقولنا وعقول أبنائنا وبناتنا لم ولن يتوقف ولكن اين نحن من هذا التعدي السافر علينا وداخل بيوتنا وبل غرف نومنا فنحن لم نحمي اولادنا ولا أزواجنا ولا انفسنا ولم نتسلح بما فيه الكفاية لمقاومة هذة الغزوات الفكرية المنظمة فنحن بكل اسف لا نحترم الوقت وأصبح ابنائنا مثلنا لا يحترمون الوقت ويبحثون عن الترفيه قبل الواجب عليه عمله وبدأنا بإفتخرنا بهم بقدرتهم الفائقة علي استخدام الاجهزة الحديثة وها نحن الان لا نستطيع ان نعلم ماذا يفعلون بها ومنعهم من استخدامها هي مصيبة اكبر لان الموضوع ليس بالمنع فالاجهزة التي بين ايديهم اصبحت من متطلبات الحياة فهو غزو ثقافي ممنهج ومدروس تدرج منذ زمن بعيد فمن السبعينات والتركيز علي الافلام الاباحية والتفنن في دخولها مصر والدول العربية بكافة الوسائل وجعلها في إطار درامي ليصدر إلي المتلقي أفكارًا بعيدة كل البعد عن مجتمعاتنا مرورًا بالقنوات الاباحية منتصف الثمانينيات وبائعات الهوي علي الشاشات حتي جاءت هذة المواقع لتصل إلي ما تريد وأكثر مراقبة مستمرة واستحواذ تام هل هنا افضل من ذلك ان يراقب أولئك كل شبابنا طول الوقت بل ويوجهونهم كما يشاؤن يربون اولادنا بالالعاب والبرامج والتطبيقات بل ونحن معهم ونحن نقف عاجزين ونقول غزو ثقافي اما آن الاوان لنا وللدولة ان نقف في وجه هذا الغزو انه ليس غزوًا ثقافيًا بحسب ولكنه حربًا شرية ضدنا وضد اولادنا يريدون خلالها طمس هويتنا وتصدر ما لم يستطيعون تصديره بالاسلحة نعم انها حرب علينا لابد ان نقف في مواجهتها قبل فوات الاوان قبل أن تُطمس هويتنا بلا عودة ونحن نشجع اولادنا ونتغزل في قدرتهم علي استخدام الاجهزة ونسعد بجهلنا بها

عزيزي القارئ لا سبيل لنا إلا المواجهة فما هو إلا غزو ثقافي