عندما نتحدث عن مصطلح "ابن ناس" او " ابن اصل" فنحن نعني انه شخص تربي في بيت أهله علي المثل والأخلاق الحميدة فهذة الشخصية هي شخصية غير قابلة للرشوة ولا للإنخراط في عمل غير أخلاق فهو تربي علي طاعة الله واحترام البشر الصغير والكبير، لا يُفرق بين عني وفقير في طريقة تعامله تجده يستخدم مصطلحات بدأت تختفي من حياتنا مثل " من فضل حضرتك، بعد إذنك، اسمحلي، وما شابه من مصطلحات تجبرك علي احترامه"، وجميعًا اتفقنا ان هذة الشخصيات لا يدخل المال ابدًا عاملًا في تقيمها ولا يكون معيارًا في إكساب صاحبه هذا المصطلح فهذا المصطلح وهذة الكلمة تُقال لمن ربوه أهله وتعبوا في تربيته وان كانوا فقراء وجعلوا منه رجل محترم يُقال عنه "ابن ناس"لان أبن الناس مش غني ابن الناس متربي".
وما دفعني ان اكتب في هذا الموضوع هي تلك اللعنة التي اصابت الشباب وجعلت منهم مجرمين تحت الطلب يتفننون في إيذاء بعضهم البعض حتي وصلت لحالات قتل في بعض مدن المحافظات لمجرد فرض السيطرة والنفوذ من شباب يافع كنا ننتظر منه ان يفيد نفسه وأسرته ووطنه ولكنهم شباب لم يجد من يربيه رغم مستواه المادي المرتفع إلا أهله تركوه للشارع ولأفلام السبوبة كي يربونه ثم يصحون علي كابوس ان الطفل اصبح شابًا أما مقتولًا او محبوسًا ينتظر الإعدام او المؤبد علي اقل تقدير حال ادانته اي انه اصبح من ارباب السوابق الذين ينظر لهم العالم علي انهم الخارجين علي القانون لا لشيء إلا اننا قصرنا في حق اولادنا وتركناهم دون مراقبة منا، فمنذ فترة وفي نفس هذا المكان كتبت تحت عنوان: (أفلام السبوبة أكسبت الشباب "أخلاق توك توك") حيث لم اجد وصف وتوصيف لأخلاقيات وسلوك اجيال الشباب الحالي ولا تسمية لها إلا ان نعتها بأسم اقبح المخترعات الحديثة التي ساعدت علي انتشار كل السيئات والمبيقات داخل مجتمعنا المصري، وهو "التوك توك"حتي أصبح المجتمع ككل في حاجة إلي " اعادة تربية"، لنقام هذا الإنحدار الأخلاقي الذي نعيشه في الواقع.
فتدني مستوي أخلاقيات الشباب والنشء جاء نتيجة عدة عوامل ابرزها فهم عدة مفاهيم بتفسيرات خاطئة فمثلًا تم تفسير الحرية علي انها تصرف علي حسب (الراحة والمزاج) وما يتوافق معي دون النظر للآخرين في حين انه لابد ان تنتهي حريتي عند حرية الآخرين ولابد ان تكون حريص علي حريتهم اكثر من حرصك علي حريتك لتكون وانت والمحيطين من المنعمين بالحرية ان كانت الحرية نعيمًا، وما رأيناه منذ ثورة يناير - احد اعظم ثورات التاريخ والتي يعترف بها الدستور المصري- من إنفلات أخلاقي سمح حتي الأطفال بالتلفظ بألفاظ يُعاقب عليها القانون وألفاظ خادشة للحياء وكأن الأمر طبيعي وكأن السب والقذف والشتائم بين الاصحاب دليلًا علي توطيد العلاقة وقوتها، بل وأصبحت وسطية الدين هي الاختلاط دون مرآعاة لسن وجنس ونوع وتربية ياسادة لقد فشلنا في تربية ابناء وطننا ومدينتنا وقريتنا عندما تركنا من أطلقنا عليهم لقب فنانين يربوهم بدلًا منا، حين تركنا فلذات أكبادنا امام الشاشات المختلفة ليتلقوا عادات وتقاليد وأعراف لم تكن ابدًا منا ولا بيننا لن اذكر أمثال ولا اسماء لأفلام أو مسلسلات فقط سأذكركم ان ما نجده في شباب هذه الأيام من استهانة بكل واي شئ هو تقصيرنا نحن في غرس ما غرسه فينا آباىنا وإخبارنا ان التعامل مع الناس ان لم يكن بالحسني فلا داعي له وان الحلال باق وان المحرمات من كل الأنواع مُهلكة في الدنيا والاخرة أن إبن الناس هو من يحبه الناس لحسن خلقه وأدبه لا لأن لديه أو لدي أبويه اموال او انه مهما كان سئ الخلق فهو ابن ناس ويطلبون ان يتزوج من بنت ناس.
فطالما نادينا بالمطالبة بأعمال مناسبة تُربي مع أولياء الأمور أطفالهم لا تفسد ما يفعلون داخل الأسرة ولا تلك الأعمال الهزلية المبتذلة التي تبرز وتُضخم أسوأ ما في الشعب وتُشعر الجميع ان هذا هو الوضع الحالي وان جميع أطياف الشعب تحولت لهذا المنظر وهذة الأخلاق وان حلم الثراء السريع والتمرد علي الواقع هو الشئ الطبيعي، فمنذ اكثر من عشر سنوات كتبت بعنوان (أوقفوا مهازل الأفلام الواقعية)، كصرخة كنت أحاول خلالها أن ألفت النظر أن هذة النوعية من القصص الدرامية والممزوجة أحيانًا بالكوميديا ستنتشر إنتشار النار فى الهشيم وستأخد منا ومن أخلاقنا وأخلاق أبنائنا.
وهاهي النتيجة شباب في عمر الزهور وأطفال يافعين ليس لديهم اي طموح تقليد بطل من ابطال هذة الأفلام الهابطة، التي أسموها بأفلام الواقعية ومحاكات افعاله حتي لو كانت غريبة عليه وعلي بيئته اي انه يتمرد علي بيئته مقابل تقليد بطل عمل درامي كل مقوماته انه وجد كاتب سبوبة ومنتج سبوبة لينتج عمل درامي أيضًا ضمن أعمال السبوبة ليحقق دخل مرتفع وليخرب به في النهاية عقول فلذات أكبادنا ويُصدر إلينا جيل تستطيع تسمية جيل التيك أوي أو جيل السوشيال ميديا أو إبحث عن أي مسمي غير تقليدي لجيل غير تقليدي، ورغم أن الشعب المصري قد أثبت في اكثر من مناسبة أنه يستقبل الأفلام جيدة المحتوي ويلتف حولها ويُعظم من شأنها وانه ينتظر تلك الأعمال التي يستطيع جميع أفراد الاسرة الالتفاف حولها دون الخوف من منظر او مصطلح يخدش الحياء العام لجميع المتابعين، وبالفعل نجحت الأفلام الوطنية في تجميع جميع اطياف الشعب المصري حوله في اول عرض ده وهذا دليلي القاطع ان المصريين يُقدرون الأعمال الجيدة وينتظرونها لترحمهم من تلك المبتذلة.
وانا هنا اقولها أما آن الأوان للاهتمام بالإعلام والمحتوي المُقدم للشعب المصري ومنع أي مشاهد عنف وقتل وعودة الاعلام النظيف العاكس لحقيقة الشعب المصري وإحالة كل مسئول عن العنف ومشاهد البلطجة للمحاكمة العاجلة بتهمه تحريض الشعب المصري علي الهمجية وتغييب القانون وإحياء قانون الغابة.
مع الاهتمام بدور المدرسة وهي الأكثر أهمية من دور المنزل فعودة المدرس لرهبته وتقديس دوره وتعظيم نصائحه سيعود بالنفع علي اولادنا مع ضرورة عمل حصص وندوات يومية لتوعية الشباب حول الخطر الداهم الذي يهدد وطنهم ويهدد أمنهم واستقرارهم في حياتهم في عدم فهمهم لمعني الحرية الشخصية وبإستمرارهم في اتباع الأساليب الغوغائية في التعامل وضرورة التعامل بأدب وذوقك مع الكبير والصغير واستخدام مصطلحات تعبر عن تربيتك الصالحة.
وتوعية الأسر المصرية في سبل وأساليب متابعة اولادها واحياء القيم والمبادئ لهم وتعليمهم الدين والوطنية وإحياء دولة القانون وتنفيذه، ونبذ فكرة الانتقام باليد ومعاقبة الأصدقاء وتغليظ عقوبة السب وخاصة سب الدين وسب الأمهات والآباء، والربط بين تعاليم الدين وتحريم ايذاء الناس بكل أشكال وأنواع الإيذاء البدني والنفسي والمعنوي، مع منح الشرطة القوة القانونية اللازمة لتأدية عملهم تجاه الخارقين للقانون دون خوف علي ان يُتابع العمل من قبل القيادات ويجازي المخطئ ويثاب الناجح المتفاني في عمله، إعيدوا إلينا ولاد الأصول الذين يتعاملون بما يرضي الله والوطن ويحافظون علي الذوق العام.