رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

خالد عامر يكتب: احذروا غضب الرئيس

عزيزي القارئ، ليس هذا وقت السعي وراء الوجاهة أو التفاخر، بل هو وقت العمل والاجتهاد، مقتدين بالرئيس والمخلصين من رجال هذا الوطن، وعلى رأسهم المؤسسة العسكرية التي تعمل ليل نهار لتقف الدولة المصرية على أقدامها وتكون من بين أقوى دول العالم.

في هذا السياق، أحب أن أعلق على بيان الرئيس بخصوص الانتخابات البرلمانية الحالية، مستندًا إلى ثلاثة أبعاد: أولًا، بصفتي كاتبًا صحفيًا مصريًا وعضوًا في الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين، ثانيًا بصفتي مواطنًا مهتمًا بالشأن السياسي، وثالثًا كمراقب محايد، حيث لم أتقدم للترشح رغم دعوات كثيرة من أهالي بلدتي وزملائي، كما أن هناك العديد ممن رفضوا الترشح بهدوء مثل اللواء إيهاب الهرميل، والنائب ضياء البتيتي، وغيرهم ممن لم أتشرف بمعرفتهم عن قرب، مما يمنحني اطلاعًا جزئيًا على الأحداث الجارية.

أولًا: لماذا حصد هذا البرلمان غضب الشارع؟ 
فالانتخابات السابقة لم تكن أفضل من الحالية، لكن هناك جديد سبب هذا الغضب. الشارع لم يكن راضيًا عن البرلمان المنتهي ولايته في يناير المقبل، وإذا نظرنا  بعين المراقب سنجد أن الغضب زاد بسبب بعض مواد الدستور التي جعلت القائمة المغلقة فرضًا لا مهرب منه، نتيجة كثرة الفئات الواجب تمثيلها كما نص عليها دستور 2014، الذي كُتب بنوايا حسنة.
وحان الوقت لتغييره ومنح الرئيس صلاحيات أكبر وأكثر للرقابة على مجريات العملية الانتخابية، وممكن إختيار معاونين للرئيس من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فجميعهم قامات محترمة نفتخر بهم.

ثانيًا: هناك أمور جديدة في هذه الانتخابات جعلتها أسوأ من سابقتها، واعتبرها البعض أسوأ من انتخابات عام 2010 المشؤومة، أبرزها قرار الهيئة الوطنية للانتخابات باعتبار لجان الانتخابات لجان فرز وحصر فقط، وليس إعلان النتائج. هذا القرار ضرب فكرة الشفافية والإشراف القضائي في مقتل، وأوجد شكوكًا حول نزاهة الانتخابات قبل أن تبدأ.
لكن تناسي البعض أن إعلان الهيئة الوطنية عن ذلك يرجع إلى المادة 210 من دستور 2014، التي نصت على إجراء الاقتراع والفرز في الانتخابات والاستفتاءات القادمة خلال عشر سنوات، تحت إشراف قضائي كامل. وبما أن الإشراف القضائي انتهى في يناير الماضي، يصبح إيقاف الانتخابات وتعديل دستور 2014 أمرًا في غاية الأهمية. ونعتبر عام 2026 فرصة لتصويب الأوضاع.

ثالثًا: اختيار وتوزيع النواب داخل الدوائر جاء مخيِّبًا لآمال البعض، حيث ترشح نواب من محافظات بعيدة عن دوائرهم الأصلية، ما أدى إلى زعزعة العلاقة بينهم وبين ناخبيهم، وجعل تمثيلهم للدوائر غير فعال ويحد من تأثيرهم على المستوى الخدمي  والبرلماني.
لكن الأصعب أن تجد نائبًا ترشح عن محافظة قنا، قلب الصعيد، حيث العصبية القبلية تؤثر في تفاصيل قد تبدو عادية من وجهة نظر الآخرين لكنها تمثل حياة أو موت لأهلها، مثل ترتيب عائلة المرشح داخل القبائل سواء كانت هوارة، الجبلاوي، الأشراف، العرب.
ولا أريد ذكر عشرات الأسماء حتى لا أتهم بالانحياز لعائلة عن أخرى تربطني بها صلة نسب، وأيضًا لتجنب التدخل في سير المعركة الانتخابية، فهذا يظلم الناخبين ويجعل النواب بعيدين عن دوائرهم الأصلية، فلا يستطيعون خدمة أهالي دوائرهم، ولا يعرفون مشاكل الدوائر الأخرى.
هذا الأمر قد لا يخالف الدستور مباشرة، لكنه تكرار حدوثه في الانتخابات الحالية يعني أن دور الكثير من النواب سيقتصر على حضور جلسات المجلس فقط، ما يظلم أهالي هذه الدوائر.

هذا يقودنا إلى سؤال جوهري: هل إعادة الانتخابات في بعض الدوائر تحل المشكلة؟ الجواب باختصار: لا.
الانتخابات البرلمانية فقدت اهتمام الناس منذ عام 2010، والمفاجأة أن صوت الغضب الذي خرج في هذه الانتخابات غير متوقع لأنه جاء من أصوات محسوبة على النظام، ولها ثقل سياسي وأمني، ما يعني أن الإحباط كان عميقًا وواضحًا وكان موجهًا لفخامة الرئيس. 
لذلك كانت توجيهات الرئيس حاسمة لتجنب أي فتنة بين أبناء الوطن، الفتنة التي ظل يحاربها طوال سنوات قيادته.
وأذكر تصريح الرئيس في أحد المؤتمرات، بأن أعظم مشروع يتم عمله في الدولة هو تماسك الجبهة الداخلية. لهذا قد يقرر الرئيس إلغاء نتائج الانتخابات وإعادتها في وقت لاحق، وفق رؤيته لما يخدم الوطن.

أما بخصوص تعديل النظام الانتخابي، فإنني أرى أن النظام الانتخابي الفردي على الدوائر القديمة هو الأنسب، بينما يمكن تخصيص القائمة المطلقة لتمثيل المرأة وذوي الهمم والمصريين بالخارج، وهي الفئات التي لم تحظ بتمثيل حقيقي قبل أن يطالب الرئيس بتمثيلهم.

ولكن ما جعل الغضب الشعبي يتحول إلى لا مبالاة هو أن الشعب يتذكر أن الرئيس قاوم لمدة سنتين مخطط تهجير الفلسطينيين، وقبلها حارب الإرهاب في سيناء، وطوّر قدرات القوات المسلحة، ووسّع مصادر التسليح.
ووسط كل هذا، كان الرئيس يسعى للحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية، سواء بالعفو الرئاسي الذي شمل بعض الهاربين، أو بفتح نوافذ للحوار مع أطياف الشعب لنشر رسالة محبة وتوافق بين أفراد المجتمع، أو بسعيه المستمر لتحسين مستوى المعيشة.
وربما يكون إعادة الانتخابات بالكامل خطوة أفضل سياسيًا، بعد تعديل الدستور، فمصر تستحق برلمانًا أفضل من برلمانها الحالي أو المتوقع وجوده حتى الآن.