أفادت تقارير بأن سويسرا قد تتخلى عن الضريبة الرقمية في إطار المفاوضات مع ترامب، غير أن المسئولين المنتخبين ينددون بهذا التنازل، الذي يصب في مصلحة عمالقة الإنترنت.
وذكرت صحيفة، 24 ساعة، السويسرية اليومية أن دولا أوروبية أخرى تفرض ضرائب على شركات جوجل وأمازون وفيسبوك دون أن تخضع لضرائب إضافية من واشنطن.
ويمكن لجوجل وأمازون وفيسبوك أن تطمئن اذ أن برن لا تخطط لفرض ضرائب عليها في أي وقت قريب، وربما لن تفعل ذلك أبدا، وتعد الضريبة الرقمية من بين التنازلات التي يستعد المجلس الفيدرالي لتقديمها للحفاظ على الرسوم الجمركية الأمريكية مستقرة عند 15%.
وأكدت الحكومة ذلك، يوم الاثنين، الماضي، ردا على عدة أسئلة من مسؤولين منتخبين. وقد أثار هذا الأمر استياء واسعا لدى كل من اليسار واليمين.
وقالت لورانس فيلمان رييل (الحزب الاشتراكي الديمقراطي-جنيف) مؤلفة أحد مسودات النصوص "إن التخلي التام عن الضريبة الرقمية أمر مخيب للآمال، فالمنصات الكبرى تراكم ثروات طائلة من خلال استخدام بيانات المستخدمين والإعلانات عبر الإنترنت، ومع ذلك فهي تدفع ضرائب زهيدة في سويسرا، على عكس الشركات المحلية، وهذا شكل من أشكال المنافسة غير العادلة".
ووفقا لها فانه من العدل أن تعيد هذه المنصات، التي تتربح من بياناتنا، جزءا من أرباحها إلى الدولة "سيكون هذا إيرادا إضافيا مرحبا به، وسيساعد في الحد من خطة التقشف القاسية التي تفرضها الحكومة" أما عن رافائيل ماهايم (حزب الخضر) فقد كان أكثر غضبا اذ قال "إنها كارثة تقضي على أي نقاش حول فرض ضرائب على عمالقة التكنولوجيا في مهدها، إذا تم تضمين هذا التنازل في اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، فأنا لست متأكدا حتى من إمكانية إلغائه بمبادرة شعبية".
وتابع "تضطلع شركات جوجل، وآبل، وفيسبوك، وأمازون، ومايكروسوفت بدور متزايد الأهمية في ديمقراطيتنا ومجتمعنا، وكان إلزامهم بالمساهمة في التكاليف التي يولدونها هو الحد الأدنى، وقد تم تهميش هذا النقاش المرتقب بسبب المفاوضات مع دونالد ترامب، الذي رضخنا له ببساطة".
لكن هذا ليس كل شيء اذ يخشى ماهايم أن يؤدي التخلي عن هذه الضريبة إلى تعريض مشروع القانون المنظم لعمالقة التكنولوجيا للخطر أيضا، ويتضمن هذا القانون، الذي طرحه المجلس الفيدرالي للاستشارة في نهاية أكتوبر، ضريبة مراقبة يتعين على المنصات الكبرى دفعها.
وأوضح رافائيل ماهايم أنه يمكن اعتبار الضريبة الرقمية ضريبة تذهب مباشرة إلى الخزانة العامة. أما ضريبة المراقبة فتغطي فقط تكاليف إنفاذ القانون،
فإذا اعتمدنا قانونا يهدف إلى تنظيم المنصات بشكل أفضل، فسيتعين على المكتب الفيدرالي للاتصالات ضمان الامتثال. وهذا له تكلفة، وستغطي ضريبة المراقبة هذه التكاليف، ويشبه الأمر إلى حد ما مبدأ "الملوث يدفع".
ومن المنتظر أن يحدد المجلس الفيدرالي قيمة هذه الضريبة، التي يمكن اعتبارها أيضا رسوما. ومع ذلك، يجب ألا تتجاوز نسبة 0,05% من الأرباح الإجمالية لمزودي منصات الاتصالات أو محركات البحث، وقد يصل هذا المبلغ إلى ثروة طائلة، اذ تحقق شركة ميتا، التي تدير فيسبوك وإنستجرام وواتساب وغيرها، أرباحا سنوية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، ويشير حساب بسيط إلى عشرات الملايين من الدولارات تدفع كضرائب، مع ذلك، ليس من المؤكد أن مراقبة هذه المنصات تتطلب مثل هذه المبالغ الطائلة.
ومع ذلك، أكد المجلس الفيدرالي أن تنظيم المنصات ليس موضوعا للتفاوض مع واشنطن. وفي هذا الصدد قال رافائيل ماهايم "بما أن ترامب جعل عدم فرض ضرائب على تلك الشركات أولوية، لأنه انتخب بفضلها، أجد صعوبة في تصور قبوله بفرض ضريبة مع رفضه ضريبة رقمية، إنه تلاعب بالألفاظ"
حتى داخل المعسكر الليبرالي، يثير التخلي عن الضريبة الرقمية جدلا واسعا، فقد أكد أوليفييه فيلر (من الحزب الديمقراطي الحر،حزب الحرية والديمقراطية) قائلا: "أنا لست من مؤيدي الضرائب، لكن هذا التنازل، إن تحقق في نهاية المفاوضات، امر مثير للقلق" ثم أشار إلى أن دولا أوروبية أخرى قد تبنت بالفعل إجراءات مماثلة دون أن تتعرض لعقوبات أشد من الإدارة الأمريكية.
وتابع فيلر قائلا"تفرض النمسا وبريطانيا، فضلا عن فرنسا، وهي دولة ذات توجهات مركزية تاريخية، ضرائب على شركات التكنولوجيا العملاقة ومع ذلك لا تفرض عليها ضرائب أكثر مما نفرضه نحن وتبلغ الرسوم الجمركية الأمريكية 15%، كما ستطبق في بلدنا قريبا، على النمسا، بل و10% على فرنسا، وهي نسبة أقل من رسومنا.