والله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا عم عدلي لمحزونون ، وإنا لفراقك يا خال عدلي لمقهورون
كان وليته ما كان.. وليتنا لم نعرفك وليتنا لم نتتلمذ علي يديك وليتك لم تحتوينا ولم تغمرنا بحبك بل ليتني لم اذهب إليك قبل موتك بساعة ، كيف عرفتني يا عم عدلي وأنت تصارع الموت وأنت تناقش عزرائيل وهو يأخذ روحك ؟ كيف سحبت يدك وابيت أن أقبلها وأنت تنزع روحك منك رغما عنك اكنت تحبني ؟؟ أعلم أنك أحببتنا جميعا
أنعيه أم أنعي صحفيو مصر في طيب القلب الودود الجميل فقد كان رحمه اللـه لا مجال إلا وكان فيه حاضرا ،ولا أحد يستطيع أن يحجم عطائه، ومن المستحيلات أن ننسي تدفق وسريان مداد قلمه الصحفي،
نشأنا صغارا في مهنة البحث عن المتاعب وهي مهنة المتاعب ذاتها وقوبلنا بصد غريب ممن سبقونا إلا ما رحم ربي وكأننا كنا نشاركهم الأرزاق ، وكنا نخشي أن نسلم علي أحدهم حتي لا يتبرأ منا نحن فراشات المهنة التي قد تودي بها أي عاصفة ، أو تحرقها شرارات النيران المتطايرة ، والكثير منا لم يكمل مسيرة حياته الصحفية ويلجأ سريعا لأي عمل يدر عليه دخلا فالصحافة لا تعطي في بدايتها أمولا بل تأخذ منا المال والعمر والوقت والأصدقاء وكل ملذات الحياة.
إلا أحدهم كان يقتسم حتى اللقمة التى يرفعها إلى فمه مع شباب الصحفيين ، يشيد بنا وبعملنا يداعبنا ويناغش كل منا علي حده وله مع كل زميل وقفة ووقفات وفضل وأفضال وجميل وجمايل وواجب وواجبات سباق في الخير وتفقد الكل ،مؤدي للواجبات جميعها رغم أنه أكبرنا سنا ومحاربا للعديد من الأمراض ، كان هو هذا الجميل الأرستقراطي الراقي اللطيف الشيك الأنيق صاحب الشعر المهذب والعيون الجميلة والوجه الوضاء ، عم عدلي المتدفق بلا سدود، المتواجد بلا أستار، الهادئ الوديع والثائر إذا ما اتي احدهم علي شباب الصحفيين كان أسدا جسورا ،
جاحد من لا يحبك يا عم عدلي .. ومجذوبٌ لولي من يفعل ويصبح هائما فيك يا رجل فقد كنت قدر جميل ورزق حلال ولحن رقيق وقعدة ونس ، ومصطبة عيلة ، ودوار ريفي وعمدة بلد ، وساقية مياه ، وقطرات ندي وأستاذ تربوي وكريم في عطائك، كريم في ابتسامتك ، كريم في حبك واحتوائك ، كريم في حكاويك ، كريم في حب الوطن والخوف عليه
الأن فقط أنادي بأعلي صوتي عم عدلي مات يا صحفيين مصر ، عم عدلي مات يا ضياء يا رشوان عم عدلي مات يا يحي يا قلاش عم عدلي مات يا خالد يا بلشي فاكر يا عم خالد وانت بتقولي هات عم عدلي اتصور جمبه ، مات ومعتش جي ومعتش هيتصور
عم عدلي مات يا إسلام يا خياط ومعتش هيناغشك وتقوله يا قريبي ويقولك غصب عنك يلا ، وتقوله مقدرش اتكلم وانت موجود
عم عدلي مات يا رامي يا منشاوي ومعتش هيطلب نسهر في الأحمدية ، ومش هيطلب مني أوصله بالعربية ، ومش هيطلب القهوة ويحلف إن الحساب عليه ، عم عدلي كان بيطلب ننزل نشرب قهوة في أزمة كورونا والبلد تحت الحظر عشان يشوف الشارع بصحبتي أنا وانت فاكر يا رامي
عم عدلي مات يا عم ناصر يا ابو طاحون وساب لك شيلة تقيلة قوي ووصية نحسبك كذلك وأنت أهلا للأمانة والوصية
عم عدلي مات يا عم غريب يا دماطي وانت بتحلفني اقابلك بدري عشان نزوره ونقضي معاه طول اليوم قبل وفاته وتصر نقعد جمب المستشفي في اي قهوة عشان نكون قريبين
عم عدلي مات يا أحمد يا مهنا ويا أحمد يا قنديل ويا محمد يا مبروك عم عدلي مات يا هاني يا دعبس عم عدلي مات يا شريف يا عبد الغني ، ويا محمد يا عوف ، عم عدلي مات يا أحمد يا فتحي ويا رفيق يا ناصف ، عم عدلي مات يا كل أبناء جيلي من ابناء صاحبة الجلالة
عم عدلي مات يا عم علاء يا عبد الله ويا عم أحمد ابو شنب وعم عاطف دعبس ويا عم الشيخ ناصر رجب ، ويا محمود يا صبرة ويا محمد يا ربيع ، ويا محمد يا شتا ، عم عدلي مات يا مصطفي يا شرقاوي ومعتش هترخم عليه
عم عدلي مات يا استاذ علي يا ابو دشيش ويا استاذ جمال عطالله ويا استاذ محمد عبد الغفار ، عم عدلي مات يا عم محمود يا شاذلي ، عم عدلي جيلك يا عم كرم يا مطاوع هتقابله ؟
عم عدلي مات يا كل من كتب بالقلم ، وسطر بالحرف ، ونشر بالصحف ، عم عدلي مات وساب نون والقلم وما يسطرون ، عم عدلي كان حنون ،
بما أننا شهداء الله في أرضه فأشهد والله وكيلي وهو حسبي ونعم الوكيل فقد جاءني هاتفيا خبر مرض الأستاذ عدلي في الساعة الواحدة صباح الاثنين وبعدها بدقيقة اتصل بي صدفة الاستاذ غريب الدماطي اعتقدت أنه سيخبرني بمرض عم عدلي ولكنه لكم يكن يعلم ومذ عرف تواصل مع زوجته ومع زميلنا مصطفي الشرقاوي وزميلنا الشحات سرحان وتم تدبير مكان في مستشفي الشروق بجهود واتصالات ظلت مستمرة حتي فجر الاثنين ، وبعدها ذهبنا للأستاذ في العناية ، ودخلت عليه مقبلا يده كعادتي معه فشد يده من فمي علي غير عادته ، كان قاسيا معي فاحتضنته وقبلت راسه وجبينه وقلت له انت بخير يا ريس اطمن رفع راسه للسماء قائلا يا رب يا رب يا رب ثلاثا ، وكان وجهه وضاء وجبينه يعلوه العرق وبه نور وضياء ، ومرددا يا رب يا رب ، علمت أنها علامات حسن الخاتمة خرجت من عنده قائلا الريس زي الفل يا عم غريب عرفني وحضني وهيبقي زي الفل وقلبي يعتصر وكنت علي يقين أن عم عدلي يصارع ملك الموت ، فطوال عمره كان فارسا مصارعا قويا في الحق ، ومن يستطع منا علي ملك الموت يا ريس عدلي، سيظل حضنك لي وضمتك لي في حضنك هي الأحن بعد موت أبي ولم يعتصر قلبي كهذا منذ وفاة ابي ايها الأخ والصديق والأستاذ والعم والخال ، ولم ولن أنسي زياراتك المتكررة لأبي وهو في مرض موته ومواساتك لي علي مدار شهر كامل دون كلل أو ملل
رحل الله العم عدلي محرم تاركا في قلبي وقلوب محبيه غصة محال أن تمحوها عوامل الزمن،
يا رب بشهادتي له قبل موته وظهور علامات حسن الخاتمة ارحم عبدك الفقير إلي رحمتك عدلي محرم وتقبله في الصالحين واجعل هذه الليلة اسعد لياليه ، اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك مات وهو يشهد لك بالوحدانية، لرسولك بالشهادة، فاغفر له و اكتبه عندك من الصالحين، والصديقين، والشهداء، والأبرار، اللهم اكتبه عندك من الصابرين، وجازه جزاء الصابرين. اللهم انزله منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقً
نعزي أنفسنا وصحفيون مصر في وفاة الاستاذ الكاتب الصحفي الكبير عدلي محرم وتقام صلاة الجنازة ظهر الثلاثاء بمسجد عوارة في مدينة طنطا والعزاء ليلا بدار المناسبات