يا أهل السياسة وقادة الأحزاب... هذا واقعنا بصراحة ماذا أنتم فاعلون؟
المجتمع البشر الوطن محددات رئيسية لمجتمع قوى، لكن ما نراه ونرصده في واقع حياة الناس يعكس تردى غير مسبوق، هذا التردي البغيض لم يعد قاصرا على البسطاء والفقراء والمهمشين، بل امتد للحياة السياسية، والممارسة الحزبية، وأصبح اهتمام الساسة، وأعضاء الأحزاب ليس في طرح مايفير الوطن، وينمى قدرات الناس، ويعظم موارد الدولة، ويخفف العبء عن البسطاء من أهلنا، ورفع مستوى المعيشة، والعمل على تفعيل دراسات وضعها خبراء تعمل على تطوير الدولة، إنما في تشويه منافسيهم سياسيا، وحزبيا، ومجتمعيا، حتى وصل الهزل قمته عندما أراد بعض أعضاء حزب السلطة أن يجعلوا من حزبهم كيانا يستحوذ على كل شيء بالمجتمع في القلب من تلك الساحة السياسية.
لعل من أكبر الخطايا محاولة حزب السلطة وحوارييه من الأحزاب أن يضفوا على تعاملات المنتمين إلى أحزابهم قداسه، وكأنهم ليسوا بشرا بل ملائكة أخيار لا يخطئون، ليس هذا فحسب بل انشغلوا بتحرير تقارير في حق رموز وقاده سياسيو، وحزبيون جميعها تصب في دائرة الاتهام، هؤلاء فاقدي الإدراك السياسي ظنوا أن ذلك يبعد من أعدوا بشأنهم تقارير عن المشهد دون إدراك منهم أنهم أنفسهم زهدوا في الممارسة السياسية برمتها بعد أن باتت بهذا الهزل الذين هم عنوان له، وفقدت قيمة أن يكون النائب بإرادة شعبية حره ومنزهة. إنصافا... لاشك أن هذا النهج لايعكس نهج جميع هؤلاء المنتمين لحزب السلطه وحوارييه من الأحزاب، لأن فيما بينهم حتى في مصاف القيادة من هم على مستوى المسئوليه الوطنيه، السياسيه، والحزبيه، والمجتمعيه، ويمارسون السياسه بإخلاص، ويجتهدون لتقديم الخير للناس لكن أصحاب الصوت العالى بينهم باتوا يتصدرون المشهد إنطلاقا من ضجيج يصنعونه بأنفسهم لأنفسهم، وكأنهم يريدون أن يعرفهم الناس ولو بالسوء من القول، وتوراى هؤلاء المحترمين إلى ركن ركين.
يتعين أن يعى جيدا كل الساسه على إختلاف إنتماءاتهم السياسيه، وقناعاتهم الفكرية خاصة الذين ينعمون بحضن السلطه أن من الخطيئه إعتقاد كل منهم أن مايقولون به من رأى هو الصواب، ومايسلكونه من نهج سياسى هو الحق، وما يعتقدونه من أفكار ليس لها بديل، وأن مايمارسونه من سياسه لايأتيها الباطل على الإطلاق، بل يجب اليقين الحتمى بأن مايقولون به ليس هو الحق المبين، وما يطرحونه ليس هو الحقيقه المطلقه، ومايكتبونه ليس فيه كلمة بعيده عن الصدق، لأن منطلق كل ذلك معطيات حياتية بالقطع تتغير بمرور الأيام، وتغير الأفهام، ولأضرب مثلا بنفسى كثيرة هى القناعات السياسيه التى تراجعت عنها، والأفكار التى راجعت فيها نفسى، والمواقف التى تغيرت بعد إنكشاف المستور، وظهور الغرض لدى من طرحوها، بل كثيرا ماإعتذرت عماطرحت ككاتب صحفى متخصص عن تحليلات كانت مبنية على معلومات لاتتسم بالعمق، بل كثيرا ماقدمت الشكر لمن نبهنى عن خطأ وقعت فيه، أو رؤيه كان له فيها حق جعلتنى أحدث مراجعة لما كان لدى.
الكارثه أن بعضهم يفتخر فى جلساتهم الخاصة بذلك دون الإعتبار للمصير المؤلم للأحزاب التى نشأت وترعرعت فى حضن السلطة في الماضى البعيد والقريب، ودون إدراك أن التجرد من الإنسانيه خطيئه ونهج المكائد البغيض الذى يتنافى مع الفطره الإنسانيه السويه، وأن هذا يجعلهم محل إستهجان في المجتمع، يضاف إلى ذلك أنهم تركوهم يغوص فى مستنقعا عفنا، وأن الكرام والقادة وجدوا عن قناعه أنهم أكبر من أن يهدروا تاريخهم فى المشاركه السياسيه التى يكتنفها هذا الهزل، فاكتفوا بأنهم ما زالوا أعضاء بالأحزاب دون تفعيل. يبقى السؤال الجوهرى الذى أوجهه إلى أهل السياسة وقادة الأحزاب... هذا واقعنا بصراحة ماذا أنتم فاعلون؟.
الرأي العام