الصحافة صوت الشعب وضمير الوطن ، وملاذ المواطن ، من أجل ذلك كان تبنى قضايا المواطن ، وطرح هموم الناس ، ومناقشة مشاكلهم ، والبحث لها عن حل ، منطلقات أساسية لرسالة الصحافة ، هكذا تعلمنا ، وعايشنا أساتذتنا الأجلاء ، ويتعين أن يدرك ذلك كل المسئولين بالحكومة ، لذا فإن ماأتناوله من قضايا يأتى إنطلاقا من تلك الثوابت فى مهنة الصحافة ، وليس على سبيل التزيد ، أوالدخول فيما لايعنينى ، أضيف إلى ذلك أنه وفقا لهذا المبدأ فإن الحكومه ممثله فى التنفيذيين يجب أن يدرك كل أفرادها أننى وغيرى من الكتاب وفقا لهذا النهج نكون لهم معاونين ، ومبصرين ، ومساعدين ، خاصة وأننى وغيرى نعرض كل ذلك بموضوعية وإحترام ، والحجه والبيان ، بل إننا بالتنبيه لمواطن الخلل ، والتصدى لها نقضى على أى إحتقان قد يستغله البعض للنيل من الحكومه والوطن .
إنطلاقا من ذلك قبل مايزيد على ربع قرن وبالتحديد في الأول من ديسمبر عام 97 وحتى مايو 2009 كان إلتحاق الخريجين بمشروع التقاوى التابع لوزارة الزراعه ، منهم عشرون من هؤلاء الخريجين ببلدتى بسيون من حملة بكالوريوس الزراعه ، والمعهد الفني التجارى ، ودبلوم التجاره ، وذلك للعمل في هذا المشروع بنظام الأجر اليومى ، والذى يقينا أسسه الدكتور يوسف والى نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعه وإستصلاح الأراضى ، لاشك ينطلق عمل تلك الإداره من رؤيه موضوعيه وهدف نبيل ، وهى التطوير والتحديث فيما يتعلق بالتقاوى ، وإستنباط ماهو جديد بشأنها ، وتوفيره للفلاح المصرى ، وتصدير البعض منه للخارج وكذلك تحقيق عائد مادى كبير خاصة وأن تلك الإدارة تضم باحثين ومنتجين ودائما مصرنا الحبيبه رائده فى هذا المجال .
رغم كل ماطرحت بشأن هذا الأمر من رؤية موضوعيه شديدة الإحترام ، إلا أن مايتمخض عنها يدعو للألم ، بل ينطبق عليه القول المأثور " شر البليه مايضحك " أقول ذلك تأثرا وألما بما وصل إليه الحال فى تلك القضيه المأساوية عندما نعرف أن قيمة الأجر اليومى لكل خريج من هؤلاء يعمل في هذه المنظومه جنيهين ، نعم جنيهين ، يخصم منهم أيام الجمع والعطلات ، ومع ذلك إستمروا في العمل حتى اليوم أملا في التثبيت ، وبمرور الأيام والشهور والسنوات إرتفع قيمة الأجر اليومى من جنيهين إلى خمسة جنيهات يخصم منهم أيام الجمع والسبت من كل أسبوع ، فيتقلص المبلغ إلى مائه وعشرة جنيهات في الشهر ، يخصم منهم عشرون جنيها رسوم إداريه ودمغات إذا يبلغ صافى مايتقاضونه في الشهر ثمانون جنيها ، نعم ثمانون جنيها ، رغم كل ذلك أيضا وهزلية الثمانون جنيها في الشهر لخريج ، عاش هؤلاء الخريجين كل تلك السنين الطوال التي تقترب من الثلاثين عاما بهذا المبلغ الأضحوكه على أمل التثبيت ، وإنتقالهم إلى وضع وظيفى ومعيشى أفضل ، ورغم أن منهم من إنتقل إلى رحمة الله تعالى قبل أن يتحقق حلمه وترك أولاده يسألون الله الستر ، إلا أن الباقون مازال يراودهم هذا الحلم الذى رغم ماإعتراهم من إحباط إلا أنهم يأملون في رحمة رب العالمين سبحانه وأن يسخر لهم مسئول يتمتع بالوطنيه ، يشعر بهم ويحقق حلمهم .
أتصور بما تبقى لدى من عقل ، وماعندى من فهم ، وماأدركه من إنسانيه بداخلى ، فإن هؤلاء الكرام الذين ضاع عمرهم في الأوهام يستحقون أن تنتبه لقضيتهم الحكومه كل الحكومه مجتمعه وليس وزير الزراعه الدكتور السيد القصير فقط ، وكل أعضاء مجلس النواب مجتمعين ، وأعضاء مجلس الشيوخ جميعهم ، هذا إذا كانوا وبحق يعبرون عن ضمير هذا الوطن ، ويدركون معاناة الناس ، وإلى أن يتحقق ذلك ، أتصور كإجراء إنسانى محترم يليق بنا كمصريين ، وكذلك يليق بهؤلاء المصريين من المسئولين أن يتم رفع هذا المبلغ الفضيحه نعم الفضيحه بما يوازى معاش تكافل وكرامه الذى يتقاضاه المعدمين من أهالينا البسطاء من التضامن الإجتماعى ، أو تحرير عقد تأميني لهم براتب لايجعلنا أضحوكه بين الأمم ، وذلك كإجراء مؤقت وسريع يحفظ ماء وجه كل المسئولين بالزراعه والماليه ، خاصة وأن معظمهم تعدى سنهم الآن الخمسين عاما .
تبقى كلمه يتعين أن أقولها لله ثم للتاريخ قبل أن يضعنا الأجيال القادمه فى مصاف فاقدى القيمه .. جميعا مدانون الحكومه ، والنواب ، وأصحاب الفكر والرأى ، والمثقفين وذلك في حق الخريجين العاملين بمشروع التقاوى التابع لوزارة الزراعه ، منهم عشرون من هؤلاء الخريجين ببلدتى بسيون .. جميعا أشرف لهم أن يصمتوا الساسه ، وقادة الأحزاب ، لأنه بعد هذا الهزل المتمثل في تجاهل هموم الناس ، وتبنى فعاليات تتسم بالضجيج وتفتقد للموضوعيه خاصة بعد فضيحة الجنيهين في اليوم دون أن ينتفض منهم أحد ، بل كنت أتصور أن هذا الأمر سيكون محور نقاش على مستوى اللجان النوعيه المركزيه لتلك الأحزاب ، ليشعر الناس أنهم يبحثون أمرا يتعلق بشئونهم وليس لمناقشة أمور لها علاقة بالمنظرة والبروباجندا .. جميعا يتعين أن نخجل من أنفسنا ، كل من يصمت ولايتحرك لمواجهة هذا التردى ، على أية حال لن أفقد الأمل في أن أتلقى إتصالا بإنهاء أزمة هؤلاء الخريجين ، وأنه تم تدارك أزمتهم ليستحق من يفعل ذلك من المسئولين أن أضعه في لوحة الشرف ، وينال الدعوات الطيبات من هؤلاء الخريجين ، وذلك إنطلاقا من أنه يبقى الأمل ماكان فينا قلب ينبض بالحياه ، وسنظل نشدو بالحق ، ونطالب بالحقوق حتى يتولانا رب العالمين سبحانه برحمته ، ونغادر تلك الحياه غير مبدلين ، ولامغيرين ، ولاخزايا ، ولامفتونين حتى نجد من يدعوا لنا ويترحم علينا .