الإنتخابات الرئاسية والزلزال الذى صدع بنيان كل الأحزاب
تفاعل الأحزاب بالشارع المخرج الوحيد للضعف الحزبى والأداء السياسى المتردى
تعايشنا خلال الفتره الأخيرة مع الواقع السياسى عن قرب ، وأدركنا أنه في حاجه لأن يتسم بالواقعية ، ويليق بمصر التاريخ والحضاره ، وكذلك الواقع الحزبى ، الذى بات واضحا ماإعتراه من ضعف وهزال ، وذلك إنطلاقا من الإنتخابات الرئاسيه التي إنتهت منذ يومين بفوز الرئيس السيسى برئاسة مصر ، والتي ستعلن نتيجتها رسميا بعد غد الإثنين ، ورغم أنه كان فوزا متوقعا إلا أنه لاشك أحدث بصراحه شديده دويا زلزل واقعنا السياسى والحزبى ، وكذلك زلزل أركان كل الأحزاب خاصة تلك التي قدمت مرشحين للرئاسة في القلب منهم حزب الوفد الذى رغم أننى أنتمى إليه بل أحد قادته إلا أننى عندما أتناول واقعنا السياسى والحزبى ككاتب صحفى متخصص في الشئون السياسيه والبرلمانيه والأحزاب يتعين أن أخلع رداء الحزبيه ويكون منطلق التناول الشفافيه والحياديه والمصداقيه .
يبقى من أهم نتائج تلك الإنتخابات الإيجابيه أنها أحدثت حراكا كبيرا داخل الأحزاب ، وحركت المياه الراكده التي كادت أن تتحلل بداخلها الأحزاب ، وفتحت الباب على مصراعيه لمناقشات تتسم بالعمق الشديد ، وهذا شيىء محترم حتى وإن حمل بين طياته نقدا لاذعا لنهج تلك الأحزاب ، وإتهام لمرشحيها بأنهم طواعية وعن طيب خاطر وسعاده قبلوا أن يكونوا أداه لإستكمال الشكل الديمقراطى ليس أكثر ، وذلك بعد أن رصد الجميع تلك الأريحيه التي طالت معركتهم الإنتخابيه ، وهذا الإنبساط الذى خيم على دعايتهم وكأنهم في نزهة ، وتلك البساطه في التعاطى مع آليات الإنتخابات وما شاب بعضها من مشكلات ، بل إن المرشحين للرئاسه جميعهم دون الرئيس السيسى كادت تغمرهم السعاده عندما إختتموا دعايتهم الإنتخابيه ضيوفا على إحدى البرامج التليفزيونيه لطرح رؤيتهم على الشعب دون سجال بينهم ، ودون الرئيس السيسى والإستعاضه عنه بأحد أعضاء حملته وليس رئيس الحمله ولهذا دلالته الكبيره التي كان يجب أن يفهمها هؤلاء المرشحين الثلاثه للإنتخابات الرئاسيه أن قدرهم ليس بقدر الرئيس السيسى ، ولابقدر رئيس حملته الإنتخابيه إنما يساوى قدر احد أعضاء الحمله .
كان من تداعيات ذلك أن كثر من أعضاء وقادة تلك الأحزاب رأوا ألا يكون لهم دور فاعل مع مرشحيهم ليقينهم بعدم مقدرتهم على إقناع الناس بهم ، أو حتى تحقيق معركة إنتخابيه مشرفه ، بل إنهم كانوا يرون أن الظروف الراهنه وماحدث من إجرام صهيونى بغزه يتطلب إصطفافا حول الرئيس السيسى وتنازلا من هؤلاء المرشحين " الكيوت " عن الترشح توفيرا للمليارات التي أنفقت في الدعاية والعمليه الإنتخابيه ، وإستخدامها في رفع المعاناه الإقتصاديه عن الشعب ، لكن إنتصر الرأي الذى قال بحتمية الإنتخابات من أجل المجتمع الخارجي وهو رأى محترم له دلالاته ووجاهته ، من هنا كانت الحيره .
كشفت الإنتخابات الرئاسيه عن أن الأحزاب السياسيه جميعها بصراحه شديده بما فيهم الحزب الذى يفخر بدعم السلطه له ، والأحزاب الوصيفه له ، لاتليق بقيمة مصرنا الحبيبه ، لامن ناحية التشكيل ، ولامستوى متصدرى مشهده خاصة القاده ، وعندما أطرح ذلك فيما يتعلق بالقاده ومتصدرى مشهده بالإعلام إنما أطرحه من ناحية الأداء السياسى والحزبى وليس من ناحية المكون الشخصى لأن جميعهم على المستوى الشخصى محل تقدير وتوقير وإحترام ، وبهم قامات رفيعه في تخصصهم العلمى أو الإدارى ، أو حتى الوظيفى .
أتصور أن المخرج الوحيد من هذا الضعف الذى إعترى الواقع الحزبى ، والأداء السياسى المتردى يكمن في حتمية منح الفرصة لتلك الأحزاب أن تحدث تفاعلا حقيقيا بالشارع ، ويطرح خبرائها ولجانها النوعيه مايرونه خروجا من أزماتنا خاصة الإقتصاديه ، وفى ذلك تقوية للحزب المحسوب على السلطه وحوارييه من الأحزاب لأنه سيضطر أن يخرج من قمقمه ويتحرك بالشارع لإثبات وجوده تحرك فعلى وإيجابى فرضته المنافسه بعد أن ترفع الدوله يدها عن دعمه ، وتكون على مسافه واحده من كل الأحزاب ، وليس تحرك المؤتمرات والمسيرات المدعومه بالموظفين بالجهاز الإدارى للدوله تحت مظلة الضجيج بلا فاعليه ومردود على الوطن والمواطن ، بالمجمل يبقى أن إحداث حراك سياسى حقيقى هو المخرج الوحيد للقضاء على الضعف الذى إنتاب بنيان كل الأحزاب . على أية حال كشفت الانتخابات الرئاسيه أن التجربه الحزبيه في مأزق خطير وتحتاج إلى ترميم سريع قبل أن يتهاوى بنيانها . كيف ؟ تابعوا مقالى المنشور غدا بإذن الله