يوما أعطانى مواطنا بسيطا درسا فى الحياة
آن الأوان أن نتعايش مع هموم المواطن بجد
حوارات مرشحى الرئاسة كشفت إلى أي مدى وصل مستوى الساسة في مصر
اليوم يعلن رسميا الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيسا لمصر بالإنتخاب ، وهذا أمر ليس بغريب بل كان متوقعا حتى من الذين لاعلاقه لهم بالسياسة ، أو بسطاء الناس ، رغم معاناتهم المعيشيه ، نظرا لرصدهم للذين خرجوا وأعطوه أصواتهم إستشعارا للخطر على الوطن ، بعد الإجرام الصهيوني ضد أهالينا بغزه ، وتناغما مع الموقف الواضح والصريح الرافض لمحاولة تهجير أهلنا بغزه إلى سيناء كوطن بديل ، والذى يعنى نهاية القضيه الفلسطينيه ، يضاف إلى ذلك وبصراحه شديده المرشحين المنافسين الثلاثه أنفسهم ، فارق شاسع في كل شيىء ، حتى في الحوارات معهم والتي بثها التليفزيون ، وآلمتنى كثيرا كما آلمت قطاع كبير من المصريين ، لأنها كشفت إلى أي مدى وصل مستوى الفهم الآن عند قادة السياسه ، خاصة الحوار الذى تم مع المرشح الذى ينتمى لليسار ، والذى إنطلق من تعميق المزايدات فأهال التراب على مجموعة الإخوان ، وأبدع في ذلك لينال التصفيق ، ثم إنبرى وطال حديثه نقدا على إستحياء لنظام الحكم الحالي ظنا منه أنه بذلك يكون زعيما .
تبقى النصيحه واجبه لهذا الحزب الذى يلقى كل الرعايه والعنايه وحوارييه من الأحزاب ، أن يتوقفوا عن الضجيج ويدركوا أن الشعب إنتخب الرئيس ليس إنطلاقا من ضجيجهم إنما خوفا على الوطن ، بل إن ضجيجهم الذى أحدثه الأفراد المنتمين لهم الذين يعيشون مع بعضهم البعض كل الوقت ، في حاجه لإعادة نظر ، وعليهم وفورا قبل أن يكونوا نقطة ضعف عند الرئيس ، والحكومه ، أن يجلسوا مع الناس على المصطبه يديرون حوارا من العمق ، أو يفعلوا كما فعل النائب الدكتور طلعت عبدالقوى في الطرح الرائع والعقلانى والصادق الذى جاء تدشينا لفعاليات مؤتمر حكاية وطن ما بين الرؤية والإنجاز بمحافظة الغربية والذى إنطلق عبر التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي بحضور الدكتور طارق رحمي محافظ الغربية ، والدكتور محمود زكي رئيس جامعة طنطا والذى ضم كل فئات المجتمع والذى رأيت فيه من لبس الجلباب ومن كان يرتدى البدله ، ومن لبس القميص والبطلون من البسطاء قبل الشباب ، بالمجمل كنت أتمنى وغيرى من عموم الشعب المصرى أن يقول لنا الساده المرشحين للرئاسه رؤيتهم الإقتصاديه ، والإجتماعيه التي يمكن لها أن تساهم في أن يخرج المواطن الغلبان الذى يخاطبه من عنق الزجاجه .
دلالة ماأطرحه في هذا السياق أن رجل نبيل بسيط من بلدتى أعطانى درسا لن أنساه ماحييت ، حيث أبديت تحفظا على أن يقوم بتقليم الأشجار بحديقة الفيلا يوم الجمعه على خلفية إنشغالى بمتابعة بعض الفعاليات السياسيه والحزبيه في هذا اليوم التي لها علاقه بالإنتخابات الرئاسيه ، والذى قد يستلزم معه الأمر أن أتنقل بين أكثر من مكان ، إبتسم الرجل النبيل ضاحكا ضحكه إستشعرت منه أنها ممزوجه بالتعجب من مستوى تفكيرى ، ونمط سلوكى فى جعل تلك الحوارات محور نقاش ، متمنيا أداء عمله في هذا اليوم ، هذا الرجل العظيم أعطانى درسا بحق ، وجلست أمامه مذبهل سعيد بهذا المستوى من الوعى الذى وصل إلى عمق حياة البسطاء من المصريين .
شرد الذهن وأنا أستمع لهذا الرجل الطيب وكدت أقول ياساده ياكرام ، ياحملة الدكتوره فى إرادات الشعوب ، ياأيها الساسه ياأصحاب شعارات إرفع رأسك ياأخى فأنت المواطن السيد ، عندما قال " ريح دماغك بتوع السياسه دول عالم فاضيه يتوع كلام ، إنت مش زيهم ، إنت طول النهار بتجرى بالمرضى على المستشفيات ، وبابك مفتوح كان الله في عونك " ، هو فيه حد فيهم بيصحى الصبح يدور زى على يوميه ، دول قاعدين في إللى إسمه إيه الخامس ده .. دا أنا محتاس بعيالى عشان ياكلوا ويشربوا وهما بيغيروا لعيالهم كل سنه العربيه " بس عشان خاطر النبى محمد قول للمحافظ صاحبك يخفض الأسعار ، أنا أكافح 24 ساعة على لقمة العيش ، لأوفر قوتا لأولادى ، وأشترى لهم الفطار ، والغداء ، والعشاء ، وأدبر مصاريف الدروس لإبنتى ، وفاتورة المياه بنت الـ ....... ، والكهرباء بنت الـ ......... ، ومصاريف المواصلات لإبنتى الأخرى حتى تذهب للجامعه بطنطا .. يابيه ربنا يصلح حالك إعمل معروف ، خلينا فى حالنا هما أحرار مع بعض ، وأحضر برتقاله من على الشجره وأعطاها لى قائلا خد البرتقاله دى وصلى على النبى . قال خطط ، وآراء ، وتصورات قلت سيادتك أنهم قالوها وأقسم أنا مافاهم حاجه منهم .
أدركت أن هذا المواطن وغيره كثر لايعنيهم المشهد السياسى ، إنما يعنيهم ويشغلهم لقمة العيش ، إلى الدرجه التي معها لايعرف حتى أسماء الأحزاب لأن تلك الأحزاب نسيته ، ولم تستطيع الوصول إليه حتى بإحداث الضجيج ، وذلك عندما قال لى يابيه متزعلش منى إنت عارف أنا بحبك بس أنا زعلان لأن سيادتك بقيت ساكت معدتش بأسمع صوتك عالى فى مجلس الشعب زى الأول أما كان صوتك عالى وبيجلجل وكنا بنفرح ونسقف وإحنا قاعدين قدام التليفزيون بنسمعك وإنت بتصرخ وتقول بسيون العظيمه . قلت له ياغالى أولا معدش فيه مجلس شعب أصلا فيه مجلس نواب وكمان أنا والله العظيم لم أعد عضوا فيه ، وأقسم بالله أنا مبقتش أروحه ومش رايحه تانى ، القاعده معاك أحسن من القاعده هناك ، فضحك وقال ربنا يجبر بخاطرك .
يبقى من الأهميه أن نتوقف كثيرا وطويلا أمام كلمات هذا الرجل الطيب المنعزل عن كل العالم تأثرا بالبحث عن حياه كريمه له ولأسرته ، لأن لها مدلولات كثيره تستحق الوقوف أمامها بالتأمل ، وأن يتوقف الجميع أمام هذا الواقع المؤلم الذى تسبب فيما وصل إليه الحال بالمواطن ، وكذلك يجب أن ينتبه لنهج هؤلاء البسطاء المحللين ، ومتصدرى الإعلام الذى يهللون صباح مساء وكل الوقت ، على الفارغه والمليانه ، لكل شيىء وأى شيىء حتى لو تافه أو غير منطقى لهذا الفكر الجمعى الذى سيطر على فئه من الناس ، يخاطبون الناس بكلمات رائعه لكنهم لم يدركوا أن المواطن يوم أن تم تهميشه وجعله خيال ماآته فيما يتعلق بإختيار النواب كفربالسياسه ، وإعتزل الساسه ، وأعطى ظهره للإعلام ، لأن كل هؤلاء لم يسعوا للعمل على أن يتعايشوا همومه ، هذا المواطن البسيط فى تقديرى هو المعلم الحقيقى الذى صدر لنا أنه سيسير خلف من يحقق له السعاده والحياه الكريمه ، ويحقق له الأمن والأمان حتى ولو كان شيوعيا يكفر بكل الأديان . فهل يمكن أن ينتبه أصحاب القرار لذلك ، ويغوصوا فى أعماق ماطرحه هذا الرجل الذى أعطانى درسا فى الحياه . يبقى ماذا بعد الإستحقاق الرئاسى .. تابعوا مقالى المنشور غدا بإذن الله