الجمعة يوم فضيل من أيام الله تعالى يطيب لى فيه مخاطبة النفس ، والتناغم مع الوجدان ، وطرح قضية التقارب ، والتواد ، والتراحم ، لأنها قضايا لها علاقة بكل المجتمع وليست خاصة بفئه ، أو نهجا لعائله ، أو منطلقا لجماعه ، وهى صمام أمان للمجتمع ، يبقى صفاء القلوب أساس أى تقارب وتواد وتراحم ، الأمر الذى معه ينتاب الإنسان الهلع والإنزعاج عندما يستجيب الأكارم لدعوة الفضلاء للجلوس فى إطار أخوى لتصفية القلوب وإحداث تقارب ومع ذلك نجد من يأتوا بتجاوزات ، ويطرحوا مالايليق لإظهار أن طرف هو العظيم وطرف لاقدر مجتمعى لهم ، وأن الطرف العظيم يتم نعته بأنه صاحب القلب الكبير برغم ماأحدثه فى القلوب من آلام ، سيتفضل بالعفو والصفح عن الطرف الٱخر الذين روجوا أنهم نعتوه بالنقائص ، وذلك لتصدير أن هذا اللقاء لتقديم فروض الولاء والطاعه والإعتذار لمن عمق الآلام . الأمر الذى قد يدفع بالمقهور أن يصرخ فى وجه قاهريه فتتعاظم المشكلات ، وتزداد الفجوه ، ويتنامى الصراع .
بمنتهى الصراحه والشفافيه واقعنا المجتمعى مرير مرارة العلقم ، بعد أن بات من الطبيعى أن يؤذى الإنسان أخاه الإنسان ، ولو بما يؤلمه قولا ، ومايقهره فعلا وتصرفا ، المصيبه الإصرار على أن يضعه فى علامة إستفهام ، رغم العيش والملح ، وعظيم التقدير الذى يتجلى عند اللقاء ، الكارثه أننا لو بحثنا عن أصل الخلاف نجده من التوافه أو مجرد خلاف فى الرأى حول أسلوب التعاطى مع القضايا ، أو بسبب لعب الأطفال ، لكنها النفس البشريه وتعظيم الأنا ، المأساه أنه يتبع ذلك تشويه غريب وعجيب ، ومصادرة أي محاوله للتوضيح والعتاب بحكم الجيره والأخوه والعشره .
المأساه تلك الحاله التى ألقت بغبار كثيف على ماكان يقال أنه محبه بين المفترض أنهم أحبه والتى ظن البعض أنها راسخه رسوخ اليقين بالوجود ، فكان تجييش طرف للبسطاء ، والطيبين ، من الأكارم للنيل من الطرف الآخر عبر التضليل وبث رؤيه لديهم لاتتسم بالمصداقيه ، ولاتتحلى بالإنصاف ، وكذلك المختلفين في الرأي إلى الدرجه التى قد يصف أحدهم بشأن من لهم رؤيه مخالفه مع من صدر لهم أن هناك تجاوزات تمت بحقه بأنهم كلاب تعوى ، ولاحول ولاقوة إلا بالله العلى العظيم ، إنطلاقا من الزعم زورا أنهم يدافعون عن أذى بالقول طال أحدا منهم ، مؤلم أن أقول أن هذا الذى يحدث ندرك معه أن الغايه من المكون المجتمعى جيران كانوا أو أصدقاء ، أو زملاء عمل ، أو رفقاء درب ، فى حاجه لإخلاص حتى تكون لله وفى الله ، ومنطلقها الموده والرحمه تعميقا للترابط المجتمعى ، وأن المحبه الأخويه فى حاجه لمراجعه ، خاصة بعد أن ترسخ اليقين أن العيش والملح بات محل نظر .
يؤلمنى أن أقول أيضا أن النفوس لم يتعمق فيها ماكان من عيش وملح ، وماكان يطلق عليه صلة الدم ، لذا باتت فى حاجه لمراجعه إبتغاء مرضاة الله ، والقلوب فى حاجه لتطهير ، والإيمان يقينا محل نظر لأن المؤمن لايؤذى أخاه المؤمن ويدعى عليه باطلا ، ولعل أدل على ذلك من حجَّة الوداع التى كانت إعلانًا لحقوق المسلم ، وإشهارًا لمبدأ كرامته ، وتعظيم حرمته وقدره عند الله ، وتحريم أذيَّتِه بأيِّ وجهٍ من الوجوه في ميثاقٍ تاريخي نُودِيَ به في أعظم محفل ، من أجل ذلك كان انتهاك هذه الحرمة التي عظَّمَها الله ، والتعدِّي على المسلمين بأذيتهم لَمِن أعظم الذُّنوب والآثام ، وقد قال الله - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾ ، على أية حال ندرك حجم الكارثه المجتمعيه التى عمقت فقدان الكل الثقه فى الكل تأثرا بتصرفات البعض من الناس ، حتى إستقر اليقين أنه حين يتعرض الإنسان للأذى والضرر ، فلاحب ، ولاصداقة ، بل ولاقرابة ، ولا نسب !!!!!!! ، لأن من يحب بصدق ويعاشر بحب لايعرف الأذى ، ولا الضرر ، على أية حال اليقين الإيمانى راسخ أن الله يدبر الأمر ويحفظ عباده . لذا كان الأمر له سبحانه وحده من بعده ومن قبله .