رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

مينا نيقولا يكتب: لماذا نجلد أنفسنا؟

في منتصف الربيع الماضي، شهدت دول أوروبية متقدمة مثل إسبانيا والبرتغال وأجزاء من فرنسا انقطاعًا شبه كامل في التيار الكهربائي والخدمات الأساسية، بما في ذلك الإنترنت ومترو الأنفاق، استمر لأكثر من 12 ساعة، أثرت هذه الأزمة على ملايين المواطنين، لكنها مرت بهدوء لافت دون ضجيج إعلامي أو اتهامات متبادلة أو حملات على وسائل التواصل الاجتماعي تحمل الحكومات مسؤولية خراب البلاد، هذا المشهد يطرح تساؤلًا جوهريًا: لماذا نسارع في مصر إلى جلد الذات مع كل أزمة؟ ولماذا يتحول أي انقطاع أو حادث إلى مادة للتشكيك والسخرية؟
نقد بنّاء أم هجوم هدّام؟
الفرق بين النقد البنّاء والهجوم الهدّام دقيق لكنه حاسم، النقد مطلوب وضروري، لا سيما في دولة تسعى إلى الإصلاح والتطوير، لكن تحويل كل خطأ إلى مؤامرة وكل أزمة إلى فضيحة قومية، يخلق مناخًا عامًا طاردًا للعقل، مكرسًا لثقافة الهدم بدلاً من البناء. 
في دول مثل فرنسا أو ألمانيا، يحافظ المواطن على حقه في المحاسبة، لكنه يدرك أيضًا أن الأزمات جزء لا يتجزأ من الواقع، حتى في أكثر الدول تقدمًا هناك وعي مجتمعي بأن الخدمات قد تتعطل، وأن القرارات قد تخطئ، وأن أي دولة ليست معصومة.
تحديات حقيقية في عالم مضطرب
الظروف ليست مثالية وهذا أمر مفروغ منه، تواجه مصر تحديات حقيقية: التضخم وارتفاع الأسعار وأعباء اقتصادية متراكمة، لكن هذه التحديات ليست محلية فقط فالعالم بأسره يعاني من أزمات الطاقة واضطرابات سلاسل الإمداد وتبعات الحروب والركود الاقتصادي العالمي. الفرق يكمن في طريقة التعامل مع هذه الأزمات بعض الشعوب ترى في الأزمات اختبارًا للتماسك الجماعي، بينما يميل البعض الآخر إلى جلد الذات ولوم الدولة في كل صغيرة وكبيرة.
من يحمل الوطن؟
في المراحل الفارقة من تاريخ الأمم، لا يُطلب من الدولة وحدها أن تحمي الشعب، بل يُطلب من الشعب أيضًا أن يكون ظهيرًا للدولة. هذا لا يعني السكوت عن الأخطاء، بل يعني أن يكون الخطاب العام مسؤولًا والاختلاف محترمًا، والنقد في مكانه الصحيح، إذا كنا لا نحتمل انقطاع الإنترنت لساعات، أو تعطل المترو ليوم، فهل ندرك معنى الحرب أو الحصار أو الأزمات الممتدة؟  وهل نمتلك الوعي الكافي لتحمل ظروف استثنائية تتطلب صبرًا وتكاتفًا بدلاً من التهكم والتشكيك؟
قوة التماسك ومخاطر الانقسام
انتبهوا، أيها المصريون، فهناك تقارير استخباراتية ترصد لحظة بلحظة علاقة الشعب بنظام الحكم. قوة التماسك بين الشعب والدولة هي أساس استقرار الأمم، تحليل الرأي العام يُبنى عليه قرارات مصيرية، وعلينا أن نعي أن انهيار الدول يأتي دائمًا من الداخل، السخرية المستمرة والتشكيك الدائم قد يخلقان فراغًا وطنيًا أخطر من الأزمات نفسها.