تعرضين عليَّ همًا عَرَضَ بكِ شاكية مُتنهدةً: ”لكِن المرأة مرغوبة لا راغبة“.
فأقول لكِ تنزلًا: بل المرأة مرغوبة وراغبة ولكِنها مطلوبة غير طالبة، لازمة لخدرها غير مُبادرة، كاتمة للذي أصابها غير بواحة به في غير حِله.
مساكين أهل الهوى ما إن يضرم بأفئدتهم يقلب جنبيهم على شوك الرق وجمر التوق، والمُحب يا كريمة السجايا يُطيق كل شيء في هذه الدنيا إلا فوات محبوبه من بين يديه
إن للقلوب سلطان وحدها ولا سُلطان عليها، وربك يُحصي النبضات والخفقات فإن كانت في حِله باركها ويسرها، وإن كانت في سخطه عسرها ونزع بركتها.
فأوصيك إن وقع في قلبك من ذلك الحَر شيئًا، أن تبرديه بالدعاء: ألا يتسرب منكِ في غير موضعٍ يشقيكِ به، وألا تُحرق به نفسكِ بوصلٍ مبتورٍ وأمل مسجور.
سلي الله ألا يجعل في تعلقكِ تحرقًا، وأن يستخلص ذلك الميل في حال طيبة تسره حتى يحين أمره، فإن حان كان محفوفًا برضاه وإن ران على قلبك منه وجعًا أن يَمضي فيكِ بلاءً خفيفًا لا يترك في روحكِ ندبة ولا جرحًا.
وإني أعيذك بالله من بوحٍ يجيء في خيلاء فيُرد عليكِ في استياءٍ، وأعيذك بالله أن تسلكي في الوصل سُبلًا غير مشروعة تدمي قلبك لا تُضَمِدهُ، والسبيل الرشيد يُضيئكِ لا يُطفئك ويزهر نفسك لا يصيبها بالذبول ذنبًا وتعديًا.
ونهاية تذكري أنكِ راغبة لا مُبادرة، تواقة لا واصِلة، وأمسكِ عليكِ قلبكِ ولا تفلتيه في غير موضعه لئلا يتلف واتقي الله فيه.