لقد أوشك الشهر الرابع من الحرب الصهيونية المجرمة على الشعب العربي الفلسطيني في غزة على الانتهاء، دون أن يتحرك ساكناً ولا يرجف جفن للقائمين على القانون الدولي المزعوم، في كافة المنظمات الدولية المعنية بتطبيق هذه التشريعات، فلا الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخذت موقف، ولا مجلس الأمن اتخذ قرار، ولا المفوضية السامية لحقوق الإنسان انتفضت لإنقاذ الشعب الذي يتعرض لحرب إبادة، ولا حتى محكمة العدل الدولية التي لجأت إليها جنوب إفريقيا بدعوى تتهم فيها العدو الصهيوني بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، فعلى الرغم من حكمها المؤقت الذي طالب العدو الصهيوني " باتخاذ جميع التدابير لمنع أي أعمال يمكن اعتبارها إبادة جماعية"، كما طالبت المحكمة العدو الصهيوني " بمنع ومعاقبة أي تعليقات عامة قد تعتبر تحريضاً على الإبادة، بالإضافة إلى إدخال المساعدات لقطاع غزة"، وعلى الرغم من طلب جنوب إفريقيا وقف العمليات العسكرية في قطاع غزة، إلا أن قرار المحكمة لم يشمل ذلك، وهو ما يعني استمرار الحرب في غزة.
وفي إطار الحرب والحصار والإبادة لم تسلم الأونروا من العدو الصهيوني وهي " وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى" والتي تأسست نتيجة الصراع العربي – الصهيوني عام ١٩٤٨ لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين وإيجاد فرص عمل لهم، وبدأت عملها الفعلي عام ١٩٥٠ وتقدم الأونروا المساعدة والرعاية لحوالي خمسة ملايين لاجئ فلسطيني منتشرين في الأردن ولبنان وسورية والأراضي الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة، وتشمل خدمات الوكالة التعليم والصحة والإغاثة والبنية التحتية وتحسين المخيمات والدعم المجتمعي والقروض الصغيرة والاستجابة لحالات الطوارئ في أوقات النزاع المسلح، وتحصل الوكالة على الدعم المادي عبر التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومؤخراً أعلنت دول غربية من بينها الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا وإيطاليا وفنلندا قراراً يقضي بتعليق المساعدات المالية للأونروا، بعد مزاعم صهيونية بضلوع بعض موظفيها في هجمات حماس على مواقع صهيونية في السابع من أكتوبر الماضي ضمن عملية طوفان الأقصى، وهو ما جعل العدو الصهيوني يقوم بقصف وتدمير مقر الأونروا في غزة، وبذلك تتوقف كل أشكال المساعدات للشعب الفلسطيني في غزة.
وبالطبع اتضحت الصورة الآن وأصبحت جلية تماماً فهناك تواطؤ غربي مع العدو الصهيوني يساعد على استمرار الحرب على غزة، فالجمعية العامة للأمم المتحدة قراراتها غير ملزمة، إلا أنها ترتدي طابعاً رمزياً سياسياً بحسب عدد الدول المصوتة التي تتبنى القرار، ومجلس الأمن الدولي على الرغم من أن قراراته ملزمة قانوناً إلا أنه يعطي حق الاعتراض (الفيتو) على القرارات من قبل الخمسة دول دائمة العضوية وهي: الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، لذلك لم تستطع الجمعية العامة للأمم المتحدة رغم إدانتها للعدو الصهيوني وقف العدوان والحرب في غزة، وكان الفيتو الأمريكي جاهزاً طوال الوقت لإجهاض أي قرار يسعى لإدانة العدو الصهيوني ووقف الحرب في غزة.
وفشلت كل المساعي التي قامت بها الدول العربية والإسلامية لإجبار العدو الصهيوني على وقف المجازر الهمجية و الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة اليمين المتطرف التي يقودها بنيامين نتنياهو ضد الشعب العربي الفلسطيني في غزة، فعلى الرغم من القمم العربية والإسلامية التي أدانت العدوان الصهيوني واتخذت قرارات بالوقف الفوري للعمليات العسكرية الصهيونية، وإدخال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني المحاصر في غزة، إلا أن هذه القرارات لم تجد آليات للتنفيذ على أرض الواقع، ولم تستطع أي قوى على وجه الأرض إجبار آلة الحرب الصهيونية على التوقف، وأمام هذا العجز العربي والإسلامي والدولي يطرح السؤال التالي: كيف تنتهي الحرب في غزة ؟!
وقبل الإجابة على السؤال وبعد التأكد من التواطؤ الغربي والعجز العربي والإسلامي عن وقف الحرب، فيجب أن نفهم أن العدو الصهيوني كيان محتل وغاصب للأرض العربية الفلسطينية، ووجوده فرض بالقوة المسلحة، وبالتالي كل المساعي السياسية والدبلوماسية والسلمية لوقف العدوان والحرب في غزة غير ممكنة، فهذا العدو لا يعترف إلا بلغة القوة، لذلك فالبندقية والمدفع والصاروخ هي الحل الوحيد لإنهاء الحرب في غزة، وهو ما تقوم به المقاومة الفلسطينية البطلة والشجاعة التي أذلت جيش الاحتلال الصهيوني منذ السابع من أكتوبر الماضي وحتى اليوم، وبالطبع لا تقف هذه المقاومة الفلسطينية وحيدة في وجه الآلة العسكرية الصهيونية المجرمة، بل تتحرك معها كل الساحات المقاومة في سورية ولبنان والعراق واليمن وإيران وفقاً لمبدأ وحدة الساحات، وقد تكبد العدو الصهيوني خسائر هائلة هو وداعميه الغربيين، وكلما ضغط محور المقاومة كلما ازدادت خسائر العدو واقتربت الحرب في غزة على الانتهاء، ليس هذا فحسب بل أوشك صراع الوجود بيننا وبين هذا العدو على الحسم لصالح أصحاب الأرض والحق العربي، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
بقلم / د. محمد سيد أحمد