رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

محمود الشاذلى يكتب : يبقى على الإنسان أن يدرك يقينا أنه إلى زوال


ولنا فى تجارب الحياه آيات بينات .

لحكمه أرادها رب العالمين سبحانه أن جعل الإنسان يحركه مشاعر إنسانيه ، ورغبات حياتيه ، لذا يتنازع داخله الخير والشر ، والقوه والضعف ، والمسكنه والجبروت ، فأحيانا يعتقد المقربين منه أنه طفل وديع تأثرا بسلوكه مع أحفاده وأقرب الناس له ، وهو هو نفسه أحيانا يظن البعض أنه قاسى القلب ، بما ينتابه من شده سيطرت على سلوكه ، وغلظه جاءت إنعكاسا لتصرفاته مع البعض إحتماءا بمنصب ، ويبقى من الأهميه الإنتباه إلى أن الإنسان السوى هو من يستطيع السيطره على سلوكه وتصدير صورة محترمه تعكس نفسا طيبه ، ومن يدرك أن دوام الحال من المحال ، وأن دعوات الطيبين فى المحنه هى بمثابة تاجا وشرف وفخر يتباهى به بالمجتمع أولاده وأحفاده .

 يتجلى ذلك عندما يفقد مسئول منصبه أو يتعرض لمحنه ، البعض منهم يلفظه الناس ويتشفون فيه ، والآخرون يصلون من أجله ، بالضبط كما حدث ذات يوم أن صلى كثر أنا أحدهم  ودعونا فى سجودنا للصديق الغالى والحبيب معالى الدكتور عبدالهادى راضى وزير الرى وهو على فراش المرض رحمه الله ، وظلت تلاحقه الدعوات عند رحيله ومازالت لأنه ترك إرثا من العطاء والإحترام نادر الوجود ، وكذلك ظلت الدعوات الطيبات تلاحق أخى وصديقى معالى اللواء طارق عطيه مساعد أول وزير الداخليه السابق ، النموذج المشرف للشرطه المصريه ، تلك القامه الرفيعه الذى تعرض للظلم ذات يوم كأحد إخفاقات ثورة يناير والتى أراد البعض التزرع بها للنيل من الرموز والقامات التى أعطت للوطن ، وحافظت على مقدراته ، فلأنه بينه وبين ربه خبيئه من الخير أدرك جانبا منها يتعلق بالإنصاف ، وفعل الخير ، أدرك من لم يعرفه أنه إنسان بعد اليقين أنه متربع فى قلوب محبيه ، وعندما أنصفه القضاء وعاد لعمله مرفوع الرأس حبه حتى من لم يعرفه تأثرا بسلوك من يعرفونه .

حقا .. غريبه تلك الحياه وغريب أمر الناس فيها ، الإنسان يعيش الحياه يتكالب فيها على كل شيىء فيأتى بالخير قليلا، ويندفع لفعل الشر كثيرا ، ويسيطر عليه الأنا أحيانا لتحقيق الذات تأثرا بمنصب إعتلاه جرده من إنسانيته ، بل إن الناس لايعتبرون ولايتعظون ، رغم أنهم جميعا يتعايشون  بالحياه كل الوقت مع المتناقضات التى أحيانا تزلزل الكيان ، وتؤلم النفس ، وتسيطر على رغباتنا تأثرا بالخوف ، والهلع من مجريات الحياه ، ومايتعرض له الإنسان ، فى نفس الوقت هو نفسه وفى لحظات الصدق مع النفس تنتابه حاله من السعاده عندما يدرك أن أحبته بخير ، وأن أمرا ما كان مهموما به سخر له رب العالمين سبحانه من يزيله من طريقه .

لعل من نعم الله تعالى أن خلقنا متفاوتين فى الفهم والفكر والرؤيه ، وجعل بشريتنا هى المسيطره على كياننا خاصة أصحاب المناصب فينا حتى لايتجبر أحد على العباد ويختل ميزان العداله ، لذا نراهم يبكون فى الملمات ويفرحون فى المناسبات السعيده ، وينتابهم الألم تأثرا بمرض عزيز لديهم ، وتنتابهم الهموم لكرب ألم بالبعض من أسرهم وهم من يرتعد البعض من ذكر أسمائهم لقسوة قلوبهم .

على أية حال كلما وطأت قدماى  مدفن أسرتى بمقابر بلدتى بسيون التى فيها دفن أجدادى أغلى الناس ، وكذلك عندما أتجول فى المقابر أطيل التفكير والتأمل كيف لبشر لاينتبه لما تضمه تلك القبور من قامات ، كما تضم أيضا وفق مشيئة رب العالمين سبحانه من يفترى على الناس ويظلمهم ، ويأكل حقوقهم ، ويحول حياتهم إلى جحيم فى تلك الحياه الفانيه ، ولاينتبه أنه فى النهايه سيكون فى قبر لاونيس ، ولاأنيس فيه إلا عمله الصالح ، وجبر خاطر منكسر ، ودعوات الطيبين ، وهذا الجبر للخاطر يدخل الجنه حتى ولو كان لكلب ، فما الحال بالنسبه للإنسان ، حيث ورد  في الصحيحين عن أبي هريرة رضى الله عنه قال " بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به . "  هذه المرأة سقت كلبًا كاد أن يهلكَ ، ففعل الله بها هذا ، فكيف بمن أسقى الناس وأطعمهم وكساهم؟ فرحمة الله واسعة ، وكرمُه لا حدود له .  كما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال ( عُذّبت امرأة في هرّة ، سجنتها حتى ماتت ، فدخلت فيها النار ؛ لا هي أطعمتها ، ولا سقتها إذ حبستها ، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض ) . ياأيها الإنسان ماأضعفك ، ماأهونك ، إتقى الله وبادر بتقديم الخير وجبر الخاطر ، وإتقاء الله تعالى رب العالمين ، والإنتباه للظلم لأن الظلم ظلمات يوم القيامه . ولنا فى تجارب الحياه آيات بينات ، ويبقى على الإنسان أن يدرك أنه إلى زوال .