46 عاما على استشهاد الجنرال الذهبى عبد المنعم رياض
فى صباح 9 ماس 1969 اليوم التالى لحرب الاستنزاف توجه الفريق عبد المنعم رياض رئيس الأركان فى ذلك الوقت الى الجبهة ليشاهد بنفسه نتائج قتال اليوم السابق وليعطى توجيهاته وحتى يكون وسط الجنود وقرر أن يزور أكثر المواقع تقدما التى لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا ، ووقع اختياره على الموقع رقم 6 وكان أول موقع يفتح نيرانه بتركيز شديد على دشم العدو فى اليوم السابق.
وقد شهد هذا الموقع الدقائق الأخيرة فى حياة الفريق، حيث انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التى كان يقف فيها وسط جنوده واستمرت المعركة التى كان يقودها الفريق بنفسه حوالى ساعة ونصف الساعة إلى أن انفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التى كان يقود المعركة منها ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء, استشهد القائد وسط جنوده متأثرا بجراحه، بعد 32 عاما قضاها فى خدمة وطنه ليختم بذلك حياة مليئة بالبطولات والانجازات التى حققها هذا القائد على الصعيد العسكرى التى جعلت أساتذة الأكاديمية العليا للاتحاد السوفيتى يطلقون عليه الجنرال الذهبى .
مولده ونشأته : ولد عبدالمنعم رياض فى الثانى والعشرون من شهر أكتوبر 1919 فى قرية (#سبرباي) إحدى قرى مدينة #طنطا بمحافظة الغربية حيث يعود نسبه لاصول عريقة فوالده القائما قام (عقيد حاليا ) محمد رياض واحد من رعيل العسكريين المصريين القدامى اشتهر عنه الانضباط والاصالة العسكرية مراحل الطفولة وكان عبدالمنعم رياض طفلا ذكيا نشيطا يمتاز بحب الاستطلاع والاكتشاف مما جعله يسبق اقرانه فى تفوقه العمرى بمراحل وكان والده يتبأ له بمستقبل باهر وكان يوجه أسئلة كثيرة لابيه عن عمله، كان يذهب للكتاب ويحفظ أجزاء من القرآن وقد حصل على الشهادة الابتدائية عام 1931من مدرسة الرمل بالاسكندرية و توفى والده وهو مازال فى الثانية عشرة من عمره وتولى مسئولية رعاية والدته، وفى مرحلة المراهقة والصبا كان يغلب عليه الاهتمام بالقراءة عاشقا للسؤال والاكتشاف ومعرفة العالم من حوله وفى المرحلة الثانوية بدأت تتشكل شخصيته ويتحدد هدفه وكان له اهتمامات اخرى بالرياضة والكشافة والبلاغة وعرف عنه حبه للزعامة وقدرته على احتواء زملائه. التحق بالكلية الحربية فى 1936 وحقق حلمه وتفوق على ذاته وكان يحيا بفكر ضابط وعقلية عالم وكان دائما صاحب فكر ورأى مؤثر فى الأحداث من حوله ولم يرض بالظلم أو الاهانة مما جعله مشهورا فى كليته بعزة النفس والدفاع عن حقوقه وحقوق زملائه بكل أدب وشجاعة وكرامة والشهيد البطل لم يتزوج وظل راهبا على الجبهة واكتفى فقط بالارتباط بالأرض المصرية حتى يتم تحريرها وكانت عبارته فى هذا الشأن ان القوات المسلحة هى أسرته وحياته كلها . حياته العسكرية : تخرج فى الكلية الحربية عام 1938 برتبة ملازم وفى عام 1941 عين فى سلاح المدفعية ،وألحق بإحدى البطاريات المضادة للطائرات فى المنطقة الغربية ،حيث اشترك في الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا وإيطاليا. خلال عامى 1947 ـ 1948 عمل فى إدارة العمليات والخطط في القاهرة، وكان همزة الوصل والتنسيق بينها وبين قيادة الميدان في فلسطين، ومنح وسام الجدارة الذهبى لقدراته العسكرية التى ظهرت آنذاك. فى عام 1951 تولى قيادة مدرسة المدفعية المضادة للطائرات وكان وقتها برتبة مقدم. فى عام 1953 عين قائدا للواء الأول المضاد للطائرات في الإسكندرية. من يوليو 1954 وحتي أبريل 1958 تولى قيادة الدفاع المضاد للطائرات فى سلاح المدفعية. فى 9 ابريل 1958 سافر فى بعثة تعليمية إلي الاتحاد السوفيتي لإتمام دورة تكتيكية تعبوية فى الأكاديمية العسكرية العليا، وأتمها فى عام 1959 بتقدير امتياز وقد لقب هناك بالجنرال الذهبي. عام 1960 بعد عودته شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية. عام 1961 عين نائب رئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب #القوات_المسلحة وأسند إليه منصب مستشار قيادة القوات الجوية لشؤون الدفاع الجوي. عام 1964 عين رئيسا لأركان القيادة العربية الموحدة. ورقى فى عام 1966 إلى رتبة فريق. فى مايو 1967 وبعد سفر الملك حسينتللقاهرة للتوقيع على اتفاقية الدفاع المشترك عين الفريق قائدا لمركز القيادة المتقدم في عمان، فوصل إليها فى الأول من يونيوت1967 مع هيئة أركان صغيرة من الضباط العرب لتأسيس مركز القيادة وحينما اندلعت حرب 1967 عين الفريق قائدا عاما للجبهة الأردنية. وفي 11 يونيوت1967 اختير رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية فبدأ مع وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة الجديد الفريق أول محمد فوزي إعادة بنائها وتنظيمها وفى عام 1968 عين أمينا عاما مساعدا لجامعة الدول العربية. القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف مثل معركة رأس العش التى منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بور فؤادتالمصرية الواقعة علي قناة السويس وذلك فى آخر يونيوت1967، وتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات فى 21 أكتوبرت1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامي 1967 و 1968 وتدمير 60% من تحصينات خط برليف الذى تحول من خط دفاعى إلى مجرد إنذار مبكر. صمم الخطة (200) الحربية التى كانت الأصل فى الخطة (جرانيت) التى طُورت بعد ذلك لتصبح خطة العمليات في حرب أكتوبر تحت مسمى (بدر(
الأيام الأخيرة قبل استشهاده : قبل استشهاده بأسبوعين طلب من سكرتيره استمارة المعاش الخاصة به من شئون الضباط والتى بمقتضها يصرف الورثة معاشه ومنحة الثلاث أشهر بالإضافة الى مصاريف الجنازة حيث تذكر انه لم يملأ هذه الاستمارة فى ملفه العسكرى وبالطبع الدهشة عقدت لسان سكرتيره, وتساءل : ابعد 31 سنة خدمة فى القوات المسلحة هل يعقل ان سيادة الفريق قد نسى ان يملأ استمارة معاشه ان الضابط عادة يملأ هذه الاستمارة فور تثبيته فى رتبة الملازم ثم لماذا لم تخطر بباله مسألة الاستمارة الا الآن ؟ ويذهب السكرتير والحيرة والتشاؤم يملكانه إلى شئون الضباط لتنفيذ الأوامر ويندهش الضابط المسئول عندما يكتشف أثناء مراجعته لملف رئيس الأركان انه لم يملأ استمارة معاشه بالفعل وتملأ الاستمارة ويحدد فيها اسم شقيقته دكتورة زكية وريثة لكل مستحقاته حال استشهاده، حيث انه لم يتزوج وتأخذ الاستمارة دون التوقيعات وتوضع فى ملفه يوم الخميس 6مارس وقبيل استشهاده بـ72 ساعة فقط ! الموقع رقم 6 الذى استشهد فيه الفريق رياض. اكتسب هذا الموقع اسمه من معديه صغيرة تابعة لهيئة قناة السويس وكانت قبل تأميم القناة هى الوسيلة الوحيدة لنقل الأشياء والأشخاص من شاطئ القناة فى هذه النقطة وكانت المعدية كقطعة بحرية تحمل رقما الرقم 6 هو رقمها إلا ان كوبرى حديديا انشئ فى هذه النقطة فأحال معدية الشركة للمعاش وان بقى اسمها ورقمها علما على المنطقة فى السلم والحرب حتى الآن
من أقواله »لن نستطيع ان نحفظ شرف هذا البلد بغير معركة.. عندما أقول شرف البلد، فلا اعنى التجريد وإنما أعنى شرف كل فرد.. شرف كل رجل وكل امرأة«. «أنا لست أقل من أى جندى يدافع عن الجبهة ولابد أن أكون بينهم فى كل لحظة من لحظات البطولة«. »اذا حاربنا حرب القادة فى المكاتب بالقاهرة فالهزيمة تصبح لنا محققة.. إن مكان القادة الصحيح هو وسط جنودهم وفى مقدمة الصفوف الأمامية«. »إذا وفرنا للمعركة القدرات القتالية المناسبة وأتحنا لها الوقت الكافى للإعداد والتجهيز وهيأنا لها الظروف المواتية فليس ثمة شك فى النصر الذى وعدنا الله إياه«. »لا أصدق أن القادة يولدون، إن الذى يولد قائدا هو فلتة من الفلتات التى لا يقاس عليها كخالد بن الوليدمثلا، ولكن العسكريين يصنعون، يصنعهم العلم والتجربة والفرصة والثقة. إن ما نحتاج إليه هو بناء القادة وصنعهم، والقائد الذى يقود هو الذى يملك القدرة على إصدار القرار فى الوقت المناسب وليس مجرد القائد الذى يملك سلطة إصدار القرار«. »ان بترول أمريكا سوف يبدأ فى النفاذ وستطوق الى بترول العراق خلال 30 عام تقريبا«. »أن تبين أوجه النقص لديك، تلك هى الأمانة ،وأن تجاهد أقصى ما يكون الجهد بما هو متوفر لديك، تلك هى المهارة«. »كن دائما بين جنودك فى السلم ومعهم فى الصفوف الأمامية فى الحرب«. »حافظ دائما على مسافة كبيرة بينك وبين كل مرؤوسيك فى تحصيلك ووعيك بالعلم العسكري«. »كن قدوة صادقة لجنودك«. »احمل معك ميزانا حساسا للثواب والعقاب«. »اهتم بشئون جنودك ومشاعرهم«. »لا تجعل جنودك حتى فى احلك الظروف واللحظات يرون عليك علامات القلق والاتباك«. »لا تتسرع فى قراراتك وحينما تقرر لا تتراجع ولا تتردد«. »لا تكن تقليديا او نمطيا واسعى للابداع والابتكار«. »لا تتكبر ولا ترفع الكلفة«. »دون خواطرك وتأملاتك فى لحظتها«. »لا تنسى ابدا ان معظم النار من مستصغر الشرر«. »اخطاء الصغار صغيرة ويمكن معالجتها مادامت بغير قصد وحتى فى حدود ممارستهم لحق التجربة والخطأ اما أخطاء الكبار فإنها دائما كبيرة وقال ذلك عندما كان ينتقد بعض القادة وخاصة بعد هزيمة يونيو 1967«.
تخليد وذكرى نعاه الرئيس جمال عبد الناصر ومنحه رتبة الفريق أول ووسام نجمة الشرف العسكرية. اعتبر يوم 9 مارس من كل عام هو يومه تخليدا لذكراه. أطلق اسمه على أحد الميادين الشهيرة بوسط القاهرة بجوار ميدان التحرير ووضع به نصب تذكارى للفريق. وضع نصب تذكارى له بميدان الشهداء فى محافظة بورسعيد والإسماعيلية ومحافظة سوهاج. أطلق اسمه على أحد شوارع المهندسين وأكبر شارع بمدبنة بلبيس . سميت باسمه إحدى المدارس الابتدائية التابعة للأزهر الشريف بمنطقة الإبراهيمية بالإسكندرية. سميت باسمه مدرسة إعدادية للبنين فى مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة. سميت باسمه العديد من المدارس والشوارع والأماكن الهامة الأخري. أطلق اسمه على أحد شوارع العاصمة الأردنية عمان ومحافظة الزرقاء فى المملكة الأردنية الهاشمية.