ربما تدخل دولة النيجر التاريخ باعتبار أن ما يجري فيها قد يكون نقطة فاصلة في تاريخ العالم ، و قد ينتهي الأمر في لحظات و يسجل في تاريخ العالم كنزوة عابرة لعسكريين لم يتمكنوا من امساك حلمهم بشكل كامل
القصة لم تبدأ مع انقلاب عسكري على الرئيس المدني المنتخب، إنما سبقها تفاصيل عديدة في دول الساحل التي تسعى للخروج من عصر الهيمنة الفرنسية التي دخلت فيها بعد عقود من الاستعمار المباشر
دول الساحل التي تهيمن عليها فرنسا وتنهب مناجمها و مواردها بنهم شديد استيقظت على جيل جديد من الثوار الشبان في صفوف الجيوش و يسعون للخروج من هيمنة الديك الفرنسي الشرس
فخرجت بوركينا فاسو ومالي و غينيا و الأن يأتي الدور على النيجر التي انقلب الجيش ،و خلفه تأييد شعبي كاسح خاصة في صفوف الشباب ، على الحكومة المدنية التي تحكم خلف ستار فرنسي كامل
و رغم أن انقلابات مالي و بوركينا و غينيا قصقصت كثيرا من ريش أجنحة الديك الفرنسي، إلا أن نجاح النيجر في الإفلات من حظيرة فرنسا يعني قطع رقبة الديك الفرنسي تماما في قلب افريقيا.
أسباب ذلك تعود لكون النيجر أحد أهم مصادر اليورانيوم في العالم، و المناجم هناك تحت سيطرة شبه مباشرة لفرنسا .
و قادة الجيش في النيجر كانوا أكثر وضوحا في تحديد مستقبل علاقتهم مع فرنسا باعلانهم الغاء الكثير من الاتفاقيات الموقعة بين البلدين و كذلك وقف تصدير اليورانيوم لفرنسا
و قد احدث ذلك الأمر حالة من العصبية في الحديث الصادر من باريس، وصلت لحد ان ماكرون يمنح بصلافة المستعمر مهلة ٢٤ ساعة لقادة الجيش بإنهاء المغامرة حسب وصفه!
الأحداث تتسارع في قلب افريقيا حيث المنطقة الملتهبة و دول غرب افريقيا " ايكواس" يهددون بالتدخل العسكري المباشرفي النيجر وخلفهم تقف فرنسا تقرع طبول الحرب ، على الجانب الآخر تهدد دول بوركينا فاسو و مالي و غينيا لأنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام اي عدوان على النيجر .. فيما دول اخرى مرتبطة ارتباط جغرافي و ثيق بالنيجر مثل الجزائر ترفض التدخل العسكري و تريد منح فرص التفاوض السلمي
في كل الأحوال فإن انقلاب النيجر لن يكون مجرد انقلاب عسكري في دولة فقيرة في عمق الصحراء، لكنه سيكون نقطة فاصلة في تاريخ دولة استعمارية كبيرة كفرنسا ستضع اكبر مسمار في نعشها داخل قارة افريقيا التي تتحول بشكب متسارع نحو الدب الروسي و التنين الصيني