ارتبطت الفنانة الجميلة شادية فى خيالى باول مشهد طالعته عينى على شاشة التلفزيون، ولهذا قصة سأرويها لكم لو عندكم وقت
و اللى ماعندوش وقت أبقى أقولها له فى وقت تانى
كنا فى صيف عام 1972 او 73 لا اتذكر
فقد كنت تلميذا فى الصف الثالث الإبتدائى و ربما الثانى موش فاكر
فى هذا العام قرر مجموعة من طلبة الجامعة ، بقرية أبوحمر - إنهم يستغلوا فصل الصيف لفتح فصول تقوية فى المدرسة لتهيئة التلاميذ الصغار قبل بداية العام الدراسى الجديد و شرح المناهج لهم
هما تقريبا كانوا الطلبة كلهم ، لأن الدنيا كانت محدودة و الأعداد موش بالكثافة بتاعة الأيام دى
المهم الطلبة المحترمين دول قرروا يقوموا بالعمل الجميل دا ، كلهم الأن على المعاش بعد أن أدوا رسالتهم السامية فى خدمة المجتمع
أه المجتمع كان متكافل و مصدق نفسه و بيبنى و بيساعد بعضه
الجامعيون قرروا و الشعبيون و التنفيذيون ساعدوهم و أولياء الأمور بعتوا العيال و تم فتح فصول التقوية فى المدرسة
إحنا بقى سمعنا فى بلدنا - التى تبعد عن أبوحمر بمسافة واحد كيلو متر - عن الموضوع دا
فقررنا نروح نستفيد و ندرس
ما كانش حد يقدر يسمع عن حكاية زى دى و يتهرب و إلا وصم بانه بليد وموش نافع
حشدنا نفسنا فى مجموعة كبيرة لنتساند على بعض و نونس بعضنا لنذهب إلى هناك ليلا
الدراسة كانت بالليل ، فلا يوجد ترف تفرغ أبناء الفلاحين فى الصيف نهائيا
بعد انتهاء الاعمال الحقلية الشاقة نهارا نذهب الى أبو حمر ليلا للدراسة
رغم أن الطريق موش طويلا لكنه الليل و الظلام و إحنا عيال صغيرة
صحيح لم نكن نعرف الخوف ولكن كانت السكة الزراعية يحفها المقابر التى كانت تقع على اول البلد
خلينا فى موضوع شادية علشان مانتوهش و النبى
فى إحدى هذه الليالى كان تلفزيون المقهى الصغير الذى يقع فى قلب شارع "السويقة" بأبوحمر مفتوحاً و تطل منه شادية تغنى لتغنى اغنيتها الشهيرة انا وقلبى يا روح قلبى
كنت اسمعها فى الراديو و ربما احفظها
ولكنى الأن امام حدث فريد و جديد، صندوق تطل منه سيدة تلمع و تشدو بأغنيتها الجميلة
اسعدنى يوم.. و صالحنى فيه
تحيى أمالى
دا أنا قلبى فاض م اللى فيه
بعدك يا غالى
أنا و قلبى ياروح قلبى
حياتنا بيك
يا روح قلبى
تسمرت فى الشارع امام الشاشة ، بالفعل هذا ما حدث، لتنطبع فى ذهنى صورة و صوت شادية و هى تغنى الكوبليه الذى صافح عينى و أذنى من شاششة التلفزيون لأول مرة فى حياتى
لم تكن بلدنا قد عرفت الكهرباء بعد، و بالتالى التلفزيون، اول مرة اشاهد التلفزيون رأيت شادية و هى تغنى إحدى روائعها، و لازلت متذكراً للمشهد بتفاصيلها و كأنه حدث منذ لحظات
أحببت التلفزيون و احببت شادية منذ تلك اللحظة
و ربما احتجت بعد ذلك للتسلل الى ابو حمر ليلا لمشاهدة التلفزيون فى مناسبات أخرى خصوصا فى أعقاب حرب اكتوبر و العروض العسكرية اللى كنت باعشقها و الحاجات دى ، بخلاف مباريات كرة القدم و لكنها كانت فى النهار فلا تحتاج للمغامرة الليلية
فى العام التالى قرر طلبة الجامعة فى بلدنا ان ينفذوا مشروع فصول التقوية و نفذوه بنجاح مبهر و تلك قصة أخرى سأحكيها فى وقت أخر
غاب القمر و رحلت شادية بعد أن أثرت وجداننا بالفن و الطرب و تركت تراثاً جميلا يثبت أننا اخذنا كل حاجة حلوة فى الفن فى زماننا و تركنا للى بعدنا عمرو دياب و تامر حسنى
ملحوظة :
انتظرنا حتى صيف عام 1976 لتدخل الكهرباء قريتنا