أكدت نخبة من خبراء الهيئة القومية للاستشعار من البُعد وعلوم الفضاء، نجاح الهيئة في ابتكار نظام ذكي ساهم في تقليل 30% من استخدام المياه في زراعة محصول الأرز بالتعاون مع معهد بحوث الإلكترونيات ووزارة الزراعة وممول من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا.
وأشار الخبراء - في تصريحات صحفية- إلى وجود علاقة وثيقة بين تطبيقات الزراعة الذكية أو الدقيقة ومجابهة وتخفيف آثار التغيرات المناخية، حيث تعمل على تقليل الإسراف في استخدام المياه والأسمدة والمبيدات وتقليل انبعاث غازات "الميثان والنيتروجين وثاني اكسيد الكربون"، بالإضافة إلى تحسين جودة المحاصيل الزراعية اعتمادا على نظام تقني إلكتروني واستخدام إنترنت الأشياء وتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وقال الدكتور عبدالعزيز بلال رئيس شعبة التطبيقات الزراعية والتربة وعلوم البحار بالهيئة، إن الدولة بدأت منذ عامين في الاتجاه لتطبيق الزراعة الذكية أو الدقيقة في المشروعات القومية، مشيرا إلى الاتفاق بين الحكومتين المصرية والكندية لتنفيذ مشروع تعزيز الزراعة الذكية مناخيا والتنوع الحيوي الزراعي لتعزيز القدرة على التكيف لدى المجتمعات الريفية الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية في الأراضي القديمة والجديدة بدلتا النيل وصعيد مصر بقيمة 10 ملايين دولار کندي.
وأضاف أن الزراعة الذكية أو الدقيقة تعتمد على نظم إدارة وتحليل المعلومات لاتخاذ أفضل قرارات الإنتاج الممكنة، بأقل التكاليف، وكذلك أتمتة العمليات الزراعية كالري، ومكافحة الآفات، ومراقبة التربة، ومراقبة المحاصيل.
وأوضح أن تطبيق وتنفيذ تقنيات الزراعة الذكية في مصر نجح في تخفيض مياه الري لمحصول الأرز بنسبة 30 %، وذلك اعتمادا على النظام الذكي الذي تم تطويره بالتعاون مع معهد بحوث الإلكترونيات ووزارة الزراعة.. مشيرا إلى أنه جاري حاليا الاتفاق مع إحدى الجهات للبدء في إنتاجه وتطبيقه على نطاق تجاري وتسجيل براءة اختراع له.
وتابع أنه تم كذلك تنفيذ مشروع يتم فيه استخدام تقنيات الاستشعار من البعد في تتبع محصول القمح ومعرفة مواعيد الري المناسبة ومدى إصابة جزء من المحصول بالآفات.
وأكد نجاح تطبيق الزراعة الدقيقة أو الذكية في العديد من دول العالم المختلفة في زيادة الإنتاجية الزراعية، مشيرا إلى أن التكلفة الأولية التي قد يراها البعض مرتفعة نسبيا لتطبيقات الزراعة الذكية، سيتم تعويضها من خلال تقليل تكاليف الإنتاج فيما بعد، إلى جانب تحسين جودة المحاصيل الزراعية مما قد يعمل على الاكتفاء الذاتي من المحاصيل.. مطالبا بالتعاون مع المراكز البحثية والجامعات لإنتاج تلك التكنولوجيا محليا لتقليل تكلفة استيرادها.
ولفت بلال إلى استضافة مصر مؤخرا فعاليات المؤتمر الدولي الثالث للزراعة الدقيقة الأفريقية، الذي تنظمه الجمعية الدولية للزراعة الدقيقة والجمعية الأفريقية للزراعة الدقيقة وجامعة محمد السادس للتكنولوجيا والمعهد الأفريقي لتغذية النبات ويعقد بالتوازي في 9 دول أفريقية بجانب مصر، ويشارك فيه خبراء من مختلف الجامعات والمراكز البحثية المتخصصة لاستعراض أهم أبحاث الزراعة الدقيقة أو الذكية والتي تعتمد على صور الأقمار الصناعية والذكاء الصناعي وإنترنت الأشياء والحوسبة.
من جانبه.. أكد الدكتور عادل شلبي رئيس شعبة الدراسات البيئية واستخدامات الأراضي بالهيئة، أن الهيئة تشارك في أهم مشروعات الدولة القومية منها مشروع الدلتا الجديدة والمليون ونصف المليون فدان وتتعاون مع جميع الوزارات المعنية والمحافظات والهيئات الدولية، مشيرا إلى أن جميع الدراسات والأبحاث التي تنفذها الهيئة تخدم خطط أهداف التنمية 2030.
وقال شلبي إن الزراعة الذكية تعني التحكم عن بعد في الإضافات أو المُدخلات في الإنتاج الزراعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال تحقيق الأمن الغذائي لزيادة الإنتاج في وحدة المساحة.
وأضاف أنها تلعب دورا مهما في حماية البيئة والحد من التلوث والتقليل من آثار التغيرات المناخية، حيث تساهم في تعظيم العائد من استخدام المياه وتوفيرها والحد من استخدام الأسمدة والمبيدات لتحقيق أعلى إنتاج ممكن من المحاصيل الزراعية. وكشف الدكتور عادل شلبي عن تنفيذ مشروع العام المقبل بالتعاون مع هيئة التعاون الدولي اليابانية "جايكا" بتمويل يصل لـ 5ر2 مليون دولار لدراسة أراضي محافظة الوادي الجديد والخزان الجوفي باستخدام التقنيات الحديثة من أجل تحديد مدى تجدد المياه واختيار أنسب المحاصيل التي تتناسب مع الظروف البيئية الموجودة في المحافظة مثل النخيل والزيتون وفول الصويا وبنجر السكر؛ بما يضمن استدامة موارد المياه والتربة.
بدوره.. سلط الدكتور عبدالرؤوف مسعود علي استاذ باحث مساعد بشعبة التطبيقات الزراعية والتربة وعلوم البحار بالهيئة الضوء على نجاح الهيئة في ابتكار نظام ذكي لإدارة مياه محصول الأرز بالتعاون مع معهد بحوث الإلكترونيات ووزارة الزراعة والذي ساهم في توفير 30 % من المياه لمحصول الأرز باستخدام تكنولوجيا إنترنت الأشياء وتقنيات الاستشعار.. مشيرا إلى أنه تم التقدم لأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا للحصول على براءة اختراع لهذا النظام الذكي.
وأكد أنه باستخدام تقنيات الزراعة الذكية يتم التنبؤ بانتاجية المحاصيل الزراعية خاصة المحاصيل الاستراتيجية مثل الأرز والقمح، كما يتم كذلك تقدير محتوى الرطوبة ودرجة الحرارة والملوحة في التربة مما يدعم متخذي القرار والمسؤولين في الدولة بالمعلومات في قطاعات التنمية المختلفة. وأشار مسعود إلى أنه باستخدام التكنولوجيا الحديثة في الزراعة والري يتم الحد من انبعاث الغازات والمبيدات وتقليل استخدام الأسمدة؛ مما يسهم في تقليل نسب التلوث وبالتالي الحد من آثار التغيرات المناخية.
كما أشار الدكتور محمد السيد جلهوم الباحث بقسم علوم التربة والتطبيقات الزراعية بالهيئة إلى الدور الكبير للهيئة في تنفيذ المشروعات القومية بالدولة باستخدام تقنيات الاستشعار من البعد ومنها حصر وتصنيف واستصلاح نحو 4.5 مليون فدان على مستوى الجمهورية منها توشكى والوادي الجديد وجنوب واحة باريس ومحاور الصعيد والدلتا الجديد ومرسى مطروح وشمال سيناء وذلك بالتعاون مع الهيئة العامة لمشروعات التعمير بوزارة الزراعة.
وطالب جلهوم بنشر ثقاقة الزراعة الدقيقة واستخدام تطبيقات الاستشعار لأهميتها في زيادة وتحسين الإنتاجية والحفاظ على البيئة؛ مما يعود بالنفع على الفلاحين والمزارعين على مستوى الدولة.