يدعى كل منا أنه سليم الصدر ،نقى القلب، يحب الخير للناس، ولا يضمر شرا لأحد ..
لكن لا تحكم على نفسك بالكلمات ..ولكن احكم على نفسك فى المواقف عندما ترى نعمة من الله بها على انسان ..او خير لصديق او زميل ...واحكم على نفسك فى سلوكك مع من حولك بداية من الاسرة والزملاء إلى المجتمع كله ..
فالمواقف الاحداث اليومية وما ينتج عنها من تصرفات هى التى تكشف معادن الناس الحقيقى وتكشف عن ..ومدى ما تكنه قلوبهم ..
فالبعض للاسف تتحول شخصيته تماما تجده يجد غضاضة و غصة فى قلبه ويتحول إلى شخص آخر عبوس الوجه ضيق الصدر خبيث النوايا ..أنانى فى أرائه تحكمه شهواته و نزاواته ومصالحة الشخصية
وهذه الشخصية مريضة القلب لا يرجى منها خيرا بل هى ممن قيل فيهم بأنهم مفاتيح للشر مغاليق للخير ..تسعى لتقطيع الاواصر بين الناس.... كخفافيش الظلام الذين ينتشرون فى الظلام ..لا يحبون النور ، الذين لهم قلوب حاقدة وهم موجودين بكثرة الأن فى كل المؤسسات وكل المجتمعات حتى داخل كل الاسرة لا يحبون الخير لغيرهم ...متملقين يتبعون المبدأ
الميكافيلي... الغاية تبرر الوسيلة شعارهم فرق تسد،.بالشائعات والكذب، والنميمة ..الخ ..
فهم سبب تخلف المؤسسات وخراب البيوت وأزمات الاوطان ...
ومعلوم بأن مقياس التفاضل بين الناس عند الله ليس بأعمال الجوارح التى قد تكون فيها شبهة رياء او مراءة وانما باعمال القلوب وسلامة الصدور الذى اغلى كنز يمكن ان يملكه الانسان.﴿ إن أكرمكم عند الله أتقاكم ﴾
القلب السليم هو القلب النقى الخالص من الأوصاف الذميمة، والمتصف بالأوصاف الجميلة ، الخالى من الأمراض والشوائب،
هو قلب باقٍ على الفطرة سلم من النقائص وألآفات و الشرك والغل والحقد والحسد والشح والكبر وحب الدنيا والرياسة.. غزير الدمعة،..كريم النفس. ينتصر لله لا ينتصر لنفسه ،حافظ لجوارحه من الفساد....
صاحب هذا القلب مبشر بالخير.. لانه هو الناجى يوم القيامة يقول تعالى﴿يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم﴾
.ولقد مدح الله ابو الانبياء الخليل ابراهيم عليه السلام بأنه صاحب قلب سليم يقول تعالى : ﴿ وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (الصافات )
وصاحب القلب السليم يعيش في حالة اتساق مع نفسه كريم راضى بقضاء ربه كانه يعيش الجنة قبل دخولها..! فقد قال تعالى عن أهل الجنة: ﴿ونزعنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخواناً على سُرُرٍ متقابلين﴾
القلب السليم وصدق العقيدة هى الصفات التى ميزت سيدنا أبو بكر الصديق رضى الله عنه عن باقى الصحابة فلم ﻳﻜﻦ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻓﻘﻴﺮًا ﻛﺄﺑﻲ ﺫﺭ ﺃﻭ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ، وﻟﻢ ﻳﻌﺬﺏْ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻛﺨﺒﺎﺏ ﺃﻭ ﺑﻼﻝ ﺃﻭ ﺳﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﻳﺎﺳﺮ، !!وﻟﻢ ﻳﺼﺐْ ﺑﺪﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻭﺍﺕِ ﻛﻄﻠﺤﺔ ﺃﻭ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﻴﺪﺓ ﺃﻭ ﺧﺎﻟﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪ ، وﻟﻢ ﻳﻘﺘﻞ ﺷﻬﻴﺪًا ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞِ ﺍﻟﻠﻪ ﻛﻌﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺃﻭ ﺣﻤﺰﺓ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻤﻄﻠﺐﺃﻭ ﻣﺼﻌﺐ ﺑﻦ ﻋﻤﻴﺮ ﺃﻭ ﺳﻌﺪ ﺑﻦ ﻣﻌﺎﺫ ، ﻟﻜﻨﻪ .. ﻛﺎﻥَ الأﻓﻀﻞَ !!
وكانت ألافضلية كما ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻜﺮُ ﺑﻦ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺰﻧﻲ : ﻣﺎﺳﺒقكم سيدنا ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺑﻜﺜﺮﺓِ ﺻﻼﺓٍ ﻭﻻ ﺻﻴﺎﻡٍ .. ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺸﻲﺀٍ ﻭﻗﺮَ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ !!
وكلنا يعلم ايضا قصة الصحابي عبدالله بن سلام الذى شهد له النبي ﷺ أنه من أهل الجنة وكان ذلك ليس بكثرة الطاعات وإنما بسبب: كما يقول الصحابى {غير أني أبيت كل ليلة وليس فى قلبى غلٌ ولا غشٌ ولا حقدٌ ولا حسدٌ لأحدٍ من المسلمين}
وهذا أمر ليس سهلا ولكنه يحتاج صبر ومصابرة..وصدق توجه إلى الله عز وجل والرضا والقناعة فى كل ماقسمه الله لك .
وقيل للنبي ﷺ : أي الناس أفضل؟ قال: «كل مخموم القلب، صدوق اللسان، قالوا: صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي، لا إثم فيه، ولا بغي، ولا غل، ولا حسد».
إحرص على سلامة قلبك، وأحب لأخيك ماتحبه لنفسك ..واسعى فى كل مايصلح البلاد والعباد ، ولا تكن من الحاسدين....
وإنّ وُهِبتَ سلامة القلب فقد وُهِبتَ خيرًا كثيرًا، فتعبر هذه الحياة بخِفّة وراحة وسلام، لا تحمل أثقالاً لا طائِل منها، لا تكره، ولا تحقد، ولا مكان للضغائن في صدرك، فتحيا بروحٍ هنيئة مُتصالحة مع ذاتها ومع العالم حولها، وذلك أجمل ما يُمكِن أن تهديه لنفسك في الحياة.
والـقلبُ يـقسو والـدواءُ بتسعةٍبالذكر، والـقـرآنِ ،
والـصـلواتِ وأكـلِ الحلالِ، وتركِ ظلمٍ،
ودمعةٍ في الليل تجلو الهمَّ والكُرُباتِ،
وتـركِ الـذنوبِ صـغيرةً وكبيرةً، وصف الـفؤادَ،
وأكـثرِ الدعاء...
﴿ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب﴾
أ.د / ابراهيم حسينى درويش
جمعتكم طيبة مباركة
٢٠٢٤/١٢/١٩