رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

حسام فوزي جبر يكتب: أطباء استأصلوا ضمائرهم فأساءوا للمهنة

"إحنا هنحتاج تحاليل وياريت بسرعة أنا بثق نتائج المعمل الفلاني حضرتك بس هتروح بالورقة دي وهما هيقوموا بالواجب، وكمان هنحتاج بعض الأشعات وهنعملها في المركز العلاني ماشاء الله التحاليل تمام والأشعة سليمة هنمشي علي الدوا ده وأشوفك بعد 10 أيام، أنا كنت محتاج أطمن وأطمنك علي نفسك".

من منا ذهب إلي طبيب من معدومي الضمائر ولم يتعرض لعملية نصب مُخططة كهذة نعم عملية نصب مُكتملة الأركان ضمن أشكالًا متعددة من اللعب على الحبال يقع فيها المريض ضحية لأحد معدومي الضمير رغم كونه يعمل في مهنة يحبها الله وأحد أسمي المهن في التاريخ، إلا أن هذة الشخصيات تُفضل المال علي كل وأي شيء، فيُرسلون ضحاياهم إلي المعامل ومراكز الأشعة لا لشيء إلا لنسبة سيحصلون عليها من هذة الأماكن مقابل إرسالهم لها، بل وصيدليات وأدوية بعينها، مقابل إجازة في منتجع وأسعار مُبالغ في أسعارها لعمليات يقوم فيها الطبيب عديم الضمير بإقناع ضحيته أن المستلزمات التي يستخدمها أصلية المنشأ وغالية الثمن وهو كلام للإستهلاك المحلي، بل أكاد أُجزم أن هناك عمليات أُجريت بالفعل لمرضي لم تكن حالتهم تستدعي هذا التدخل الجراحي، وأمثلة كثيرة أصبحت معروفة لدي الصغير قبل الكبير ولكن من منا لم تُجبره الظروف علي الذهاب لطبيب، وتعرض لمثل هذا وأكثر. ورغم أن العالم أجمع إجتمع علي دعم الأطباء والعاملين بالمنظومة الصحية -ونحن معهم بكل قوة-، خاصة خلال الجوائح وآخرها جائحة كورورنا وظهر دعم الدول والمؤسسات والأفراد لهم بشكل كبير في كافة أنحاء العالم، لكن هناك أطباء بكل أسف يجعلونك تفقد كل أنواع التعاطف معهم بل وتقدم بلاغات للجهات المسؤولة والمنظمة للعملية الطبية ضدهم فورًا، لأنهم إستخفوا بكل شئ وأولهم الروح البشرية التي جعل الله حرمتها أكثر من بيته الحرام، وجعلوا النجاح في علاجها أمر منسوب لهم ولا قدر الله وفاتها هو قضاء الله وقدره ولا دخل لهم فيها ولكنهم هو أحد الأسباب والسبل التي يُسببها الله في الحالتين.

ولا شك أن مهنة الطب هي المهنة الإنسانية الأولى في العالم، التي يتحكم فيها الطبيب الذي يعرف تمام المعرفة أن المريض مهما كانت ثقافته وعلمه فهو جاهل بالأمور الطبية، ومما لاشك فيه أن أداء الطبيب وكفاءته يتحكم إستعانته بالله عز وجل في المقام الأول ومن بعدها مدي علمه الطبي والتعمق الدقيق في المهنة وخبرته واستيعابه الكامل بتاريخ المرض عند المريض وطرق الكشف والفحوصات الفعلية المطلوبة له وكيفية الوصول إلى التشخيص الأكيد والسليم، والذي يترتب عليه طريقة العلاج، فالطبيب الذي يراعي الله ثم ضميره يكون هدفه الأساسي السير في الطريق الصحيح للمساعدة في شفاء المريض بمشيئة الله سبحانه وتعالي، وليس بيد الطبيب فشفاء المريض وزوال المرض بيده سبحانه والطبيب فقط سبيل من سبل الأخذ بالأسباب، بإمكاننا ان نتخيل إنعدام الضمير في أي مهنة إلا مهنة الطب، التي ارتبط العاملون فيها باعتبارهم "ملائكة الرحمة" الذين يضع المرضى حياتهم بين أيديهم بعد الله لإنقاذهم ولكن ماذا بإمكاننا أن نقول حين يتحول بعض الأطباء إلى "شياطين" يحولون مهنتهم المقدسة وشرف المهنة إلى تجارة وتحصيل أموال، حتى لو كان ذلك على حساب تدمير وتلويث صحة وأرواح الناس وتخريب مجتمع بأكمله وليس التجني على شخص واحد فقط..

ولا شك أن الاخطاء الطبية هي عبارة عن افعال يتم ارتكابها نتيجة إنعدام الخبرة والكفاءة او نتيجة ممارسة عملية او طريقة حديثة وتجريبية في العلاج من الطبيب الممارس، او نتيجة حالة طارئة مسرعة، وذلك على حساب الدقة او بسبب العلاج المُعقد ولا شك أن الخطأ البشري والآلي وارد في كل عمل ولكن حساسية الوضع في القطاع الطبي الذي يتعامل مع حياة وصحةالإنسان تدفعنا إلى القول أن الأخطاء الطبية غير مقبولة إنسانيًا واجتماعيًا وإن كانت تتفاوت في نوعيتها ومسبباتها فهناك من الأطباء من يخطئ في التشخيص ويكون التسرع هو السبب في هذه الحالة، وهناك اخطاء طبية ناتجة عن أمور علمية لم يستقر الرأي حولها فالخطأ هنا غير ناتج عن تقصير الطبيب فقط ولكن علي من علمه ومن سمح له بالتجربة في العلوم الطبية علي بشر وليس خطأ الطبيب فقط، وأخطاء طبية ناجمة عن الإهمال المفرط مثل استخدام أدوات غيرمعقمة أو التهاون بحالة معقدة أو ماشابه، والجميع يعلم أن العمر مكتوب ومدون منذ خلق بن آدم في بطن أمه، وقد أثبت العلم الحديث ما قاله رسول الله الخاتم محمد، قبل 1400 عام حين قال "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات‏:‏ بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد‏"، وقد اثبت العلم الحديث أن تحول شكل الجنين‏ لملامح إنسان تكون عند اليوم الـ120، ونستدل من هذا الحديث أن الأمر الألهى معلوم منذ كونه في بطن أمه، ولكن كما قولنا أنها لأسباب التي يسببها رب كل الأسباب ومسبباتها، ولكن لابد من حساب المخئ حال ثبوت خطأه.

وما حدث خلال الفترة الأخيرة من وفاة لعدة حالات نتيجة إهمال طبي أثبتته التحريات المبدئية وشهود عيان كحلاتي تدبيس وتكميم المعدة وشفط الدهون لشابتين بمحافظ الغربية، وطفلة في محافظة قنا والتي فقدت شقيقتها بصرها، وسيدة بحقنة خطأ في محافظة الشرقية، وشابة بسبب قطع شريانها اثناء الولادة بالجيزة، والعديد من الحالات ليس لدينا المجال للكلام عنها ولكنها إندرجت تحت بند خطأ طبي، رغم المبالغة في أسعار العملية التي أُجريت لهم، ومن يتحمل هذا الخطأ هو الضحية وأهله من بعده، وليس كل خطأ بإمكاننا التصالح معه، خاصة إذا تعلق الأمر بالحياة أو الضرر الجسدي، فالأمر هنا يتعدي حدود الخطأ إلي حيز الجريمة، ويصبح من غير الوارد التساهل مع مرتكبيه، بعض الأشخاص ارتبط قصور أدائهم الوظيفي من خلال مهنتهم بحياة الآخرين، القضية عاجلة وبحاجة لتعديل تشريعي وإجراءات يترتب علي اتخاذها وقف هذه الزيادة في ضحايا الاخطاء الطبية، نستطيع إستخدام نتائج تجارب العالم الذي سبقنا في هذا المجال فهم لديهم ما نستطيع السير علي دربهم لتخطي عنق الزجاجة الذي نختنق فيه جراء هذا الطوفان الغاشم من أخطاء بعض الأطباء الذين إستأصلوا ضمائرهم.

فبكل أسف تحول الطب عند بعض الأطباء -إلا ما رحم ربي- إلى مغارة علي بابا لدر الأرباح ومزاد لإشباع أطماعهم وهم مستمرون كل ستة اشهر في رفع اجور الكشف وأسعار العمليات والتآمر على الناس الفقراء، علي الرغم من الحالة التي يمر بها العالم من تكاتف مع كل أعضاء المنظومة الصحية في كل مكان إلا أنك تجد هؤلاء وقد تحولت عياداتهم إلى مراكز تجارية لا أكثر، فإرتفاع أجور الكشف عند اغلب الأطباء وخاصة الأطباء ذوي التخصصات الغير منتشر أو أصحاب الأسماء الرنانة، ظاهرة بات يعاني منها الكثير من المرضى وخاصة من ذوي الدخل المحدود. وبعض هذة العيادات لا تصلح لأي شيء طبي  فهي خالية من النظافة، معدمة المرافق الصحية وتخلو من ابسط الخدمات الاخرى التي يجب ان تتوفر في أبسط العيادات، العيادات في حين أنه يجب أن يكون كل طبيب أو طبية العيادة الخاصة متكاملة من كل شيء مع توفر النظافة والترفيه وإستقبال أكبر ضمن إجرائات إحترازية مؤكدة، فهناك عيادات تُشعرك وأن أصحابها إمتهنوا مهنة الطب ليعملوا تجارًا بالأوجاع وليسوا اطباء، وأخري أصحابها يشرونك وكأنهم ملائكة علي الأرض رحم الله طبيب الغلابة ورزقنا بمثله من الأطباء، ونجنا الله وإياكم من أطباء أساؤا للمهنة وعقابهم واجب.