رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

سماح مصطفى تكتب.. "مش روميو وجولييت" .. ليس عملا تقليديا

 قد يتبادر في ذهن المتفرج حين يقرر أن يدخل عرضأ مسرحيأ يحمل هذا الاسم أنه أمام مسرحية تقدم القصة الرائعة الخالدة روميو وجولييت للكاتب الكبير وليم شكسبير بطريقة كوميدية ساخرة، تبادر إلي ذهني أنني سأرى الشاب الذي أحب الفتاة ويكتشفا أن عائلاتهما ألد الأعداء  من ثم يتزوجا سرا ثم ينتحران بسبب سوء فهم وتتوحد العائلتين من جديد وأن ثمن هذا الصلح كان دماء العاشقين.
روميو وجولييت تناولتها جميع السينمات العالمية بمختلف القصص التي تحمل المقاربة والمواربة والإسقاط دون تغيير مجري الأحداث الأساسي وهما الحبيب والحبيبة منذ أن عرضت لأول مرة على خشبة مسرح لندن 1597 وتوالت بعدها العروض سواء سينمائياً أو درامياً أو مسرحيًا أو توظيف المشهد الخالد للعاشق روميو تحت شرفة المحبوبة جولييت في عدة أفلام سواء بشكل كوميدي أو تراجيدي .. 
هنا يعاد إلي ذهنك ذاك الكم الهائل من المعالجات لهذا النص الثري للكاتب الإنجليزي قبل أن يبدأ السلام الجمهوري وتبدأ أحداث المسرحية التي تتفاجأ في بدايتها بالشكل العصري وليس الكلاسيكي، ثم تكتشف أنها استعراضية بالكامل ثم تتوالي الرؤي، وبرغم التيمة الشهيرة بالعمل داخل العمل والدمج بين البطل في الرواية والبطل المسرحي والمسرحية داخل المسرحية إلا أن المخرج الكبير عصام السيد استطاع أن يخرج بالمشاهد من العالم التخيلي للعالم الواقعي بكل يسر وحرفية، واستطاع أن يبهرك بتوظيف الإضاءة مع تقنية الذكاء الصناعي من خلفيات ديكورية على شاشات عرض تحملك في حلم بعيد دون أن تصدمك بتغيير بصري للديكور، واستطاع أن يرسم حركة الممثل بكل نعومة داخل حيز ضيق حيث يعرض العمل على خشبة مسرح القومية دون الإحساس بضيق المكان برغم العدد الهائل من الممثلين.
استطاع أن يعطيك الكبسولة التعليمية والدروس المستفادة دون تقريرية أو استطراد والأهم استطاع أن يقنعنا بكل يسر أن عملاق الغناء العربي ( على الحجار ) والفنانة الجميلة ( رانيا فريد شوقي)  دائمة الشباب أنهما بالفعل في منتصف العشرينات على الأكثر ، والأكثر من ذلك أن يقنعنا أن المبدع ( ميدو عادل)  طالب في المرحلة الثانوية بعد أدوار عدة في السينما والتلفزيون تجاوزت هذه المرحلة العمرية  ..
 أبهرنا أيما إبهار ممثلون جدد فرضوا موهبتهم بكل قوة على خشبة المسرح دون خوف أو رعب البدايات خاصة أنهما يواجهان بشكل مباشر كبار الفنانين .. 
الفنان طه خليفة المتفرد الذي استطاع بقوة وسهولة أن يدخل قلبك والجميلة دنيا النشار ومايكل سيدهم وآسر على وطارق راغب والصوت القوي أميرة أحمد .. 
تنظر إليه تشعر أنك تنظر بالفعل إلى الأب والمعلم الفاضل، تاريخ حافل من أدواره على خشبة المسرح آخرها بالنسبة إلي على خشبة مدينتي الحبيبة طنطا، في مسرحيته مع الفنان الراقي سامح حسين ( حلم جميل ) .. إنه الفنان الكبير عزت زين.
 مجموعة مواهب جميلة اقتحمت قلب الجمهور  
هنا حدث ولا حرج عن الأستاذ الكبير ( على الحجار ) والأستاذة الكبيرة ( رانيا فريد شوقي)   .. ذلك الخلوق وتلك الجميلة اللذان تركا المساحة الأكبر من الظهور للشباب الصاعد والممثلين الجدد، فليس بجديد على الفنانين الكبار إتاحة الفرص،  أو الاشتراك في الفرق القومية لتقديم التوعية الثقافية للشعب وتوصيل رسالة الفن بلا مقابل مادي أو بأجر ومقابل رمزي بقيادة الدكتور أيمن الشيوي  .. 
ليس بجديد وأنت في حضرة حنجرة مصر الذهبية أن يحملك بعذوبة صوته وبصمته اللحنية إلي مقعدك داخل الأوبرا فتراه بالبدلة محاط بالفرقة الموسيقية ثم يعيدك بمزحة خفيفة راقية داخل الإطار الفني للأحداث فتضحك فتراه بقميص مفتوح الأزرار بجانب الفنان القدير نور الشريف ( الفتى الشرير )  أو يهمس في أذنك بضحكة ( تجيش نعيش هوا نبتديه ومينتهيش ) ثم يعيدك للفنان الإنسان وهو يحاور الطفلة المراهقة عن حقيقة مشاعرها فينساب إلي أذنك ( مش عارف ليه بتونس بيكي وكإنك من دمي على راحتي معاكي وكأنك أمي ) 
تبهرني دائمة الجميلة رانيا فريد شوقي وتذكرني وهي تتحدث مع التلميذات المشاكسات داخل العرض بدورها الرائع في عائلة مجنونة جداً وهي تحاور أبناءها في قالب كوميدي خفيف، كلمة حب المكررة منها  بنعومة رائعة تذيب سنواتك وتعيدك إلي مرحلة المراهقة تستمع لأول مرة إلي الضوء الشارد وتتعاطف مع نفيسة ، حماسها يحملني الي مسرحية بالو بالو وهي تتحدث عن التفاؤل وتحدث نفسها بعكس ما تقوله ..

مش روميو وجولييت اسم جرئ وعمل فني جرئ .. ليت القائمين على إدارة هذا العمل الهادف تنظيم رحلات طلابية لحضور العرض خاصة في هذا الوقت الحرج من تشويه صورة الاستعراضات والغناء واستبدالهما بالمهرجانات الزائفة وأنصاف وعديمي المواهب التي اكتظت بهم الساحة الفنية 
وحتى يتم ترسيخ المبادئ ومعالجة العنف بالقوى الناعمة 
تحية كبيرة لأبطال ماوراء الكواليس المتميزون، الصياغة الشعرية أمين حداد، مخرج منفذ صفوت حجازى، موسيقى وألحان أحمد شعتوت، استعراضات شيرين حجازي، ديكور محمد الغرباوي، مساعدا الإخراج حمدى حسن ومحمود خليل، إضاءة ياسر شعلان، ملابس علا جودة ومى كمال، جرافيك محمد عبدالرازق، فوتوغرافيا عادل مبارز، دعاية محمد فاضل .

الشاعرة سماح مصطفى