رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشبخ أبو بكر الجندي يكتب: وقف إطلاق النار

سادت حالة من الفرح والبهجة والسرور في قطاع غزة بعد نجاح الوساطة المصرية القطرية الأمريكية في الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
والأديان كلها تحرم القتال وتنهى عن سفك الدماء، والله تبارك وتعالى يحب إطفاء نار الحرب، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}[المائدة: 64]، ويحب من يخمد نار الفتنة والقتال، والإسلام يلح علينا بالآيات والأحاديث بنبذ الحرب وإطفاء نارها وإخماد لهيبها حتى ولو كان الصراع بين الحيوانات أوبين قط وفار (توم وجيري)أو بين الديوك أو بين ثور وثور فيما يعرف بمصارعة الثيران، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن ‌يحرش أحد ‌بين البهائم.
وإشعال الحرب وإيقاظ الفتن عمل شيطاني خبيث، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ}[المائدة: 91]، وكان حُلْم الشيطان الأكبر هو أن يعبده الناس من دون الله، فلما لم يتحقق له حُلْمه رضي ببث سموم الصراعات الخبيثة بين الناس، قال صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان قد يئس أن يَعبُدَه المصلُّون، ولكن في التحريش بينهم".
وعلى خطى الشيطان الرجيم سارت شياطين الإنس التي تؤجج النيران وتشعل فتيل الصراع والقتال، كما قال رب العالمين عن المفسدين: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}[البقرة: 205].
وقد تأثر العالم أجمع بالحرب بين روسيا وأوكرانيا، والصين وتايوان فماذا لو كانت الحرب في بلادنا أو كانت أوطاننا طرفاً في الصراع.
فالحرب جحيم ومنظرها بشع وريحها قبيحة وعواقبها قذرة، ومجهدة لمقدرات الدول ومجهضة لثروات الشعوب، ولقد رأينا شؤم الحرب الأهلية التي لا غالب فيها ولا مغلوب في السودان وليبيا واليمن والعراق وسوريا، ولا يستفيد من هذه الحروب ألا أعداء هذه الدول الطامعون في خيراتها؛ ولهذا كان إطفاء نار الحرب وإسكات صوت السلاح وإراحة الشعوب من خلال الإصلاح بين المتنازعين من أَجَلِّ العبادات التي يتقرب بها إلى الله تعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ " قالوا: بلى قال: "إصلاح ذات البين".
ومن يطالع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يجد أنه يميل للسِّلم دائماً، ممتثلاً أمر ربه تعالى، حيث قال تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}[الأنفال: 61]، وفي المرحلة المَكِّية يتحمل هو وأصحابه الأذى الشديد من المشركين دون أن ينابذهم الحرب أو القتال، ويقول للمستضعفين وهم يعذبون: "صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة"، وفي المرحلة المدنية قد وضع سياسته الرشيدة داخلياً وخارجياً، فيُسالم كل الناس حول المدينة ولا يبدأ أحداً بقتال، ولا يقاتل إلا صنفا وحيدا فريدا من الناس، وهو من يعتدى على المدينة بالداخل أو الخارج، حتى يتيح للدعوة الإسلامية بأخلاقها السمحة أن تنتشر بين الناس، أما في حال الحرب خاصة الحروب الأهلية فتضيع الدعوة والعبادة والأخلاق، حيث لا أمن ولا أمان ولا تعليم ولا زراعة ولا صناعة ولا تجارة ولا حياة أصلا فالحرب ما هي إلا شؤم على الناس أجمعين.