رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب عن: آيات الصيام (1)

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا} خصت الآية النداء المؤمنين؛ لأنهم يسارعون دوما بالامتثال، فإذا حقق الناس الإيمان من خلال الصوم وسائر العبادات فإنه يسهل عليهم كل تكليف{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}وهو اﻻ‌متناع عن المفطرات من طلوع الفجر حتّى غروب الشمس، أما الصـوم : فهو صوم اللّسـان دون المعـدة، قال تعالى: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا}[مريم: 26]، فالصيام جوع والصوم أخلاق وحفظ للسان، والصيام بالنهار والصوم بالليل والنهار، والصيام في رمضان والصوم طيلة العام. ولا يستعني الصيام عن الصوم؛ ولهذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".
{كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}؛ لأن حاجة البشرية للصيام للاستشفاء، كحاجتهم إلي الطعام والشراب للاستقواء، وفي ذكر الذين من قبل إيناس وتسهيل للصيام{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}ماذا يتقون، وعن ماذا يبتعدون؟ لم يُذكر متعلق التقوى؛ ليعم اتقاء كل شيءٍ يغضب الله تعالى، والصيام من أعظم ما يعين على التقوى؛ لأنَّه سر بين العبد وربه، فيربي في النفس مراقبة الله تعالى، كما أنَّه يضيق مجاري الشيطان في جسد الإنسان وهذا من تقوى الله، والصائم تكثر طاعته وتقل سيئاته وهذا من تقوى الله، والصائم يشعر بجوع  الفقير طيلة العام فيتصدق وهذا من تقوى الله، فمن لم يزد الصيام في تقواه، فإنما هو إنهاك لطاقته وقواه. 
{أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ}فأيام الصيام قليلة سهلة يسيره، يذهب النَصَب ويبقى الأجر، فالشهر قصير لا يحتمل التقصير، وقدومه عبور لا يقبل الفتور، فالمغبون من فرط فيه، والفائز من اغتنم وتاجر فيه مع ربِّه {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ}وهما عِلَّتَا وسببا إباحة الفطر، فلا يحل لغير المريض أو المسافر الفطر، وقال تعالى أو على سفر ولم يقل أو مسافرا؛ لأن (على) تفيد إباحة الفطر لمن شرع في السفر حقاً، أو همَّ به{فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}تقديم الرخصة على بقية أحكام الصوم؛ لتطمين النفوس بأنَّ وجوب الصيام ليس علي كل حال{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}أي الصوم بكلفة ومشقّةٍ{فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}فهو مخير بين، الصوم والفدية، ثم نسخ هذا التخيير بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، وبقي الفداء للعاجز الذي لا يقوى على الصوم، لكبره أو لا يرجى برؤه، والآية لم تبين مقدارا للفدية، فكان المرجع في كيفيته ونوعه للعرف الذي يختلف من مكان لمكان ومن زمان لزمان{فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا}من صيامٍ أو إطعام مسكين{فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}{وَأَنْ تَصُومُوا}جميعا، وهذا يشمل المرخّص لهم وغيرهم{خَيْرٌ لَكُمْ}وهنا انتقل الصيام من التخيير للأفضلية{إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} بخيرية الصيام، وفوائده الخفية وأسراره، وفيه ترغيب في هذه العبادة حتى لو لم تُدرَك فوائدها إدراكاً كاملاً.