رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب: الكرم والجود في رمضان

الكرم والجود صفة متجذره وأصيلة في شخص النبي صلى الله عليه وسلم، الذي فاق كل الناس في ذلك، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس وأكرم الناس، ومَا سُئِلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإسْلاَمِ شَيْئاً إِلاَّ أعْطَاهُ، وَلَقَدْ جَاءهُ رَجُلٌ، فَأعْطَاهُ غَنَماً بَيْنَ جَبَلَيْنِ، فَرجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَقَالَ: يَا قَوْمِ، أسْلِمُوا فإِنَّ مُحَمَّداً يُعطِي عَطَاءَ مَن لا يَخْشَى الفَقْر.
وفي شهر رمضان يزداد جوده وكرمه صلى الله عليه وسلم فهو أجود بالخير من الريح المرسلة، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: "...وكان صلى الله عليه وسلم أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة".
والسبب في ذلك هو التأثر النبوي بالقرآن الكريم؛ لأن من أشهر وأظهر صفات القرآن صفة الكرم فالقرآن كريم في تشريعاته وأحكامه، كريم في إرشاده وهداياته، كريم في عطائه وفضله، ومَن صَحِب القرآن الكريم فإنه يتصف بصفات القرآن، وينصبغ بصبغة القرآن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجبه ولا يحجزه عن القرآن شيء إلا الجنابة؛ لذا كان صلى الله عليه وسلم دوما خلقه القرآن، وكان من أكرم الناس وأجودهم، ومن جوده صلى الله عليه وسلم بالخير في رمضان: تعليمُ الجاهلين، وهداية الضَّالِّين، وإخراج النفوس من ظلماتها، وإحياء القلوب بعد موتها، في غير كُلْفةٍ ولا منَّة، بل بالحكمة والموعظة الحسنة.
وحينما يتعود الصائم على الجود والكرم في شهر الجود والكرم من خلال النصح والإرشاد والتعليم أو الكلمة الطيبة وكف الأذى ونفع الناس، والعطف على الفقراء والمساكين وتفطير الصائمين الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن فَطَّر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتقاً لرقبته من النار"، فقال الصحابة: ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم، فقال: "يُعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة، أو شربة ماء، أو مذقة لبن".
فإذا تدرب الصائم على الجود والبذل والعطاء ثلاثين يوما ـ حسب قدرته ـ فانه يتعود على الجود في كل يوم من أيام العام؛ فتصيبه الدعوة الملائكية اليومية التي يقول عنها النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط مُنفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهمّ أعط مُمسكاً تلفاً"، وصدق الله عز وجل حيث قال: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}[سبأ: 39].
وفي الحث على النفقة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اتقوا النار ولو بشق تمرة"، أي ابتعدوا عن النار ولو بنصف تمرة، فإذا عجز الإنسان عن التصدق اليومي بتمرة كاملة فليشق التمرة نصفين على يومين ولا يحرم نفسه من ثواب الصدقة والإنفاق فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها حتى تكون مثل الجبل".