ما فرض الله تعالي الصيام على الناس عبثا أو تعذيبا لهم، وإنما فرضه رحمة بهم وهداية لهم، وتتلخص رحمات الله في رمضان في النقاط التالية:
ـ أنه شهر العلاج والشفاء، فالصيام صحة وعافية، فإذا احتاج الناس إلى الطعام والشراب غذاءً، فإنهم في حاجة إلي الصيام علاجاً وشفاءً؛ فالمعدة بيت الداء، والصيام دواء بدني وشفاء روحي؛ لأنه يعمل على تنشيط خلايا الجسم وتجديدها، فيطرد من الجسم كل خلية مرضية أو ميتة أو مُدمنة ويبني مكانها خلية جديدة صحيحة وسليمة.
ـ أنه شهر القرآن، قال تعالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}[البقرة: 185]، والقرآن أنزله الله تعالى رحمة لعباده في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ}[النحل: 89].
ـ أنه شهر ليلة القدر التي هي كعبة الزمان ومطاف الليالي والأيام، وهي عند الله خير من ألف شهر.
ـ أنه شهر تُصَفَّدُ فيه الشياطين، ويُعان فيه الإنسان على فعل الطاعة والإيمان، وترك السوء والعصيان.
ـ أنه شهر تُغَلَّقُ فيه أبواب النار، وتُفَتَّحُ فيه أبواب الجنة، وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة، فهو شهر كله رحمة، وكله مغفرة، وكله عتق من النار، وفي الحديث: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْماً في سَبِيلِ اللهِ إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفَا" أي مسافة سبعين سنة، وذلك حينما يشفع الصيام للصائم، ويقول: "يا رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه"، فيُشَفَّع الصيامُ في أهله.
ـ أنه شهر إجابة الدعاء، فلا ترد للصائم دعوة، كما قال تعالى في آيات الصيام: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[البقرة: 186]، وفي الحديث: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم".
ـ أنه شهر تتضاعف فيه الحسنات إلى أضعاف كثيرة، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن تقرب فيه بخصلة من الخير، كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه"، ومن هذه القربات عُمرة رمضان في شهر الرحمات، وفيها يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ كَحَجَّةٍ مَعِي".
ـ أنه شهر الثواب العظيم الذي جاء في الحديث القدسي: "كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَام، فَإنَّهُ لِي وَأنَا أجْزِي بِهِ"، فالأعمال تتضاعف إلي سبعمائة ضِعف حَسْب نية العباد، إلا الصوم فلا يَعلم ثوابه إلا الله؛ وذلك لأنه سر بين العبد وربه؛ ولهذا حث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على كثرة الصيام؛ لأنه لا عِدل له ولا مَثيل له في الأجر والثواب.
ـ أن صيامه سبب لدخول الجنة من باب الريان، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إنَّ في الجَنَّةِ بَاباً يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أحدٌ غَيْرُهُمْ"، فلما عطش الصائمون وجاعوا لله رحمهم الله تعالى وأدخلهم الله الجنة من باب الريان، وحَرَّمَ عليهم الجوع والعطش.