حققت الأمة انتصارات عديدة في شهر رمضان، والتي منها: معركة بدر والقادسية وحطين وعين جالوت وحرب العاشر من رمضان، وقدمت الأمة كثيرا من البطولات والتضحيات بالمال والروح، وطابورا طويلا من الشهداء الأبرار الصائمين فنالوا المنزلتين وفازوا بالحسنيين: منزلة الشهادة ومنزلة الصيام، والتي بينهما تشابه كبير ويظهر ذلك في النقاط التالية:
ـ أن كلا المنزلتين سبب للفوز بالجنة، ففي منزلة الشهادة يقول رب العالمين: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}[التوبة: 111]، وفي منزلة الصيام يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم".
ـ أن كلا المنزلتين سبب لمغفرة الذنوب، ففي منزلة الشهادة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "للشهيد عند الله ست خصال يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة،..."، وفي منزلة الصيام يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه".
ـ أن كلا المنزلتين سبب للنجاة من النار، ففي منزلة الشهادة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "عينان لا تَمَسُّهمَا النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله"، وفي منزلة الصيام يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا".
ـ أن كلا المنزلتين سبب للأجر العظيم، ففي منزلة الشهادة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة"، بل النبي صلى الله عليه وسلم يتمنى بنفسه منزلة الشهادة؛ لثوابها العظيم، فيقول: "والذي نفسي بيده لوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل"، وفي منزلة الصيام يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به"؛ لعظمه عند الله تعالى، كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر: 10]، فالصائم صبر على ملذات الحياة وتركها لله، والشهيد صبر على مفارقة الحياة كلها لله؛ فكان أجر صبرهم لا تحيط به أي عملية حسابية أبداً.
ـ أن كلا المنزلتين سبب للفرح بفضل الله وعطائه لكل من الشهيد والصائم يوم القيامة، ففي منزلة الشهادة يقول رب العالمين: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ...}[آل عمران: 169 - 171]، وفي منزلة الصيام يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه".