كالعادة في كل عام وفي نفس التوقيت وخلال شهر رمضان المبارك استغل هذا المبنر لأخرج من خلاله واصرخ صرخة مدوية من القلب والعقل والضمير معًا أُسمعها للجميع وأقول لهم كفانا استنزاف لأخلاقنا وديننا وسلوكياتنا وكل مقدراتنا كفانا استهانة بكل المقدرات والاخلاقيات والسلوكيات والبديهيات من أمور التربية والتنشأة علينا تحمل مسؤولياتنا قبل فوات الآوان تحدثت مع حضراتكم ووجهت نداءًا لجميع الجهات بالوقوف في وجه الصواريخ والألعاب النارية وكافة مشتقاتها التي يلصقونها برمضان ظلمًا وبهتانًا هذه الظاهرة المروعة المخزية التي اجتاحت انديتنا ومراكز شبابنا وشوارعنا وحاراتنا في المدن والقري ولم تفرق وأصبحت ظاهرة بشعة تعتمد علي انتهاك حرية الآخرين وترويعهم والنيل من حرية الكبير والصغير وحرمان الجميع من الراحة لا لشيء إلا أحد الاطفال وللاسف ربما الكبار أراد أن يمرح ويلهو علي حساب الجميع وليذهب للجحيم كل من اعترض في عصر الردة الاخلاقية والإنحدار الأخلاقي الذي يزيد يومًا بعد يوم دون رادع.
فطالما تحدثنا عن إنحدار إخلاقي نعيشه في الوقت الراهن، نسعي بكل ما نملك من قوة مستعينيين بالله عز وجل ثم أنفسنا في أن نُقف قبل فوات الأوان تلك المهازل التي تشدهها شوارعنا ومدننا، وأعلم ان حضراتكم جميعًا معي بل وقبلي ترفضون تلك الردة الإخلاقية القميئة التي أصابت أغلي ما نملك ألا وهم أبنائنا وفي وطننا أصل الطيبة والكرم والأخلاق وسنظل علي عهدنا أما أن يوفقنا الله وننقذ أحلامنا من الضياع ونحافظ أخلاق مجتمعنا التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا أو نموت ونحن ندافع عن تلك الأخلاق والصفات الحميدة التي تنبذُ وتقاوم وتحارب فكرة التعصب والسباب والإبتذال وإنتهاك الحريات والأعراض والحرية المزعومة والألفاظ المُحرمة أو نموت فنموت مدافعين عن الأخلاق التي يحبها الله ورسوله ولتكن فكرتنا وحياتنا دفاعًا عن أخلاقنا وسلوكنا في تصرفات كل المحطين بنا رضاءًا لله ولرسله ثم رضاءًا لمجتمعاتنا وأنفسنا فلنكن ضد كل وأي شاذ يخلع عنا عباءة الأخلاق والقيم المصرية العربية الشرقية الأصيلة.
في الأسبوع الأول والثاني لشهر رمضان المبارك إستوقفتني واقعتين كلاهما ناتج عن المقدمة التي كتبتها لإفتتاح مقالتي هذه إلا وهي إنحدار وإنحطاط وربما إنعدام الأخلاق ففي الواقعة الأولي قام بعض الصبية باللعب بالعاب نارية أمام محل يعمل بتجارة الملابس الجاهزة ليدخل الشرر إلي المحل ويدمره عن آخره لا لشيء إلا أن بعض الطفال والصبية أرادوا أن يلعبوا بالصوايخ والألعاب النارية فدمروا مستقبل عدة أسر تلك الواقعة التي أحزنت الجميع والسبب ليس كما كتبت الصحف والمواقع "لعب عيال" السبب هي قلة رباية وقلة أدب وعدم وعي وتقدير للعيال وأولياء أمورهم مع كامل إحترامي للجميع، والواقعة الأخري عندما ألقي مجموعة من الشباب الصواريخ علي الفتايات أثناء خروجهن من أحد المدارس بمدينة زفتي بمحافظة الغربية، ورصدتهم كاميرات المراقبة ووثقت الحدث إحدي السيدات بمقطع فيديو إنتشر عبر وسائل التواصل وتم ضبط الشباب، وتقديمهم للنيابة والأزمة هنا ليست في هذه المصيبة فقط ولكن الأزمة أن المدافعين عن المراهقين يؤكدون إلقاء الألعاب النارية علي البنات من اجل اللهو فقط وأن الخطا غير مقصود ومع هذه التبريرات وحملة حرام عليكم مستقبل العيال كان لابد ان نصرخ صرخة هنا من خلال هذه النافذة ونبرأ أمام الله ثم حضراتكم من هذه التصرفات التي بكل أسف يبررها أهالي الأطفال لإفلاتهم من العقاب فيصدرون إلينا شباب غير شاعر بأي مسؤواية يفقدون أدني درجات تحمل المسؤولية، بدلًا من الإعتراف بالخطأ والمبادرة بالإعتذار والتقويم والإصلاح، وما بين الواقعة الأولي والثانية مصائب أصابت أسر بسبب تلك الردة الأخلاقية الشنيعة التي آن آوان الثورة عليها للكل أن يعلم أن حريتك تنتهي عند بداية حرية الآخرين وإلا فسنصبح في غابة.
بل وراح بعض المبررين يربطون بين ظاهرة الألعاب النارية والمرفقعات بشهر رمضان الكريم، ورمضان منهم براء، فالأمر قد إنفلت عن كونه لعبة للأطفال محدثًا كوارث تؤذى وتعكر على المواطنين صفو الشهر الكريم، والألعاب النارية خطرها ليس على مستخدميها فقط بل كذلك على الآخرين المتواجدين في محيط استخدامها لما تسببه من حروق وتشوهات مختلفة تؤدي إلى عاهات مستديمة أو مؤقتة كما تحدث أضرارا في الممتلكات جراء ما تسببه من حرائق إضافة إلى التلوث الضوضائي والسمعي والبصري، وعلينا الإعتراف أن استخدام الألعاب النارية أصبح عادة سلوكية سيئة عند بعض الأطفال تلحق الأذى بالآخرين وتعكر حياتهم مما يقوض راحة الناس وسكينتهم ويثير الرعب والذعر في الشوارع والأسواق ناهيك عن أنها أحد مسببات التلوث الكيميائي والفيزيائي، آن الأون لتفعيل القوانين ومتابعة تنفيذها وتغليظ العقوبة وتشديد الرقابة والحملات على أماكن بيعها وملاحقة القائمين على تصنيعها وتفعيل دور التوعية الأسرية بالنصائح المستمرة والتنبيه والتشديد على الأطفال بمنع استخدامها لما تشكله من خطورة عليهم، مع إصدار قرارات مُلزمة بحظر استيراد الألعاب النارية وحظر بيعها وحيازتها وتجريم ممارستها واستعمالها.
فلا يوجد أي مبرر – مهما حاول البعض تبريره أو الالتفاف حوله – لإقدام شخص على إيذاء فتاة تسير في الشارع سواء كان ذلك بكلمة نابية أو تصرف همجي أو إلقاء شيء عليها هذه ليست شهامة وليست رجولة وليس تصرفًا يُبرَّر بعبارات جوفاء عن "المزاح" أو "المرح" هذه قلة تربية وانعدام أخلاق ودليل صارخ على أن من يقترف مثل هذه الأفعال لم ينشأ في بيت يعرف معنى القيم والمبادئ، فعندما يرمي شخص صاروخًا على فتاة فهو لا يعكس سوى خللًا تربويًا جسيمًا يبدأ من بيته قبل أن ينتقل إلى الشارع فالأم التي لم تُعلّم ابنها كيف يحترم النساء والأب الذي فشل في غرس الرجولة الحقيقية في ابنه هما أول المسؤولين الذين يستحقوا العقاب عن وجود مثل هذه النماذج في المجتمع لأن الرجولة ليست في استعراض القوة على الضعفاء وليست في التخفي خلف سلوكيات طفولية بائسة بل هي في الاحترام وفي أن تكون مسؤولًا عن تصرفاتك ومدركًا لعواقبها، وإذًا ما الذي يجعل شخصًا يظن أن الشارع ملكه؟ ما الذي يدفعه للاعتقاد بأن مضايقة الفتيات حق مكتسب؟ إنها ثقافة الانفلات وغياب الوعي والسماح لمثل هذه العقليات بالانتشار دون حساب أو ردع الأمر لا يتوقف عند مجرد تصرف طائش بل يمتد ليكشف عن أزمة أخلاقية خطيرة تهدد أمن المجتمع بأسره، والأسرة هي الحاضنة الأولى للأخلاق وهي المسؤول الأول عن تشكيل شخصية الطفل منذ نعومة أظافره وعندما يغيب التوجيه السليم وعندما يكون الإهمال سيد الموقف فعلينا ألا نتفاجأ بظهور أجيال تجهل معنى الاحترام والأدب وتتعامل مع العنف والاستهتار كأمر طبيعي إذا لم يقم الأب والأم بدورهما في تربية أبنائهما على الأخلاق والقيم فمن يتحمل هذه المسؤولية؟ وهل يحق للمجتمع أن يدفع ثمن هذا التقصير؟.
يجب تغليظ العقوبات ليس فقط على من يرتكب هذه الجرائم من الصبية والمراهقين بل أيضًا على أولياء أمورهم فمن أنجب وأهمل في تربية ابنه حتى صار مصدر تهديد للآمنين يجب أن يُحاسب إذا لم يتحمل الأب والأم مسؤولية أبنائهم فعليهم أن يواجهوا العقوبات القانونية التي تردعهم عن إهمال التربية فالسكوت عن هذه الظواهر هو مشاركة في انتشارها ولا يمكن أن نسمح بتحويل شوارعنا إلى ساحة للفوضى بسبب تقاعس الأهل عن أداء واجبهم الأساسي، فقد حان وقت الحسم وعلينا ألا سمح بعد الآن بتمرير هذه الجرائم على أنها "مراهقة" أو "مزاح" المجتمع بحاجة إلى وقفة حقيقية وتطبيق صارم للقانون حتى يدرك كل فرد أن الحرية لا تعني الفوضى وأن احترام الآخرين ليس خيارًا بل واجب لا يمكن التهاون فيه.
شهر رمضان لم يكن أبدً لإزعاج الآخرين وتصدير هذه الصور بل لنخلو إلى أنفسنا، ونتخلي عن الشراهة التى ميزت عصرنا الحديث وجعلتنا لا نستمتع بما لدينا حتي وإن كثر لأننا نلهث من أجل مزيد قد لا نحتاجه لكننا اعتدنا على الجرى فى سباقات لا تنتهى ولا تُشبع فرمضان فرصة لنجد المعنى الذى نسيناه فى انشغالاتنا إنه شهر الإلتقاء بالمعنى والمضمون والأبقي وترك ماراثونات البحث عن المغانم التي نبحث عنها ولن تستمر معنا فالعام كله يجري ونجري جميعًا لهثًا خلفه، ليعوضنا رب العزة بشهر فيه كافة أنواع وألوان ودرجات علاج النفس البشرية من كل داء شهر (أوكازيون) للفوز برضي رب العزة فيه ليلة -نسأل الله أن نفوز بقيامها وأن يتقبلها منا- خيرًا من سنوات كثيرة ربما أكثر من أعمار الكثير منا فلو أدركنا معني وفائدة وفوائد وبركات ونفحات شهر رمضان لتمنينا من حبات قلوبنا أن تكون كل الشهور رمضان حتى تظل بركته تلازمنا ولا ننشغل عن عبادتنا ونتمسك دائما بأخلاقيات رمضان فعلينا مراجعة أنفسنا وأن نتمنى الخير لمن حولنا كما يفغل فينا رمضان حتي يعود ذلك علينا وعلى مجتمعنا فصلاح الأمم يبدأ بالنفس وأن نجعل من الشهر الكريم فرصة لصوم حقيقى ليس عن الطعام والشراب فقط بل عن كل ما يؤذى وأن نعامل الناس كما نأمل أن يعاملونا.
ولا ربط أبدًا بين تلك الأشياء وبين الشهر الفضيل فنصوم نحن المصريين فى شهر رمضان المبارك مع كافة المسلمين فى أنحاء المعمورة ولكن الطقوس والعادات المصاحبة لهذا الشهر الكريم في مصرنا يختلف ويتميز عن سائر البلاد والعباد وذلك منذ أن عرف المصريون صيام رمضان حيث دائمًا ما تهل علينا نسائم الشهر الفضيل ونحن فى أشد الحاجة إلى الراحة فى رحابه بعد عناء نعيشه كسباق طويل يستغرق 11 شهرًا نتوقف فيه لننهل من رحمات ونسمات هذا الشهر الذي تتجلي فيه الروحانيات والرحمات والتجليات الربانية، ولأنني كحضراتكم جميعًا نعشق مصرنا الغالية عشقًا تشبعنا به وكبر داخلنا ونمي وزاد وإزداد كما كبرنا فرمضاننا في مصر ليس فقط مناسبة أو شهرًا أو عيدًا دينيًا ولكنه مناسبة قومية ورمز بكل معنى الكلمة فرمضان فى مصر يعيشه المصريون جميعًا كالعادة نسيجًا واحدًا غير قابل للفصل سبيكة منصهرة في بعضها البعض مسلمين وأقباط يعيشونه معًا فالأقباط غالبًا ما يتناولون غذاءهم وقت إفطار المسلمين أو معهم فى الموائد والعزومات يمارسون معًا طقوس رمضان فتجد هذا القس يشارك في صكوك أطعام الصائمين في رمضان وذاك يشارك في تعليق الزينة والفوانيس وداخل الكنيسة نفسها والجيران من أقباط ومسلمون يتسابقون نحو التعاون في تزيين الشوارع والحارات بل وكنيسة تعد مائدة رحمن لإفطار الصائمين، ناهيك عن سهرات رمضان حتى الفجر التي يعيشها المسلمون والأقباط معًا، سواء فى بيوتهم أو خارجها، هذا هو رمضاننا في مصرنا رمضان بطعم الوطنية والحب والإخلاص لله ثم للوطن..... رمضان بريء مما يفعلون