رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب: ما أسهل ليلة القدر!

يُدهشك ما جاء في موطأ الإمام مالك عن سعيد بن المسيب أنه قال: "من شَهد العشاء من ليلة القدر، فقد أخذ بحظه منها".
وكأن فلسفة هذه الليلة المباركة عند السلف ليس بكثرة العمل بقدر ما في القلب من إخلاص وصدق مع الله تعالى، وإن كان الاجتهاد دليل على الصدق والإخلاص، فهنيئا لمن جمع بينهما، وهو ما ترجمه المصطفى صلى الله عليه وسلم من إحياء ليالي العشر، وشد المِئْزر، وإيقاظ الأهل، بل وتَوَرُّم القدم الشريف.
ولا يُشغب على كلام سعيد أنه من كلامه وأنه موقوف عليه؛ لأن مثل هذا لا يقال بالرأي، حتى ولو قيل بالرأي والظن، فهو من حسن الظن بالله تعالى، وفضل الله تعالى أعظم من ظن سعيد. 
ومن أهم الأعمال اليسيرة للفوز بليلة القدر:
1ـ حسن الظن بالله ودوام التطلع إلى فضل الكريم عز وجل الذي طالما أدهش القلوب وحير العقول، فلو أن ليلة القدر مثلا بيد أمك، فهل تبخل بها عنك؟! فكيف وهي بيد أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين تبارك وتعالى! الذي قال: "أنا عند ظن عبدي بي".
2ـ الإحسان في نهار الليالي العشر خاصة الليالي الوترية، فمن أحسن في نهاره كُوفئ في ليله، وأفضل الإحسان هو الإحسان إلى الوالدين؛ لأن رضا الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين؛ ولهذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم على من ضيع رمضان وضيع رضا الوالدين، فقال: "رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم ‌انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يُدْخلاه الجنة"، فما أيسر ليلة القدر! وما أسهلها! إنه في بيتك إنها قريبة منك، عند أبيك وعند أمك.
3ـ صفاء النفس، فلا ينال ليلة الصفاء إلا من صفى نفسه من الحقد والبغضاء والقطيعة، إذ كيف ينال ليلة الرحمة حاقد أو قاطع أو عاق وهو مطرود من رحمة الله، قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}[محمد: 22، 23].
4ـ الدعاء، فأفضل عبادة في أفضل ليلة، وأن يلهج القائمون بهذا الدعاء: "اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا"، فالدعاء من الكلم الطيب المقبول الذي يحبه الله تعالى، ويصعد إلى السماء مباشرة، قال تعالى: {إِلَيۡهِ ‌يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ}[فاطر: 10]، ودعاء الصائم مستجاب، ودعاء أهل الليل والسحر مستجاب، وكان السلف يدعون الله في ليلة القدر فلا يأتي رمضان القادم إلا وقد أعطاهم الله كل ما سألوا، ثم خَصِّص دعوة بظهر الغيب لبعض محبيك أن يفوز بليلة القدر؛ حتى يقول لك المَلك: آمين ولك بمثل.
5ـ تشجيع الأهل والأحباب والأصحاب على قيمها؛ للفوز بفضلها، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في هذه الليالي، فالدَّال على الخير كفاعله، ومن دعا إلى خير كان له مثل أجر فاعلة. 
وأخيراً هذه بعض علامات الحرص والإخلاص في طلب ليلة القدر، والتي بها وبغيرها من علامات الصدق كلُبس أحسن الثياب والتَّعطر والتبكير للمساجد، فاز الصادقون بخيرها قبل حلول وقتها، بل ربما يريد القائم ثواب ليلة قَدْر واحدة فقط، والله يريد أن يعطيه ألف ليلة قدر، فاللهم كرمك يا كريم.