الثقة هي حجر الأساس في العلاقات الإنسانية، سواء كانت شخصية أو مهنية...
الثقة تعنى الاعتقاد الراسخ في صدق ونزاهة وحسن نوايا الطرف الآخر، والاعتماد عليه دون خوف أو شك فيه..
وخيانة الثقة هى ...أصعب ما يواجه اى انسان محترم ..فخيانة الثقة. لا تأتى من ألاعداء بل هى خيانة الاحباب والاصدقاء وخذلان ممن وثق فيهم ..وغدر وخيانة من اطمأن إليه. والذى لم يكن يتصور يوما ان يأتيه الغدر او تأتيه الخيانة من جانبه..
وتعرف الخيانة بأنها نقض العهد وخيانة الأمانة.والثقة التى منحها اليك من إئتمنك ووثق فيك..
وكلما كان ذلك الشخص الخائن قريبا منك تكون الصدمة والخيبة اكبر ..ومن هنا كانت الخيانة الزوجية من التجارب الأكثر قسوة فى الحياة ..
الخيانة الزوجية..
---------------------
ليست خيانة واحدة ولكنها مجموعة من الخيانات المركبة بين شخصين بينهم ميثاق غليظ يجمعهم بيت واحد ..يأكلون ويشربون معا..قد يكون بينهما ابناء.. فهى خيانة للشرع ..خيانة العيش والملح ..خيانة الصحبة خيانة للابناء والاهل .....الخ .
كما أن الخيانة الزوجية تعنى عدم الوفاء بالحقوق الشرعية التي أوجبها الله ورتبها على الطرفين.وعدم الاستقرار العاطفي، وتنامي شعور الكراهية والحقد، والإحباط، والانطواء والعدوان
وإهمال الأبناء وتمردهم، وكثرة الخلافات، والانحرافات الأخلاقية والفكرية.وانتشار الأمراض بسبب العلاقات غير المشروعة، و عدم قيام الزوج بالنفقة الشرعية على الزوجة والأبناء، وانتشار الفقر وانتهاك الأعراض، وانحلال الروابط الأسرية، وانتشار الجريمة، واختلاط الأنساب.
لانها خيانة للرباط المقدس. بعد أن افضى كل منهما للآخر .يشير إلى ذلك قوله تعالى..﴿ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا ﴾..وخيانة لكلمة الله
فمن وصايا النبى صلى الله عليه وسلم ﴿ اتَّقوا اللهَ في النساءِ؛ فإنَّكم أخذتُموهنَّ بأمانةِ الله، واستحلَلْتُم فروجَهنَّ بكلمةِ الله﴾ وأيضا ضرب للاستقرار والمودة والرحمة وانهيار للسكن التى تبنى عليه الاسر والمجتمعات .يقول تعالى
ولخطورتها فانها صفة مذمومة عند الخالق وعند الخلق يقول تعالى: “إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ” (الأنفال: 58).
فالخيانة من أسوأ الصفات التي يمكن أن تكون في الإنسان، فمن يخون لا يؤتمن ولا يُثق به أحد بعد ذلك، فمن خان مرة فتسهُلَ عليه الخيانة مرة ومرة إلى مالا نهاية ..إلا إذا ادركته يد العناية الالهية..يقول تعالى ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)
وكان النبى يستعيذ من الخيانة الزوجية لانها شر مايبطنه الانسان فيقول :(اللهم إني أعوذ بك من الجوع؛ فإنَّه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة؛ فإنها بئست البطانة).
فالانسان عندما يتعامل بثقة يعنى انه يتعامل بصدق وأمانة والتزام بالكلمة والوعد والانضباط فى السلوك...وحسن نيه فى الطرف الاخر والاحترام والتقدير الكامل لمن يتعامل معه ..وحسن ظن به بأنه يبادله المحبة و تلك السلوكيات وحريص عليه ولذلك تأتى الصدمات والمحن ..عندما تكتشف ان الطرف الاخر لم يكن اهل للثقة وخان الامانة والعهد والكلمة والمشاعر الطيبة التى بذلها من اجله..
لذا الخيانة الزوجية التى قد يستسهلها البعض هى صدمة فى شريك العمر مغلفة بخيبة الأمل والألم.تخرب البيوت و..تدمر الأسر والمجتمعات و تسبب أمراض صحية ونفسية واجتماعية لمن يبتلى بها ..
ومن أضرار الخيانة الزوجية ايضا
-----------------------------
١- الغضب المفرط تحت تاثير الصدمة ...الذى يدفع للرغبة فى الانتقام ..تحت الشعور بالخجل والعار .. قد يصل إلى القتل و التصفية الجسدية...
٢- فقدان الثقة فى النفس واحترامه لذاته ويشعر بالدونيَّة والنقص وقد يشك فى اولاده من حيث نسبهم. او سوء تربيتهم من الطرف الآخر ...قبل ان يفقد الثقة فى الطرف الاخر.
٣- الإنحراف الأخلاقى واللجوء للخيانة، من باب الانتقام من الشريك الآخر؛وبدافع إثبات الذات مُجدَّدًا، وربما ندمًا على الإخلاص . او اللجوء للشرب والمسكرات هروبا من نفسه وقد يصل للانتحار كى يتخلص من الالم النفسى .. أو لخلق شعور دائم بالذنب لدى الشريك الخائن.
٤- الذى يتعرَّض للخيانة يصاب بحالة نفسية تجعله يرى ان الكل سواء رجال او نساء خائنون ...وهذا التعميم عائقًا كبيرًا في بِناء علاقة جديدة مستقبلية مع شريك آخر.
صور اخرى من الخيانة
--------------------------
١- ان يخون الانسان وطنه ومؤسسته والعمل المؤتمن عليه .والعهد الذى اقسم عليه.عند توليه مهام عمله
٢- من استؤمن على مال فسرقه فقد خان الأمانة، قال تعالى: “وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا” (آل عمران: 75).
٣- اختيار غير الأكفأ فى اى وظيفه او منصب او مهمة وفي الناس من هو أكفإ منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين قال ﷺ: “من استعمل رجلًا على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين”.
٤- خيانة المشورة بان تكون غير امين فى النصيحة ..فالناصح مؤتمن قال ﷺ: “من استشاره أخوه المسلم، فأشار عليه بغير رشد، فقد خانه”.
٥- خيانة الخطبة :فمن يخطب على خطبة صديقه فقد خانه. قال ﷺ: “لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك”.اقامة علاقات غير الشرعية مع الجنس الآخر دون علم شريك حياته يعتبر خائنًا.
حكم الخيانة...
-------------------
الخيانة حرام في الإسلام، وهي من صفات المنافقين. قال ﷺ: “آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان”
وللخيانة عقاب شديد في الدنيا والآخرة. في الآخرة، عقابها هو عذاب النار؛ قال ﷺ: “المكر والخديعة، والخيانة في النار”
يكفى أن يكون النبي ﷺ خصم الخائن ويتبرأ منه يوم القيامة، قال ﷺ: “من خان من ائتمنه فأنا خصمه” وقال: “من خان شريكا له فيما ائتمنه عليه واسترعاه له، فأنا بريء منه. .وجاء في الحديث القدسي: “يقول الله: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان؛ خرجت من بينهما”
ويعجل الله تعالى عقوبة الخيانة في الدنيا قبل الآخرة؛ لقوله ﷺ: “ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخره له في الآخرة من قطيعة الرحم، والخيانة، والكذب”
وهي تجر الفقر والفاقة في الدنيا؛ لقوله ﷺ: “الأمانة تجر الرزق والخيانة تجر الفقر
وفي المسيحية : الخيانة الزوجية من اي طرف تؤدي الى بطلان الزواج . في إنجيل متى ٥ : ٢٧) سمعتم أنّه قيل: "لا تزنِ"، فأمّا أنا فأقول لكم: من نظر إلى امرأةٍ بشهوة، زنى بها في قلبه. فإذا كانت عينُك اليُمنى سببَ عثْرةٍ لك، فاقْلعها وألقها عنك" .
وصايا لبناء الثقة فى المعاملات..
---------------------------------------
١- احرص على ان تكون محل ثقة من يتعامل معك لأن رحيل الثقة ، أصعب على النفس من رحيل الاشخاص .
٢- الثقة رداء يحيط بالانسان اذا مزق يصعب اعادة حياكته فالثقة حين تسقط ..لا ترمم أبداً ..الثقة كالحياة لا تُمنَح لنفس الشخص مرتين ! ..
٣- لا تجتمع الأمانة والخيانة في قلب إنسان لأنهما ضدان؛ قال النبي ﷺ: “لا يجتمع الإيمان والكفر في قلب أمرئ، ولا يجتمع الكذب والصدق جميعا، ولا تجتمع الخيانة والأمانة جميعا”.وقد استعاذ النبي ﷺ من الخيانة في دعائه: (اللهم إني أعوذ بك من الجوع، فإنه بئس الضجيع، ومن الخيانة، فإنها بئست البطانة)
لبناء علاقات اسرية مستقرة
--------------------------------
ان تعلم ان الزواج الذى شرعه الله عز وجل هو لقاء بين اثنين من البشر، يحمل كل منهما صفات مختلفة، بين الحسن والسيئ، الآمال والخيبات، القوة والضعف، فى إطار بشرى طبيعى، بعيدًا عن المثالية المبالغ فيها.
٢- لا تسعى للمثالية السعى ولا تطلبها او تتوقعها من الطرف التانى، لأن ذلك يحول العلاقة الزوجية لساحة محاسبة ويفقد العلاقة معناها الحقيقي.
٣- تجنب المقارنات سواء من ناحية الزوج او الزوجة .. لا فى الشكل ولا فى المهارات..ولا الرزق لان المقارنات لا تفيد و تدل على عدم الرضا وتخصم من رصيد المحبة .
٤- مراعاة اوقات الغضب او لحظات الضعف، والمرض خاصة للزوجة عندما تكون فى حالة استثنائية التى كتبها الله عليها (الحيض - النفاس - الحمل )
٥-الحرص على جبر الخواطر بين الطرفين خاصة فى المجاملات التى تخص اسرتيهما فان جبر الخواطر دليل على التقدير والمحبة وتزيدها
٦- الحوار الهادئ فى مناقشة ألامور والتعبير عن وجهة النظر ، ولا تجعل الغضب رخصة لاطلاق كلمات التجريح او الاهانة
٧- التوازن بين الرضا بما تملكون فهذا دليل القناعة بالحاضر والطموح لمستقبل افضل فهذا علامة على الحيوية ؤالامل فى غد أفضل لكما
٨-التعامل بوعى وأخذ بالأسباب لتحقيق حياة أفضل،بدون الضغط على شريك الحياة بمتطلبات وتوقعات غير واقعية".
٩- الحرص على التقدير والاحترام وان يكون كل طرف سند للطرف الاخر لا عبئا عليه ..
اللهم احفظ لنا بيوتنا واولادنا وذرياتنا وأحبتنا ..من الاحزان والهموم واصرف عنهم أصدقاء السوء وكل ما يؤلم قلوبهم...وهيّئ لهم أسباب النجاح والسعادة ، ، اللهم ارزقهم راحة البال والرضا واملأ حياتهم بالطمأنينة وبارك لهم في أرزاقهم وأوقاتهم وأبدانهم، اللهم اجعلهم من عبادك الصالحين وأسعدهم في الدارين.يارب العالمين ..
جمعة طيبة مباركة
ا.د / ابراهيم حسينى درويش
٢٠٢٥/٥/٢٣