رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب: الحج والغنى الحسي والمعنوي

الحج يمحوا الفقر ويجلب الغنى الحسي والمادي، قال ــ صلى الله عليه وسلم ــ: "تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر و‌الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد"؛ لأن الحجيج يرجعون من ضيافة الرحمن آمنين سالمين غانمين، وقد أعطاهم الكريم وأغناهم من فضله.
كذلك الحج سبب من أسباب الغنى المعنوي والغنى الإيماني والغنى بالله تعالى، حيث يتربى الحاج في الحج على الاستغناء بالله عن كل شيء، فيستغني الحاج أو المعتمر عن وطنه وبلده ولا يستغني عن الله، يستغني عن ماله ولا يستغني عن الله، يستغني عن أهله وولده ولا يستغني عن الله، يستغني عن راحته ونومه ولا يستغني عن الله، يلبَسُ الإحرام ويستغني عن ثيابه وملابسه ولا يستغني عن الله، يستغني عن شعره وطيبه وجماله ولا يستغني عن الله.
كما استغنى الخليل عليه السلام عن أبيه ولا يستغني عن الله، واستغنى عن زوجه ولا يستغني عن الله، واستغنى عن ابنه ولا يستغني عن الله، حتى أغناه الله تعالى بكرمه، وأعطاه من فضله، وجعله {أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[النحل: 120]، وجعله الله تعالى قدوة وأسوة للناس، قال الله تعالى:{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ}[الممتحنة: 4]، وأبقى الله ذكره وجعل له {لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [الشعراء: 84].
وعلى نهج الخليل عليه السلام سار النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يظهر فقره، واستغنائه بالله تعالى عن كل شيء بالقول تارة، فيدعوا ويكرر كلمات الافتقار ويقول: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين".

وبالفعل تارة أخرى فكان يستغني عن طعامه وشرابه ولا يستغني عن الله، ويواصل الصيام بالليل والنهار ويقول: "إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني" الإيمانيات والروحانيات فيستغني بهما عن الطعام والشراب، وكان صلى الله عليه وسلم يستغني حتى عن نومه، ويقول: "عيني تنامان ولا ينام قلبي"، فلما استغنى بالله أغناه الله وأعطاه من جوده وكرمه، كما قال الله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى}[الضحى: 8]، وجعله قدوة وأسوة كالخليل، كما قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: 21]، وأبقى الله ذكره وجعل له لسان صدق كالخليل عليه السلام.
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه … إذا قال المؤذن ‌في ‌الخمس ‌أشهد 
ويعلمنا صلى الله عليه وسلم دعاء الافتقار إلى الله والاستغناء بالله، وأن نقول دوماً:"اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك"
فليس الفقر هو قلة الفلوس، إنما الفقر الحقيقي هو الفقر الإيماني والروحي؛ وإلا لماذا تكثر حالات الانتحار في الدول الثرية والغنية؟ وليس الغنى عن كثرة العَرض أو الفلوس إنما الغنى غنى النفس بالله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[فاطر: 15]، وقد وعد الله الفقراء إليه بمزيد من الفضل والغنى، فقال تعالى: {وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة: 268].