تواجه المنطقة العربية تحديات معقدة فى سياق العلاقات الإقليمية والدولية، حيث تبرز مسألة التوازن الإستراتيجى كعنصر محورى فى هذه الأزمات.
إن إنهيار إيران ككيان مؤثر فى منطقة الشرق الأوسط، قد يبدو فى نظر البعض خيار بسيط، ولكنه يحمل فى طياته تداعيات وخيمة على إستقرار التوازن الإقليمى.
لقد أثبتت التجارب التاريخيه أن سقوط أى كيان قوى يؤدى إلى فراغ جيوسياسي يتيح لخصوم آخرين، مثل إسرائيل فرصة التوسع والنفوذ.
والأكثر إثارة للقلق هو إحتمال أن تجد بعض الدول العربية نفسها تعتمد على إسرائيل ليس فقط كقوة فى المنطقة، بل كخيار للأمن من وجهة نظرها، متجاهلين بذلك السياق التاريخى والثقافى الذى يعزز من قدرة إيران على التأثير والتوازن.
يطرح هذا السؤال المهم عن أى المعارك هى الأكثر قابلية للإدارة؟ مواجهة مع إيران، التى تملك أدوات ثقافية وتاريخيه وسياسية للتفاهم؛ أم صراع وجودى مع إسرائيل التى لا تعترف بحدود وتمتلك طموحات وعقائد توسعية قد تفوق تصور الأقرباء.
إن الحكمة تقتضى أن تتفهم دول المنطقة، أن الخطر الحقيقى ليس فى نفوذ إيران فقط، بل فى القوة الضاغطة التى تمثلها إسرائيل.
فعندما تُحاط هذه الأخيرة بتفاصيل الحياة اليومية، قد ينظر بعض السكان فى الدول المجاورة إلى إسرائيل كحامى لمصالحهم فى خضم الفوضى الهدامة.
إن صبغ النزاعات الإقليميه بصبغة مذهبية قد أسفر عن تفاقم الأحقاد، و أُنهك الأمن القومى للكثير من الدول العربية بسبب التوجهات الأحادية وتجسيد الصراع كصراع وجودي، بدلًا من رؤيته كصراع من أجل مصالح متبادلة.
ان أكبر الأخطاء الإستراتيجية تمثلت فى إغفال إمكانية التفاهم مع إيران كدولة لها ثقلها، والتى يمكن أن تُحتسب كعامل توازن فى وجه ما يعتبر تهديد حقيقى للأمة العربيه والإسلام.
إن التفكير بخطابات سياسية تتجاوز الإنفعالات يجب أن يكون سمة المرحلة المقبلة، فقد أصبحت الإدارة الرشيدة للعلاقات الإقليمية ضرورة ملحة، فالعقلانية تتطلب أن نُعيد التفكير في القضايا كما لو كانت إتفاقيات مستنده على سياسات قائمة على التعاون، بدل من تصعيد الصراعات التى لن تؤدى إلا إلى إستنزاف الإمكانات؛ يشكل إدراك الواقع الإقليمي، بما في ذلك القدرات الجيوسياسية لإيران، المحور الأساسى لخلق بيئة يستطيع فيها الجميع التعايش والإستقرار.
إن المستهدف هو إعادة صياغة الرؤى بما يسمح بفهم ديناميات المنطقة ككل، حيث إن مواردنا ورؤيتنا السياسية يجب أن تسعى إلى بناء علاقات تجعل من الإستقرار خيار واجب، وتجنبنا الإنزلاق نحو الصراعات التى تغذيها الأحقاد التاريخية.