رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
الأخبار العاجلة :
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الدكتور محمد سيد أحمد يكتب: ذكرى ٣٠ يونيو وسقوط جماعة الإخوان !!

مرت الأيام سريعة وتلاحقت الأحداث واليوم تحل الذكرى الثانية عشر لسقوط وانهيار جماعة الإخوان المسلمين في مصر بعد عام واحد فقط من وصولها لسدة الحكم الذي ظلت تحلم به لعقود طويلة، فالجماعة التي تأسست على يد الشاب حسن البنا في عام ١٩٢٨ باعتبارها جماعة دعوية، سرعان ما تحولت للعمل السياسي، وأسست تنظيماً مسلحاً سرياً، مارس العديد من عمليات الاغتيال، وقد حامت العديد من الشبهات حول البنا وجماعته منذ البداية، فهذا الشاب الذي ولد في ١٤ أكتوبر ١٩٠٦ اتهم بأنه عميلاً للمخابرات البريطانية، حيث تم اصطياده وتجنيده وهو معلم لغة عربية ودين لأطفال المرحلة الابتدائية بمدينة الإسماعيلية، وكانت في ذلك الوقت مدينة وميناء تحت سيطرة الشركة الفرنسية – البريطانية لقناة السويس، وكانت الشركة تمثل الإمبريالية العالمية في مصر، وقد مولت الإخوان وساعدت البنا في بناء أول مسجد للجماعة واعترف البنا بذلك في كتابه مذكرات الدعوة والداعية بأنه تلقى من البارون دي بنوا مدير شركة قناة السويس مبلغ 500 جنيه كتبرع لبناء المسجد، وكان ذلك هو أول تعاون بين البنا والانجليز الذين كانوا محتلين لمصر ويسرقون خيراتها ويذلون شعبها. 

ولم تتوقف علاقة البنا عند المستعمر البريطاني بل تواصل بشكل مباشر بعد ذلك مع الملك الفاسد فؤاد ومن بعده ابنه فاروق وكلاء بريطانيا في حكم مصر، وعندما قامت الحرب العالمية الثانية بدأ الإخوان في تشكيل الشبكة الدولية – التي تمددت الآن وأصبحت موجودة في أكثر من ثمانين دولة حول العالم – وقد استطاعت الجماعة من بناء تنظيم حديدي محكم خاصة وأن البنا كان مفتوناً بهتلر وموسوليني، وكان البنا قد وضع قواعد مشروعه على أساس استغلال الدين من أجل الوصول للسلطة، وإقامة دولة الخلافة الإسلامية التي انتهت في ١ نوفمبر ١٩٢٣، ثم قام مصطفى كمال أتاتورك ببناء الجمهورية التركية باعتبارها دولة علمانية حديثة، وهو ما أضر بمصالح بريطانيا التي كانت تريد الحفاظ على دولة الخلافة الضعيفة المتخلفة، لذلك وجدت ضالتها في هذا الشاب المصري البسيط وقامت بدعمه، لكن طموح الشاب مكنه من بناء تنظيمه وإقامة مشروعه، وظل يحلم بوصوله للسلطة، وباءت كل محاولاته بالفشل وقتل قبل تحقيق حلمه، وتولى من بعده تلاميذه السير على نهجه حيث السعي من خلال التنظيم والمشروع للوصول لسدة الحكم.

وتعرضت الجماعة خلال مسيرتها الطويلة لمحن كثيرة خاصة بعد مقتل البنا، لكنها تمكنت من عبور كل المحن بفضل صلابة التنظيم وقوته من ناحية، ومرونة المشروع الانتهازي القائم بالأساس على استغلال الدين من أجل الوصول للسلطة، وظلت الجماعة وبفضل تنظيمها الدولي محتفظة بعلاقات وثيقة مع القوى الإمبريالية العالمية وأجهزة استخباراتها في الخارج، ومهادنة السلطة السياسية وعقد الصفقات معها في الداخل، إلى أن قامت أحداث 25 يناير ٢٠١١ فقامت الجماعة بحشد كل امكاناتها التنظيمية السياسية والمادية والتسليحية والاستخباراتية والخطاب المتمسح بالدين، من أجل تنفيذ مشروع البنا الذى يهدف للوصول لسدة الحكم في مصر، ثم التمدد في باقي الدول لتحقيق حلم الخلافة، ونجحت المؤامرة وتمكنت الجماعة من الوصول للحكم في مصر، وشعروا أن حلم البنا في دولة الخلافة قد أصبح قاب قوسين أو أدنى، حيث المشروع الانتهازي، والتنظيم الحديدي، والسلطة في مصر مركز دولة الخلافة، والبقية تأتي فإحكام السيطرة على مصر سيسهل اكتمال المشروع، وأرسلت الجماعة مندوباً لها للقصر الرئاسي لإدارة شئون البلاد، ولم تكن الجماعة تعتقد أنها سوف تمر بمحنة جديدة بعد الوصول للحكم، فقد ظنت أنها قد بلعت مصر لكن ما لم تحسب له حساب هو كيف ستقوم بهضمها، فقد أثبت الشعب المصري أنه عصي على البلع وأنه شوكة في حلق النظام الانتهازي الإخواني الجديد، وبالفعل وقبل مرور عام على وصول الجماعة للحكم كانت قد استطاعت وبغباء شديد استعداء غالبية الشرائح والفئات والطبقات الاجتماعية داخل المجتمع المصري، وحاولوا أخونة كل مؤسسات الدولة، وفرض الهيمنة وممارسة الدكتاتورية على كل من يقف في طريقهم، وكما خرج الشعب المصري في 25 يناير فقد قرروا أن يعلنوا حالة التمرد على الإخوان ومندوبهم في القصر الرئاسي وحددوا يوم 30 يونيو ٢٠١٣ للإطاحة بهم من سدة الحكم، حتى يؤكدوا للعالم أجمع أن مصر عصية على البلع، حتى لو ظنوا أنها قد بلعت افتراضياً لكن هيهات أن يحدث ذلك واقعياً. 

وعندما جاءت اللحظة الفارقة في ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وضعت الجماعة أمام ثلاثة خيارات صعبة فهل تضحى بالسلطة، أم بالتنظيم، أم بالمشروع ؟ ولأن قادة الجماعة أغبياء فقد أضاعوا الفرصة وقرروا التضحية بالثلاثة معاً في عملية انتحارية لم يسبق لها مثيل في تاريخ التنظيمات السياسية، فالسلطة ضاعت تحت الضغط الشعبي وانحياز الجيش لشعبه كعادته دائما فلم يخضع لأى ابتزاز داخلي أو خارجي، أما التنظيم فقد بدأ في التفكك والانهيار بعد أن قرروا مواصلة التحريض على استخدام العنف ضد الشعب المصري ومؤسسات الدولة والمنشآت العسكرية، وأصبح الجميع مطلوباً للمثول أمام القضاء من أجل المحاكمة وكان مصيرهم السجن، خاصة وأن غالبية التهم المنسوبة إليهم ثابتة بالصوت والصورة والأدلة الدامغة، أما مشروع البنا فقد سقط أمام عيون الشعب المصري الذي خدع باسم الدين ووثق في هذه الجماعة التي أراقت دماء أبنائه من أجل السلطة، وحرضت على القتل، ودعت للتدخل الأجنبي بحجة الدفاع عن الشرعية ضد ما أطلقوا عليه الانقلاب العسكري، وبذلك انتهت اسطورة الإخوان المسلمين، وضاعت السلطة والتنظيم ومشروع البنا، وعلى الرغم من مرور عقد ونيف من الزمان على ذلك السقوط المدوي إلا أن هناك من لا زال يراهن على إحياء هذه الجماعة من جديد، فالقوى الإمبريالية العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية الراعي الرسمي للإرهاب في العالم لا زالت تدعمها، وتعول عليها باعتبارها أحد أهم أدواتها في تقسيم وتفتيت مجتمعاتنا من الداخل، لذلك فعلينا في ذكرى ٣٠ يونيو ٢٠١٣ أن نذكر الشعب المصري بتاريخ هذه الجماعة، وما ارتكبته من جرائم وإرهاب قبل وبعد السقوط، اللهم بلغت اللهم فاشهد. 

 بقلم / د. محمد سيد أحمد