رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
الأخبار العاجلة :
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب عن: الترحم على اللاعب البرتغالي ديوغو جوتا

توفي المهاجم البرتغالي (ديوغو جوتا)، نجم نادي ليفربول لكرة القدم، هو وشقيقه يوم الخميس‏3‏/7‏/2025م، إثر حادث سير في شمال غربي إسبانيا، وبعد هذا الحادث الأليم توجع لوفاته الجماهير الغفيرة ودعوا له وترحموا عليه، في الحين خرجت بعض التيارات المنتسبة للإسلام تمنع من الترحم عليه، بل تفسق وتأثم من يترحم عليه؛ لأنه مات في نظرهم على غير الإسلام، وبالتالي لا يجوز عندهم الترحم عليه، فهل هذا صحيح؟ وهل عِلة الترحم على الناس هي الإسلام أم أن علة الترحم هي المسالمة؟
ولو كانت علة الترحم هي الإسلام لما جاز الترحم إلا على المسلم فقط حتى ولو كان من الظالمين المعتدين، أما لو كانت علة الترحم هي المسالمة لجاز الترحم على كل أحد يُسالم الناس ولا يؤذيهم مهما كانت ديانته.
والصحيح أن علة الترحم هي المسالمة ويؤيد هذا عدة أدلة من أهمها:
1ـ ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من دعوات كثيرة لغير المسلمين، كما قال ابن مسعود: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء، ضربه قومه فَشَجُّوهُ وَأَدْمَوْهُ، فهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: "رب اغفر ‌لقومي ‌فإنهم ‌لا ‌يعلمون"، وهذا في المحاربين فكيف بالمسالمين، وجاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال: إن دوساً قد عَصَتْ وأَبَتْ فادْعُ الله عليهم، فاستقبل صلي الله عليه وسلم القِبلة ورفع يديه، فقال الناس: هلكوا، فقال: "‌اللهم ‌اهد ‌دوساً وائتِ بهم، ‌اللهم ‌اهد ‌دوساً وائت بهم".
2ـ ولما جُرِحَ النبي صلى الله عليه وسلم في معركة أُحد وقال: "كيف ‌يُفلح قوم شَجُّوا نبيهم؟" ودعا عليهم فعاتبه ربه عز وجل بقوله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}[آل عمران: 128], وهذا المنع من الدعاء عليهم في المحاربين فكيف بغيرهم. 
3ـ أن الله عز وجل قد رحم أبا طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم لدفاعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم أنه قد مات على غير الإسلام؛ لأن رحمة الله قد وسعت كل شيء، بل ورحم الله تعالى عمه أبا لهب حينما أعتق جاريته ثويبة التي بشرته بميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وخفف الله عنه بذلك العذاب بأن يُعْطى قطرة ماء كل يوم اثنين، وهذا مما قرره القرآن بصيغة العموم في قوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}[الزلزلة: 7]، وقوله تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ}[آل عمران: 115].
أما على قول مَن منع من الترحم على غير المسلمين فإنه يلزم منه الترحم على المسلم فقط، حتى ولو كان إرهابياً أو داعشياً يُكَفِّر المسلمين ويستحل دماءهم، وهذا مناف للدين والفطرة فكانت علة المنع من الدعاء لهم والترحم عليهم هي المحاربة وليس هو مجرد عدم اعتناق الإسلام فمَن سالمنا سالمناه ودعونا له بالرحمة، ومن عادنا عاديناه، ودعونا عليه بالنقمة، وعلى ذلك المنع يُحمل قوله تعالى في معركة: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[التوبة: 80]، وقوله تعالى في معركة أُحد: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}[آل عمران: 85]، فإن الآيتين نزلت في المحاربين.
أما قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}[النساء: 48]، فالمراد بها من مات على الشرك يقيناً، كفرعون وهامان وقارون وأبي جهل ولا علم عندنا ولا يقين أن فلاناً قد مات على الشرك، فكيف نحشر هذا اللاعب في زمرة المطرودين من رحمة الله بيقين.خلاص