قال د.وليد عبد الباسط، مدير الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية في منطقة آثار سمنود بالغربية، إن ما أدى إلى انهيار مئذنة مسجد سيدي سلامة التاريخي صباح اليوم، هو تأخر وزارة الأوقاف في صرف الاعتماد المالي اللازم للترميم، رغم المخاطبات المتكررة.
أضاف عبد الباسط أن آخر ترميم أُجري للمئذنة كان في عام 1992، ومنذ ذلك الحين لم تُجرَ أي أعمال صيانة، على الرغم من أن عدة دراسات فنية أجريت في السنوات الأخيرة، أكدت أن الجسم الإنشائي للمئذنة كان سليمًا، لكن قاعدتها كانت تعاني من تآكل شديد بسبب الرطوبة.
المنطقة الأثرية: خاطبنا الأوقاف دون رد
وأوضح أن المنطقة الأثرية خاطبت وزارة الأوقاف رسميًا في فبراير 2025، كما أرسلت تقارير فنية مصورة عام 2024، توضح الحالة الحرجة للمئذنة، نظرًا لأن المسجد يتبع الأوقاف إداريًا، وهي الجهة المخوّلة بإصدار الاعتماد المالي اللازم للترميم، إلا أن الوزارة لم تتخذ أي إجراء حتى وقوع الحادث.
وأوضح عبد الباسط أن أي إجراء كان يتطلب موافقة مالية من وزارة الأوقاف التي تأخرت في اتخاذ القرار، مؤكدًا أن الانهيار جاء نتيجة مباشرة لهذا التأخير، وانتظار وجود ممول لترميم المأذنة التاريخية.
تفاصيل الواقعة
وشهدت مدينة سمنود صباح اليوم حادثًا مأساويًا بعدما انهارت مئذنة مسجد سيدي سلامة بشكل مفاجئ، دون سابق إنذار، ما أسفر عن تحطم 3 سيارات، وعمودين للإنارة العامة، دون تسجيل أي إصابات بشرية، في واقعة أثارت الذهول بين أهالي المنطقة.
وسارعت قوات الحماية المدنية إلى موقع الحادث، حيث فرضت الأجهزة الأمنية كردونًا حول المسجد، وتم فصل التيار الكهربائي كإجراء احترازي، لحين الانتهاء من رفع الأنقاض والتأكد من سلامة باقي أجزاء المسجد.
فتح تحقيق عاجل
من جانبه، أصدر اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، توجيهاته بفتح تحقيق فوري وشامل لكشف ملابسات انهيار المئذنة، ومراجعة سجل الصيانة والترميم، لتحديد الجهة المسؤولة عن التأخير، مشددًا على أنه لن يُسمح بتكرار الإهمال في دور العبادة أو المنشآت الأثرية.
كما وجّه المحافظ بتشكيل لجنة فنية عاجلة من الإدارات الهندسية، لمعاينة المسجد بالكامل، وتقييم مدى تأثره بالانهيار، واتخاذ ما يلزم من إجراءات عاجلة للحفاظ على سلامة المواطنين والمصلين.
غضب الأهالي وتحذيرات تجاهلتها الأوقاف
وأثار الحادث غضبًا واسعًا بين سكان سمنود، الذين أكدوا أنهم لاحظوا في الشهور الأخيرة ميلًا واضحًا في المئذنة، مع ظهور شقوق في قاعدتها، وتقدم بعضهم بشكاوى للجهات المختصة، لكن دون أي تحرك ملموس، ووصف الأهالي المئذنة بأنها "رمز تراثي وديني" ظل شامخًا لعقود، مؤكدين أن ما جرى يُعد إهدارًا لقيمة تاريخية وثقافية لا تُعوَّض.
المئذنة تنهار... واللجنة الهندسية تبدأ التقييم
وتعمل حاليًا لجنة هندسية مشتركة تضم ممثلين عن الأوقاف والآثار والإدارة الهندسية بمجلس مدينة سمنود، على فحص وضع المسجد والمئذنة، وتقييم الأضرار الناتجة عن الانهيار، تمهيدًا لإعداد تقرير فني يُحدد مدى إمكانية ترميم المئذنة من عدمه.
تراث في خطر: مئذنة تعود لعقود تنهار بسبب الإهمال
ويُعد مسجد سيدي سلامة من أقدم المساجد في مدينة سمنود، ويرجع تأسيسه إلى العصور الإسلامية الأولى بحسب بعض الروايات، في حين تشير مصادر أخرى إلى إعادة ترميمه في العصر العثماني، وتُعد مئذنته من المعالم البارزة في المنطقة، حيث كان ارتفاعها يتجاوز 27 مترًا، قبل أن تسقط اليوم فجأة في مشهد أثار وخلف حزنًا بين أبناء المدينة.