سادت ثقافة اجتماعية في الاهتمام البالغ بالثانوية العامة والأزهرية من الفرح الشديد للناجحين، والحزن العميق للمتعثرين، ومهما تكن النتيجة، فينبغي لنا حفظ مشاعر أولادنا الطلاب، فالنتيجة ستُنسَى في يوم من الأيام، لكن لن يُنسى رد الفعل من الناس حيالها، فَرِفقاً بطلاب الثانوية.
فالمتعثر نواسيه، ونجبر بخاطره، ونُوقِفه على قدميه ليعاود الكَرَّة أقوى مما كان، وكم من متعثرٍ أصبح من أوائل المتفوقين، بسبب حسن التعامل معه، أما الناجح فنهنيه ونشاركه فرحته، ولو كان النبي وسلم حياً لهنئه وشاركه فرحته؛ لأنَّ السعيد والفرحان والناجح لا تتم سعادته ولا فرحته إلا بمشاركة أهله وأحبابه وأصحابه وجيرانه.
والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسأل يوماً أبيَّ بن كعب سؤالا عِلمياً عن أعظم آية في كتاب الله؟ فأجاب أبيّ وقال: آية الكرسي، فهنأه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على جوابه، وقال: "ليهنك العلم أبا المنذر".
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشارك المتزوجين أفراحهم وأعراسهم ويدعوا لهم بالخير والبركة، ويقول للعروسين: "بارك الله لك وبارك عليكما، وجمع بينكما في خير".
وشارك صلى الله عليه وسلم مرةً عروسين فرحتهما، وهنئهما، ودعا لهما بأجمل دعاء وقال:" اللهم صُبَّ عليهما الخير صَبًّا، ولا تجعل عيشها كدا كدا ".
حتى الأطفال الصغار النبي صلى الله عليه وسلم يجبر خاطرهم ويزيد من سعادتهم ويشاركهم فرحتهم، كما شارك فرحة طفلة صغيرة تُسمى أم خالد بثيابها الجديدة، حيث ألبسها صلى الله عليه وسلم بيده، وهنئها بها، وقال أبلي وأخلقي، ثم قال يا أم خالد هذا سناه وسناه أي حسن بالحبشية.
وفي فتح خيبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقدوم ابن عمِّهُ جعفر بن أبي طالب من الحبشة بعد غياب أكثر من سبع سنوات شارك النبي صلى الله عليه وسلم فرحته بالعودة بعد غياب طويل، وقال: "ما أدري بأيهما أفرح، بقدوم جعفر، أم بفتح خيبر؟"، ثم تلقاه واحتضنه وقَبَّل صلى الله عليه وسلم جبينه.
والملائكة تُشارك أهل الجنة وفرحتهم بدخول الجنة ويحيونهم بتحية السلام، كما قال الله تعالى عنهم: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}[الرعد: 23، 24]، فحاجة الفرحان والسعيد لجبر الخاطر لا تقل عن حاجة الحزين والمكروب لذلك.
وتأكيداً على أن المواقف الإنسانية الراقية لا تُنسى يقول كعب بن مالك رضي الله عنه وهو أحد الثلاثة لذين تخلفوا عن غزوة تبوك، وتاب الله تعالى عليهم، ودَوَّن القرآن الكريم توبتهم، يقول دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس حوله الناس فقام إلي طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يهرول حتى صافحني وهنأني، قال: والله لا أنساها لطلحة.
فشاركوا أحبابكم وهنئوا إخوانكم في أفراحهم ونجاحهم، واجبروا خاطرهم، فأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على إنسان، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.