رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب عن: خصائص الوقت

الوقت هو الثروة الهائلة التي وهبها الله تعالى لكل إنسان، والتي تستلزم حسن إدارتها وتنميتها واستثمارها، ويعين على ذلك معرفة خصائص الوقت وصفاته، والتي من أهمها: 
1ـ أنه أغلى ما يملكه الإنسان، ويظهر ذلك جلياً عند الموت؛ لأن الوقت هو أمنية الميت الوحيدة، قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ}[المؤمنون: 99]، فلا يعلم قيمة الوقت والحياة إلا من فقد الوقت والحياة؛ ولهذا لما مَرَّ النبي صلى الله عليه وسلم على قبر دفن حديثا فقال: "كعتان خفيفتان مما تحقرون وتنفلون يزيدهما هذا في عمله أحب إليه من بقية دنياكم".
ولقد أقسم الله تعالى بالوقت تعظيماً له في آياتٍ كثيرةٍ كقوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى}[الليل: 1، 2]، وقوله تعالي: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}[الضحى: 1، 2]، وقوله تعالي: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}[العصر: 1، 2]، وقوله تعالي: {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ}[الفجر: 1 - 2]. {وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ} [المدثر: 34]، ولا يقسم العظيم تبارك وتعالى إلا بعظيم، وسُميت أربع سور بأسماء الوقت تعظيماً له، وهي سور الفجر والليل والضحى والعصر.
2ـ أن الوقت قليل والعمر قصير
 ما الدهر إلا ليلة ويوم ... والعيش إلا يقظة ونوم
يعيش قوم ويموت قوم ... والدهر قاض مَا عَلَيْهِ لوم
ومتوسط أعمار هذه الأمة ما بين الستين إلى السبعين، ويوم القيامة يُقْسِمُ الناس، على قِصر الدنيا كلها من أولها لآخرها، قال تعالى: {وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقۡسِمُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ مَا ‌لَبِثُواْ غَيۡرَ سَاعَة}[الروم: 55]، وقال تعالى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}[النازعات: 46]، فالعاقل من يغتنم هذه الساعة للنجاة من النار، والفوز بالسعادة الأبدية الأخروية.
3ـ ما مضى من العمر لن يعود حتى يعو اللبن إلى الضرع والسهم إلى القوس، فقد يعود المال أو الصحة أو الولد، أما الماضي فيظل ماضياً جامداً لا يرجع أبدا، قال الحسن البصري ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي منادٍ: "يا ابن ادم أنا خلق جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني؛ فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة".
وحينما يتمنى الميت الرجعة للدنيا عند الموت، يُقال له: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}[المؤمنون: 100]، هو يوم الحساب والجزاء حينما يحاسب الإنسان على وقته مرتين مرة عن العُمر عامة، ومرة عن الشباب خاصة. 
ومن القصص الهادفة في هذا الإطار ما يُحْكى أن تاجراً وقد وقف في السوق ليبيع ثَلْجَه المُجَمَّد في قوالب، ولما أوشك السوق أن ينفض، ولا يشتري منه أحد، جعل يجري في السوق ويصرخ في الناس ويقول: ارحموا من يذوب رأس ماله، فاحذر أيها الإنسان أن يذوب عمرك ورأس مالك وأنت غافل لا تشعر، فتخسر خسارة عظيمة في يم الخسارة العظمى، وهو يوم التغابن، والذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "نِعْمَتَانِ مَغبونٌ فيهما كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ، وَالفَرَاغُ"، وفي القسم القرآني: {وَالْعَصْرِ(1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ(2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر: 1 - 3]، وخص وقت العصر بالذات، لأن عنده يكون قد انفض السوق، فربح فيه الرابحون وخسر فيه الخاسرون، وكذلك الحال يوم الفوز والخسارة يوم التغابن.