بداية يجب التأكيد على أن الدولة ،أي دولة، يجب عليها أن تستخدم جميع أدواتها بمنتهى الكفاءة و القوة خاصة و هي في مراحل النمو و الصعود
و بمناسبة الحوار الوطني يجب أن نلفت النظر لبعض الأمور حتى تضح الرؤية أمام الجميع في هذا التوقيت الحرج و الأزمة الاقتصادية تمسك برقاب الجميع
و الحادث في مصر أن كثير من أدوات الدولة معطلة بشكل شبه تام منذ ثورة يناير ٢٠١١ و ما تلاها من احداث وصولا لثورة يونيو ٢٠١٤
و سوف أتعرض هنا في عجالة لأداتين مهمتين من أدوات الدولة جرى تعطيل إحداهما كليا، فيما الثانية تم تعطيلها بشكل شبه تام
الأولى و هي المجالس المحلية التي توقفت تماما بعد حلها في أعقاب ثورة يناير..
و من المؤسف أن البعض رأى انه لا أهمية لتلك المجالس فرأى تأجيلها، و من تأجيل لتأجيل دخلت غياهب النسيان و اختفت
و غاب عن الجميع أن المجالس الشعيية المحلية هي الجناح الثاني للسلطة المحلية في البلاد ، بينما الجناح الثاني هو السلطة التنفيذية، و غاب عن فطنة الجميع أن الطائر لا يطير بجناح واحد، وظنت عناصر السلطة التنفيذية أن بوسعها الطيران بمفردها لو غيبت الجناح الثاني الممثل للشعب
السلطة الشعبية في المحليات كانت تمثل مصالح الناس من جهة و تصنع غطاءا من الحماية للمسؤول بترشيد قراره لمنعه من الخطأ و الانفراد بالرأي الذي يودي به للهلاك
و ربما كان من المهم وجود المجالس المحلية الشعبية في ظل مشروع ضخم مثل مشروع حياة كريمة تشهد إنفاقا مهولا ، كان أحوج ما يكون للتواجد الشعبي الرسمي للاختيار و الترشيد و الرقابة..
الأمر الثاني و هو الذي تعطل بشكل نسبي هو الصحافة الحرة و الإعلام الرشيد
فالصحافة الحرة و الإعلام المسؤول هما أدوات مهمة لأي دولة تسعى على طريق النهوض
فهما بمثابة أذان و عيون للسلطة تريها ما خفي عنها، و تسمعها أصوات الناس و تكشف لها الحقائق ، و تعطيها آراء متنوعة تمثل بيوت خبرة مجانية لها، فتضيء لها الطريق و تسلط لها الأضواء على المناطق المظلمة فلا يعشش فيها الفساد و لا ينام فيها الفاشلون
و هي أيضا لسان الدولة الذي تخاطب من خلاله الناس و تجمعهم حولها و حول مشاريعها القومية فيصدقونها و يلتفون حولها متمسكين بأمل حقيقي
و مع الأسف ارتاح المسؤول لتغييب الصحافة الحرة و ظن أنه سيكون بمنأىً عن “وجع الدماغ” ، و هو ظن واهم كسراب في الصحراء، فالصحافة بقت و ستبقى ، بينما المسئول طال زمنه او قصر سيمضي لحال سبيله، و لا يبقى منه سوى أثره الذي سيخلفه في مكانه، سواء كان سلبيا أم إيجابيا
و من المهم أيضا ان نؤكد أنه بدون حرية حقيقية و صحافة حرة لن يكون بوسع أحد أن يطلب من الناس أن تصدق ما يقال لها..
فالصحافة الحرة فقط يصدقها الناس لو امتدحت المسؤول وقراراته، لأنها كانت صادقة معه و تبحث عم الحقيقة و تدور معها أينما دارت..
و الله من وراء القصد وهو يهدي السبيل
الرأي العام