رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
الأخبار العاجلة :
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب عن: النظافة من الإيمان

تكلمنا في المقال السابق عن العطور الطيبة وأثرها الإيجابي على النفوس، وعلى العكس تماماً الرائحة العفنة الكريهة لها تأثيرها السلبي على النفوس، فإنها تسبب اشمئزاز القلوب وضيق الصدور, وإذا قويت ربما أصابت الإنسانَ بالغثاء أو الإغماء، كما أنها قد تتسبب في قطع العلاقات والنفور بين الأزواج والمحبين؛ ولهذا قالت المرأة العربية لابنتها وهي توصيها ليلة زفافها: فتفقدي موضع عينه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
كما حث صلى الله عليه وسلم على الاغتسال والتطيب في الجمع والجماعات والأعياد والأفراح والمناسبات، فقال: "مَن جاء إلى الجمعة فليغتسل، وليتسوك، وليمس من طيب أهله إن وجد"؛ لأن استعمال الطيب في هذه المناسبات يُريح النفوس ويعكس فرحة المتعطر واحتفائه بالمناسبة، والعكس تماما صحيح، كما نجنب المساجد كل ما يعكر صفو المصليين, ففي الحديث: "مَن أكل ثوماً أو بصلاً فلا يقربن مسجدنا فإنّ ‌الملائكة تتأذى ممّا يتاذى منه بنو آدم"، فالملائكة تحب الطيب والشياطين تنفر عنه، وأحب شيء إلى الشياطين الرائحة المنتنة الكريهة، فالأرواح الطيبة تحب الرائحة الطيبة، والأرواح الخبيثة تحب الرائحة الخبيثة، وكل روح تميل إلى ما يناسبها.
وتعمد إيذاء الناس بالرائحة الكريهة يجلب السخط واللعن من الله ومن الناس، كما في الحديث: "اتقوا ‌الملاعن ‌الثلاث: البَرَاز في الموارد، والظل، وقارعة الطريق"؛ لأنه أزعج الناس بالعفن والنتن.
أما عن جزاء وساخة الجسد والروح فعند خروج الروح تناديهم ملائكة العذاب: "أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سخط من الله وغضب، فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينتزع السُّفُّود من الصوف المبلول، فيأخذها، وتخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟! فيقولون: فلان بن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا..."
وعند القبر بعد ما يفشل الخبيث في إجابة أسئلة القبر، ويقول: هاه هاه لا أدري، فينادي مناد من السماء أن كذب فافرشوا له من النار، وافتحوا له بابا إلى النار، فيأتيه من ‌حرها ‌وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر، فيقول: أنا عملك الخبيث، فيقول: رب لا تقم الساعة "فالجزاء من جنس العمل والخبيثات للخبيثين والطيبات للطيبن.
ولهذا حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من قلة النظافة، وأن العفونة من أهم أسباب عذاب القبر فقال: "تنزّهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه".
وفي الآخرة يقول الله تعالى عن أهل الخبث: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ} [إبراهيم: 49، 50]، والقطران أسود اللون، منتن الريح، تدهن به جلودهم حتى يصير ذلك الدهان كالسربال؛ وهو القميص، فيحصل بسبب هذا الدهان: لذع القطران وحرقته، وإسراع النار في جلودهم، واللون العفن، ونتن الريح.
فشأن الطهارة والنظافة عظيم فطرة وشرعاً، فالطهور شَطْر الإيمان، والله يحب الطهارتين طهارة القلب بالتوبة وطهارة البدن بالوضوء والاغتسال، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة: 222].