رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
الأخبار العاجلة :
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب: الأخلاق عند قدماء المصريين (٤)

حكي القرآن الكريم عن إبادة حقيقية للأمم الوثنية وأهلها كقوم نوح عاد وثمود وفرعون وقوم لوط، ولكن لماذا بقيت الأمة المصرية إلى اليوم بتاريخها وحضارتها؟ والجواب أنها امتلكت عوامل البقاء كحب الوطن والوحدة والاجتماع وعبقرية المكان التي حباها الله به، ومن أهم العوامل البقاء هي الأخلاق، وصدق الله تعالى حيث قال: {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[الأعراف: 128]، وفي هذا المعنى يقول أحمد شوقي:
إنما ‌الأمم ‌الأخلاق ما بقيت … فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وقد توارث المصريون الأخلاق والشهامة والرجولة جيلاً بعد جيل من آبائهم وأجدادهم، حتى حفر القدماء قوانين الأخلاق على الجِدَاريات والبَرْديات، والتي جاء النبي صلى الله عليه وسلم لتكميلها وتتميمها وأحيائها وتجديدها فقال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، ومن هذه الأخلاق:
ـ السعي في نصرة المظلوم كما قال تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ...}[القصص: 20].
ـ رحمة الأطفال والضعفاء، كما قالت زوجة فرعون: {لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}[القصص: 9].
ـ الاعتذار والاعتراف بالذنب كما اعتذرت امرأت العزيز واعترفت بذنبها، واعتذر أخوة يوسف لأبيهم وأخيهم عن خطئهم، واعترف سحرة فرعون بسوء فعلهم.
ـ العفو والصفح عن المخطئين، كما عفا يوسف عليه السلام: {قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[يوسف: 92].
ـ قوانين ماعت الكثيرة والعظيمة التي تتضمن 42 مبدأ من المبادئ الأخلاقية، ومن أهمها:
أنا لم ارتكب خطيئة.    أنا لم أكذب.
أنا لم أسرق.  أنا لم ارتكب السرقة بالعنف.
أنا لم أسرق الطعام.   أنا لم أسرق أرض أحد.
أنا لم أتنصت.  أنا لم أقتل رجالا أو نساء.
أن لم أتسبب في دموع إنسان أو شقاء حيوان.
ولا أعذب نباتا لا أسقيه ماءاً.
أنا لم أشتم. أنا لم ارتكب الزنا.
أن لم أنظر إلى امرأة جاري   أنا لم أغوي زوجة أحد.
أنا لم أجعل أحدا يبكي.    أنا لم أعتدي على أحد.
أنا لم أتهم أحدا زورا.   أنا لم ألوث نفسي.
أنا لم أرهب أحدا.   أنا لم أخالف القانون.
أنا لم أهدد السلام.  أنا لم أتصرف على عجل أو بدون تفكير.
أنا لم أتدخل فيما لا يعنيني.   أنا لم ألوث الماء.
أنا لم أتحدث بغضب أو استعلاء.   أنا لم أضع نفسي موضع شبهات.
وأبعد من ذلك اهتم المصريون بمشاعر ذوي الهمم والاحتياجات الخاصة وعدم السخرية منهم، فقالوا: "لا تسخر من أعمى"، و"لا تستهزئ بأعرج"، وفي احترام كبار السن قالوا: "لا تسب من هو أكبر منك سنا، وإذا سبك فالتزم الصمت".
وفي الأخير هذه الأخلاق هي التي جعلت مصر منذ فجر التاريخ مدينة متحضرة وليست بدوية أو جاهلية؛ ولهذا أطلق عليها القرآن المدينة، فقال تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ...}[يوسف: 30]، وقال تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَامُوسَى...}[القصص: 20]، وليست العاصمة هي المدينة وحدها، بل كل أراضيها مدينة وحاضرة بذاتها؛ ولهذا جُمعت في القرآن، فقال تعالى: {قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ} [الأعراف: 111].